ثمة حدود لقدرة الإنسان على التحمل ترسمها الأمعاء وليس الذهن أو العضلات، وفقًا لعلماء.
“هذا يحدد عالم ما هو ممكن للبشر. ثمة حد أقصى لعدد السعرات الحرارية التي يمكن أن تمتصها أمعاؤنا يوميًا على نحو فعّال.”
أثبت باحثون أميركيون واسكتلنديون يدرسون أفرادا خاضوا أنشطة شاقة -من خوض ستة سباقات ماراثون أسبوعيًا إلى الحمل – أنّ كمية السعرات الحرارية التي يمكن للجسم امتصاصها يوميًا تحدّد المدى الأقصى للأداء البشري.
هذا الحد الأقصى يبلغ مرتين ونصف أكثر من معدّل الطاقة المستهلكة في وضع السكون؛ وعند تجاوزه يبدأ الجسم في تفكيك الدهون والعضلات والأنسجة الرابطة لتعويض النقص في السعرات الحرارية.
وقال الدكتور هيرمان بونتزر، عالم الأنثروبولوجيا التطورية بجامعة ديوك في ولاية نورث كارولينا: “هذا يحدد عالم ما هو ممكن للبشر. ثمة حد أقصى لعدد السعرات الحرارية التي يمكن أن تمتصها أمعاؤنا يوميًا على نحو فعّال.”
جمّع الفريق بيانات جديدة عن استهلاك الطاقة من سباق مراحل يمتد على مسافة 3080 ميلًا عبر الولايات المتحدة الأميركية ويستغرق خمسة أشهر. ووجد الباحثون أنّ استهلاك الرياضيين للطاقة كان مرتفعة في البداية، قبل أن يتقهقر ويستقر عند الحد الأقصى المذكور.
واستُخدمت عينات البول لقياس استهلاك السعرات الحرارية في بداية السباق في كاليفورنيا، ثم -بعد 20 أسبوعًا من الماراثونات المتتالية- بالقرب من واشنطن العاصمة.
ولاحظ الباحثون أنّ المتنافسين كانوا يحرقون يوميًا 600 وحدة حرارية أقل مما كان متوقعًا استنادا إلى سرعتهم الأولية.
ولو استمر المشاركون على معدل استهلاكهم الطاقة الأصلي، لما استطاعوا إكمال أكثر من نصف السباق.
وفي حين كان هذا أطول حدث قُيمت فيه البيانات الأيضية، فقد وجد الباحثون أنّ راكبي الدراجات في سباق “طواف فرنسا” Tour de France الصيفي، والعدائين في سباق الـ 100 ميل والمستكشفين الذين يعبرون القارة القطبية الجنوبية قد أظهروا “انخفاضاً” مماثلاً في استهلاك الطاقة لتصل كحد أقصى إلى مرتين ونصف المرة أكثر من معدل الأيض المستريح.
لم يكن هناك أي تأثير واضح لدرجة الحرارة، وقال الباحثون إن هذا “غير متوقع” لأن النظريات السابقة قد أوحت بأن الحد الأقصى لاستهلاك الطاقة في الجسم يتحدد بقدرته على تبديد الحرارة.
ووجد البحث أيضًا أنّ أجسام الأمهات الحوامل تحرق السعرات الحرارية تقريبًا بمعدل 2.5 مرتين حدا أقصى لاستهلاك الطاقة الذي سُجل لدى المشاركين في رياضات التحمل، ما يوحي بأن عتبة القدرة على التحمل مستقلّة عن العضلات أو الأعضاء المعنية.
“لقد طور البشر قدرات تحمُّل أكبر من القردة الأخرى، ويُعزى ذلك عادةً إلى اختيار زيادة النشاط البدني، لا سيما الركض لمسافات طويلة،” حسبما كتب معدّو الدراسة في مجلة Science Advances.
لكنّ رفع عتبة القدرة على التحمل قد يكون له أيضًا حسنات لإتاحته مدد حمل أطول أو أدمغة أكبر – تستهلك طاقة أكثر – مقارنة مع أسلافنا من القردة العليا.