إذا كنت لاجئا وتعيش في بلد أجنبي ولا يمكنك البقاء هناك، فقد تتمكن من الحصول على مساعدة لإعادة التوطين في بلد آخر كندا مثلا أو دولة أوروبية. لكن عدم توفير الحكومات أماكن كافية، فإن فرصة إعادة التوطين تكاد تكون معدومة، والحل؟ مبادرات خاصة للمساعدة على إعادة التوطين، ضمن شروط محددة تعرف عليها في هذا التقرير.
رغم من النداءات الدولية لتوفير طرق آمنة وقانونية من أجل تأمين الحماية للمحتاجين إليها، لا تزال إعادة التوطين متاحة فقط لأقل من واحد بالمائة من اللاجئين في جميع أنحاء العالم. وفي ظل عدم توفر أماكن كافية لإعادة التوطين من قبل الحكومات، تحاول أعداد متزايدة من مواطنين وجمعيات خيرية توفير أماكن رعاية خاصة للاجئين.
كيف تعمل برامج الرعاية الخاصة؟
برامج الرعاية الخاصة هي عبارة عن مبادرات من المجتمع المدني تشمل مواطنين أو جمعيات تخصص موارد من أجل عملية إعادة توطين اللاجئين، وهي تنشط إلى جانب برامج إعادة التوطين الحكومية. ويختلف مقدار ونوع الدعم الذي يقدمه الفرد أو المجموعة الخاصة، بحسب الدولة.
هناك الملايين حول العالم يرغبون في بذل المزيد من الجهد للمساعدة في الترحيب باللاجئين. الرعاية الخاصة هي طريقة مجربة لاشراك الأفراد والمنظمات المجتمعية والشركات من أجل المساهمة مباشرة في حماية اللاجئين. – جورج سوروس ، مؤسس جمعية مؤسسات المجتمع المفتوح
لفترة طويلة، كانت كندا هي الدولة الوحيدة التي لديها برنامج رعاية خاص. بدأت في أواخر سبعينيات القرن الماضي وقامت بإعادة توطين نحو 300 ألف لاجئ برعاية خاصة، بما في ذلك نحو 13 ألف سوري. حيث تم منح بعض هؤلاء الأشخاص منازل في الريف، حسب شونا جيمينيز المتطوعة من مدينة كولومبيا البريطانية.
تقول جيمينيز “العديد من هؤلاء الوافدين الجدد يقيمون في مدينة كولومبيا البريطانية الصغيرة منذ سنوات. بعضهم استوطن المكان بشكل نهائي وجعلوا من المدينة موطنهم، إنه أمر حيوي حيث يقيمون صداقات جديدة، ويتأقلمون مع الحياة في المجتمعات الريفية. لذلك أعتقد أن برامج إعادة التوطين تستطيع تحقيق نجاحات فعلية داخل المجتمع”.
بعد البداية الناجحة للبرنامج الكندي الخاص بإعادة التوطين، أطلقت دول أخرى بما في ذلك أستراليا ونيوزيلندا والأرجنتين ودول أوروبية برامج مشابهة.
بدأت برامج الرعاية الخاصة في أوروبا استجابة لأزمة اللاجئين السوريين والعراقيين وتزايدت منذ ذلك الحين. وبين عامي 2013 و 2018، دخل أكثر من 30 ألف شخص الاتحاد الأوروبي من خلال برامج الرعاية الخاصة، حيث تم قبول أكثر من ثلاثة أرباعهم في ألمانيا.
وفي شهر أيار/ مايو 2019، أطلقت ألمانيا برنامجًا تجريبيا جديدا يطلق عليه اسمNesTÄ” ” ويسمح لمجموعات من خمسة مواطنين على الأقل برعاية لاجئين ودفع إيجارهم وتقديم الدعم الاجتماعي لمساعدتهم من أجل أن يصبحوا جزءا من مجتمعهم الجديد.
أربعة أنواع رئيسية من الرعاية الخاصة في أوروبا:
الممرات الإنسانية: تتعاقد منظمات المجتمع المدني، وخاصة مجموعات مسيحية مع الحكومة من أجل رعاية الأشخاص من أجل دمجهم في نظام اللجوء الخاص فور وصولهم. وقد اعتمدت بلجيكا وإيطاليا وفرنسا هذا النموذج.
لم شمل الأسرة: اعتمدت ألمانيا وأيرلندا هذا النموذج، الذي يعتمد على الروابط العائلية مع بلد المقصود.
الرعاية المجتمعية: وهي متبعة في المملكة المتحدة والبرتغال حيث يتم جمع الأشخاص المحتاجين للحماية مع المنظمات المحلية والمجتمعية لدعم اندماجهم.
تدير جمهورية التشيك وسلوفاكيا وبولندا برامج مخصصة تعتمد على الشراكات بين الجماعات الدينية والحكومة لرعاية لاجئين مسيحيين.
من هو المؤهل للاستفادة من الرعاية الخاصة؟
بشكل عام، لكي تكون مؤهلاً للاستفادة من برنامج إعادة التوطين برعاية خاصة، يجب أن تكون غير قادر على العودة إلى بلدك وكذلك وجود عدم قدرة على مواصلة العيش في بلد اللجوء أو في بلد اللجوء الأول. وإذا انطبقت الشروط عليك، يمكنك قبول عرض دولة واحدة فقط، ويجب أن تقدم الطلب من خارج هذه الدولة.
في أوروبا، تشترط بعض الدول على اللاجئ أن ينضم إلى برامج تأهيل ورعاية خاصةـ كما تطلب دول أخرى من المستفيدين المحتملين من برامج الرعاية الخاصة الحصول على صفة لاجئ من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أو البلد الذي يعيشون فيه. فيما تقوم دول مثل فرنسا وإيطاليا، بتقييمها الخاص لحاجة الشخص للحماية.
فيما تستخدم برامج الرعاية في جمهورية التشيك وبولندا وسلوفاكيا الانتماء الديني كمعيار لتأهيل الشخص كي يستفيد من البرنامج. وهذا الأمر أثار جدلاً لأن النقاد قالوا إنه لم ينظر في الحاجة إلى الحماية الدولية. وعادة ما يتخذ مسؤولو الهجرة من الدولة التي تقدم إعادة التوطين القرار النهائي بشأن ما إذا كان مقدم الطلب يفي بالمعايير. وقد يستند قرار الأهلية إلى مقابلة ووثائق داعمة من مقدم الطلب والمجموعة الراعية.
ولقبول إعادة توطين اللاجئ، يتعين عليه اجتياز عدة فحوصات بما في ذلك الفحص الطبي. وفي بعض الأحيان، يتم تقييم مدى قدرة المتقدمين على الاندماج والتأقلم في البلد الجديد، ما يعني ما إذا كان بإمكانهم العمل وتعلم اللغة.
العلاقات الأسرية
معظم الدول الأوروبية لا تتطلب روابط أسرية موجودة مسبقًا داخل الدولة المقصودة. ولكن حتى عندما لا تكون الروابط العائلية ضرورية للرعاية، فمن الشائع أن يقوم الكفيل بتسمية أفراد الأسرة كمستفيدين في البرنامج.
لكن في ألمانيا وسويسرا تلعب العلاقات الأسرية دوراً هاماً، حيث كان أحد الأهداف الرئيسية لبرامج الرعاية الخاصة هو الحفاظ على وحدة الأسرة. إذ يمكن لمن يقدم الرعاية الخاصة تسمية أفراد الأسرة، بما في ذلك أقارب الأسرة الممتدة. ومكان هذا الأمر السوريون في ألمانيا الذين حصلوا على حماية في لم شمل الأسرة، وجلب أفراد عائلاتهم.
الرعاة
وعادة ما يكون الرعاة عبارة عن مجموعات، يوقعون اتفاقية مع سلطات الهجرة في البلاد. في كندا، يطلق على هؤلاء أصحاب اتفاقية الرعاية (SAH) وهم في الغالب منظمات دينية أو ثقافية أو إنسانية. كما يمكن للمجموعات المحلية الصغيرة أن تكون راعية أيضا.
في بعض البلدان، يمكن أيضا لعدة مواطنين (في كندا، خمسة أشخاص على الأقل) الترتيب لرعاية لاجئين. بعد ذلك يتصرف هؤلاء المواطنون ككفلاء طوال مدة الكفالة. وفي بعض الأحيان، يمكن للاجئين أنفسهم، بمجرد إعادة توطينهم، التقدم بطلب لرعاية أفراد أسرهم.
الحقوق والمسؤوليات
يختلف الوضع والحقوق الممنوحة للأشخاص الذين أعيد توطينهم من بلد إلى آخر. في كندا مثلا، المستفيدون المكفولون هم لاجئون معترف بهم، وعندما يصلون إلى بلد إعادة التوطين، يتم منحهم إقامة دائمة. وتمنح بعض الدول في أوروبا وضع الحماية للمستفيد، ما يعني أنه يتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها أي شخص يتمتع بالحماية الدولية، بينما في بلدان أخرى، يتمتع المستفيدون بوضع مساوٍ لطالبي اللجوء.
بمجرد وصول اللاجئ إلى بلد إعادة التوطين، يتحمل الكفيل بعض المسؤوليات، فيجب عليه مثلا توفير الإقامة، ولكن في كندا، فإن على الرعاة أن يغطوا أيضا تكاليف أخرى إضافية مثل الغذاء والنقل والأثاث والملابس والتسجيل المدرسي، وكذلك تكلفة التسجيل في دورات تعليم اللغة أو استشارات التوظيف. وتحتفظ الحكومات عموما بالمسؤولية عن الرعاية الصحية والتعليم والعمالة.
وعادة فإن الكفيل يكون مسؤولا عن اللاجئ لمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر وخمس سنوات. معظم البرامج تتطلب حوالي سنة إلى سنتين رعاية. في كندا، يكون الكفيل مسؤولا عن اللاجئين فترة تصل إلى 12 شهرا أو حتى يصبح اللاجئ مكتفيا ذاتيا، أيهما أقرب. عندما تنتهي مدة الكفالة، تنتقل مسؤولية اللاجئ إلى الدولة في الغالب.
بعض الحالات، يدفع الكفيل للاجئ تكاليف السفر والانتقال إلى بلد إعادة التوطين. في أستراليا على سبيل المثال، يدفع الكفلاء تكاليف سفر المتقدمين ورسوم طلب التأشيرة والفحص الطبي، وكذلك تكاليف الإقامة وغيرها من النفقات.
بينما في كندا، يكون متوقعا من الكفيل أن يدفع إلى مقدم الطلب تكاليف السفر ولكن بإمكانه التقدم بطلب للحصول على قرض، يتم سداده في غضون سنة وحتى ست سنوات.
ماريون ماكريغور/ علاء جمعة