خاض العراقيون حروبا كثيرة وطالتهم ازمات كبرى خلال العقود الخمسة الأخيرة، لكن ما جرى في حزيران من عام 2014 كان مختلفا، حينما هزمت أبواق السيارات أفواجا من المقاتلين، ثم هزمت صور انهيار القوات المسلحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي قلوب العراقيين حتى كادت أن تؤدي إلى كارثة، فيما يمكن ان يطلق عليها “نكسة حزيران ” جديدة، بعد حرب لـ4 ايام في 1967، وهذه المرة على يد “مجاميع مسلحة متطرفة”.
أربعة أيام كانت مدة النكسة الاولى للعرب، أدت إلى احتلال سيناء من قبل إسرائيل وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان, واستقال على إثرها جمال عبد الناصر, لكن نكسة 2014 التي كلفت العراق نحو 4 سنوات من القتال وملايين الضحايا وعشرات المليارات فضلا عن البنى التحتية في مدن كبرى، لم تكن كافية حتى اليوم لمحاسبة المقصرين والمسؤولين عنها.
لا يعرف أحد حتى سبب انسحاب القوات المسلحة ومئات الآلاف من عناصر القوات الأمنية من مواقعه، وسط تبادل الاتهامات بين القادة العسكريين والحكومة باصدار أوامر انسحاب، فيما لا تعدو وعود كشف المذنبين ومحاسبتهم استهلاكا اعلاميا لا تختلف كثيرا عن وعد رئيس الوزراء حينها نوري المالكي باستعادة الموصل خلال 24 ساعة.
وشكل البرلمان في مطلع عام 2015 لجنة للتحقيق في أسباب سقوط الموصل، تألفت من 20 نائبًا من مختلف الكتل السياسية، تولوا مهمة التحري عن أسباب سقوط المدينة وتحديد المذنبين، استمعوا خلالها إلى إفادات أبرز القادة العسكريين والأمنيين والسياسيين، لتنهي اللجنة عملها بعرض تقرير حملت فيه المسؤولية لـ36 سياسيا وعسكريا مسؤولية سقوط المدينة, الا ان نوري المالكي في اب من نفس العام, اعتبر انه “لا قيمة للنتيجة التي خرجت بها لجنة التحقيق البرلمانية حول سقوط الموصل”، وأن اللجنة “سيطرت عليها الخلافات السياسية وخرجت عن موضوعيتها”.
واعتبر أن “ما حصل في الموصل كان مؤامرة تم التخطيط لها في أنقرة ثم انتقلت المؤامرة إلى أربيل” عاصمة إقليم كردستان العراق. ومازال مجلس النواب في دوراته المختلفة منذ سقوط الموصل وحتى الان, ينظم جلسات استماع واستضافة لشخصيات عسكرية للتحقيق في اسباب سقوط المدينة, وكانت اخر تعهد أطلقه مجلس النواب في دورته الحالية بـ”احالة جميع المتهمين الذين وردت اسماؤهم في التقرير إلى القضاء”, في حين لم يتم استجواب رئيس اعلى سلطة في حينها نوري المالكي, والذي يرى معظم العراقيون انه المقصر الأول والمسؤول الرئيس عن “النكسة”.
ونفى رئيس مجلس النواب في الدورة السابقة سليم الجبوري في تصريحات سابقة, وجود نية للبرلمان استجواب المالكي, وبين في حينها ان استجواب اي مسؤول في الدولة العراقية يحدده القضاء فقط.