موازين القوى في عالم متعددة الأقطاب
إذا كانت ساحات المعارك والحروب الطاحنة بين الكبار غير كافية لتحقيق أهدافهم من اجل الهيمنة والقوة وإضعاف الخصوم، فان الحرب الاقتصادية لا تقل في ضراوتها في تدمير دول وانهيارها في مختلف الجوانب أنظمتها ، وجعلها في وضع يرثى له ، في فرض سياسته عليهم من احتكار السوق العالمية وفرض الضرائب والتقييد بشروطهم وقيودهم،وما يترب على هذه الدول إلا الدفع وشراء بضائعهم ومنتجاتهم من الدول التي تعيش تحت رحمة القوى العظمى، التي شعارها واحد تدمير الأمم والشعوب .
لم تقتصر المسالة عند هذا الحد ، بل تتدخل في شؤون الداخلية ، من خلال عدة وسائل كانت سبب أساسي في تأخر أو إعاقة حركة البناء والأعمار ، والتنمية الصناعية والزراعية والتجاري،والنهوض من جديد ، والاستفادة مواردها ،ومنعت دخول الشركات الأخرى من العمل أو الاستثمار في هذه البلدان المغلوب على أمرها ،بين قيود وشروط صارمة من الكبار، ووضع داخلي معقد للغاية ،ليكون حالها بين المجاعة والفقر،والاهم تحت سيطرتهم ورحمتهم إن وجدت، مع قتلة يستخدمون كل الطرق من اجل مصالحهم .
كما تقول الحكمة دوام هذا الحال من المحال في ظل هيمنة قوة استحوذت على السوق العالمية ،وتتحكم بمصير ملايين الشعوب ،ومواردها وخيراتها في حسابات الخاسروالرابح من الكبار،فلن ترحم صغيرا أو كبيرا، حرمت الشعوب من لقمة العيش الكريمة ، بينما شعوبها تعيش في ترف ورفاهية ، وهي نفسها من قتلت الشعوب سواء بأسلحتها أو من خلال تجويعها وحرمنها .
لتعود عجلة بعض الدول بقوة إلى الساحة الدولية وتكسر القيود المفروض عليها،لتشهد حركة نهضة وبناء وتقدم يشهد له الجميع ، صناعات حديثة في مختلف الجوانب ، كسرت هيمنة قوة نظرية القطب الواحد ، ليصبح السوق العالمية ساحات معارك بينهم لا يوجد طرف متحكم أو مسيطر عليها.
موازين القوى لأغلب الدول اليوم تعددت في الناحية الاقتصادية لسبين ، أولاأن معظم الدول طورت أساليبها وطرقها في الإنتاج والتصنيع لمختلف السلع والخدمات ، وحتى في مجال الزراعة نفس الأمر فلا نستغرب من وجود منتجات شتوية طول السنة والصيفية كذلك .
الأمر الثانية وهو الأهم البحث عن مصادر طاقات البديلة،حيث سعت الدول بكل طاقتها وسخرت مواردها للحصول على مصادر طاقة متنوعة، بعد الفحم والنفط والطاقة الشمسية والنووية وغيرها المعروف منها،وما تخفيه هذه الدول كان أعظم ,لتكون مصادر الطاقة متوفرة ومتاحة للجميع, فهي مصدر قوة لهم ولحلفائهم، لأننا في ظل حرب التحالفات الدولية .
وبذلك موازين القوى في عالم متعدد الأقطاب في الجانب الاقتصادي متاحة للكل وليست حكرا لأي طرف كما في سابق العهود ، والعالم سيشهد مفاجآت في القادم القريب قد تطيح في اقتصاديات دول عظمى حكمت العالم لسنوات طويلة ، وما نشهد اليوم خير دليل على كلامي، أمريكا وهي صاحبة أقوى اقتصاد في العالم تهدد وتتوعد الآخرين وتفرض ضرائب عليهم في الحديد والصلب لترفع أسعارها ، من اجل الهيمنة والنفوذ، لكن الدول الأخرى ردت بالمثل ،ولديها خيارات وبدائل أخرى , لأننا نعيش في علم متعدد الأقطاب .
ماهر ضياء محيي الدين