يُقدم الجيش الألماني المعدات والأسلحة والتدريب لتطوير المؤسسات الأمنية في الإقليم
كشف المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات عن حجم مساهمة الجيش والمؤسسات الأمنية الألمانية في شراكتها ودعمها لنظيرتها في إقليم كردستان العراق، مذكراً بأن المهام التي يقوم بها 150 جندياً ألمانياً في إقليم كردستان، في تدريب قوات البيشمركة الكردية للاستمرار في مكافحة الإرهاب، لا تزال مستمرة، من خلال التفويض المقدم من البرلمان الألماني، منذ ديسمبر (كانون الأول) 2017، بعدما أوقفت تلك المهمة لفترة قصيرة خلال أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته، بسبب الخشية مما قد يطرأ على إقليم كردستان من قلاقل، نتيجة استفتاء الاستقلال في الإقليم. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المهمة هي واحدة من مهام قليلة جداً للجيش الألماني خارج البلاد.
إلى جانب التدريب، يُقدم الجيش الألماني المعدات والأسلحة لتطوير المؤسسات الأمنية في الإقليم. كما أن وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين كانت قد افتتحت أوائل العام الماضي مستشفى خاصاً لمعالجة عناصر قوات البيشمركة الكردية، يُعنى أيضاً بتطوير مهارات القوات العسكرية الكردية في مجال الرعاية والإسعافات الأولية للجرحى أثناء المعارك. وتبلغ كلفة ما قدّمته الحكومة الألمانية حوالى 100 مليون يورو.
تفاصيل الدعم
تضمن التقرير الكثير من الإشارات إلى أشكال التعاون والمساعدة التي تُقدمها الحكومة الألمانية. فقد أسهم الجيش الألماني في تدريب 28 ضابطاً في قاعدة مونستير العسكرية شمال ألمانيا، ليتخرجوا متخصصين في مجال استطلاع وحدات العدو والحصول على المعلومات عبر الرادار والطائرات من دون طيار وتحليل المعلومات لاستخدامها. يضاف هؤلاء الضباط إلى حوالى 10 آلاف عنصر من مقاتلي البيشمركة الذين دربهم الجيش الألماني في إقليم كردستان العراق، وقدم لهم مساعدات عسكرية خاصة، قالت الحكومة الألمانية إنها غيرت التوازن بين البيشمركة وإرهابيي تنظيم “داعش”.
وكانت وزارة الدفاع الألمانية قد بدأت بتصدير الأسلحة إلى إقليم كردستان، اعتباراً من أغسطس (آب) 2016، سلمت خلال دفعتها الأولى أكثر من 70 طناً من الأسلحة الأكثر تطوراً، منها أكثر من 1500 بندقية و100 صاروخ يطلق من على الأكتاف وثلاث مركبات مدرعة. استمرت الدفعات منذ ذلك الحين حتى وصلت إلى 28 ألف قطعة سلاح، أُرسلت عبر 30 شاحنة، كانت تبلغ بمجموعها أكثر من 2000 طن من الأسلحة الفعالة، إلى جانب المهمة الدائمة لـ 150 جندياً ألمانياً يقومون بمهام التدريب.
حسابات ألمانية خاصة
لا يزال تنظيم “داعش” يشكل تحدياً أمنياً وعسكرياً خاصاً للدولة والأجهزة الألمانية، على الرغم من القضاء على غالبية أماكن سيطرته. فالأرقام الألمانية تشير إلى أن حوالى ألف ألماني التحقوا بـ “داعش” في كل من سوريا والعراق، بينهم أكثر من 200 امرأة، زاد عددهم بعد إنجابهن المئات من الأطفال خلال السنوات الست الماضية.
تواجه ألمانيا تحديات عدة تجاه هذه القضية، فالأجهزة الألمانية تخشى عودة الغالبية المطلقة من هؤلاء المقاتلين، وتأثير ذلك في الأحوال الأمنية في البلاد، خصوصاً ضمن الجاليات والجماعات التي ينتمون إليها.
كذلك تواجه الحكومة الألمانية صعوبة بالغة في مسألة إجراء محاكمات لهؤلاء المقاتلين، فهي لا تملك قاعدة البيانات والأدلة والمدعين، إضافة إلى تخوفها من استغلال المتهمين مرونة القوانين الألمانية، وما قد تمنحها من فرصة لهم للنجاة من تورطهم في الجرائم التي اقترفوها. وهي تسعى في سبيل ذلك إلى تطوير إمكانيات إقليم كردستان العراق الاستخبارية، ليتمكن من القبض على أكبر عدد منهم وجمع معلومات ودلائل واضحة عما اقترفوه، وربما في مرحلة لاحقة، محاكمتهم عبر محكمة خاصة.
وتواجه ألمانيا كذلك معضلة قانونية تجاه عشرات الأطفال الذين لا يملكون أي وثائق قانونية تحدد نسبهم، من أبناء الألمان والألمانيات الذين ذهبوا إلى مناطق “داعش”، فيما أشار تقرير سابق إلى استعدادات خاصة تبذلها الأجهزة الألمانية لمواجهة ذلك.
فقانون الأجهزة الاستخباراتية الألماني الذي أُقر عام 2016 سعى إلى توسيع صلاحيات الاستخبارات الألمانية، ليكون متاحاً لها اللجوء إلى التجسس في سبيل مكافحة الإرهاب والجريمة الإلكترونية ومواجهة تجارة البشر والمشاركة في المهام الاستخبارية السرية خارج حدود ألمانيا، بالتعاون مع الدول الحليفة.
دور الحكومة المركزية
يشكل الجهد الأمني والعسكري الألماني في إقليم كردستان العراق جزءًا مما تفعله مع الحكومة المركزية العراقية، إذ هناك أكثر من 800 جندي ألماني في مختلف مناطق العراق والأجهزة الألمانية تُعتبر من أكثر الجهات تعاوناً مع الحكومة المركزية العراقية. فالجهتان تعاونتا للغاية في مجال ملاحقة زوجات وأسر مقاتلي “داعش”، لجمع أكبر قدر من المعلومات عن شبكات التنظيم المُختلفة، داخل وخارج العراق.
كما تسعى الحكومة الألمانية إلى إيجاد توافق صعب بين متطلبات الحكومة المركزية التي تدعو إلى أن يكون التعاون الأمني والعسكري مع إقليم كردستان تحت رعايتها فحسب، باعتبارها قطاعات سيادية خاصة بالسلطة الاتحادية المركزية. كذلك، فإن حكومة الإقليم تشكو من توجهات الحكومة المركزية لاعتبار الإقليم منظومة غير موثوق بها، على الرغم من دستورية قوات البيشمركة والأجهزة الأمنية الكردية. فالحكومة الألمانية، كواحدة من الحكومات الأوروبية الثلاث الأكثر انخراطاً في منطقة الشرق الأوسط أمنياً، تخشى خسارة أي الجهتين، ما قد يؤثر في الجهود الأوروبية تجاه التعاون الأمني مع قوى الحكم في المنطقة.
ولألمانيا حساباتها الاستثنائية تجاه الأكراد، خصوصاً إقليم كردستان العراق، إذ تعتبر مؤسسة الاندماج الألمانية، الجالية الكردية في ألمانيا التي يبلغ عددها 600 ألف مواطن ألماني من أصل كردي، الأكثر حيوية وفاعلية واندماجاً بين الجاليات الأجنبية في البلاد، خصوصاً جاليات بُلدان منطقة الشرق الأوسط.
رستم محمود كاتب و صحافي
لأن الجميع قد تخلّوا عن الكورد , رغم حصة الأقليم المضاعفة من النازحين ، ذلك بسبب فشل كوردستان في إستقطاب الأصدقاء وشركاء المصير, وإعتمادهم على خداع الآخرين من الأعداء المخادعين