في يوم حافل مليء بالبهجة والسعادة على أرض كوردستان المقدسة احتفل شعبها الأبي بالعرس الديمقراطي الفريد في الشرق الأوسط، وذلك بتسليم رئاسة إقليم كوردستان بطريقة حضارية مثلى من خير سلف إلى خير خلف بسلاسة وسلام، التي لا نشاهد مثلها إلا في الديمقراطيات العريقة. وهكذا في هذه الأجواء الاحتفالية البهيجة لم تبخل السماء على مدينة أربيل هي الأخرى شاركت الشعب الكوردي في فرحه واحتفلت معه بطريقتها الخاصة، وذلك بهطول رذاذ المطر على أربيل العاصمة، التي عاشت في هذا اليوم السعيد جواً ربيعياً معتدلاً جعلت الطيور تغرد على أغصان الأشجار وهي تتنسم رائحة الزهور العطرة وكأنها تحتفل مع الشعب الكوردي المسالم بهذا اليوم المشهود الذي سيذكره التاريخ بحروف من نور.
كالعادة، بعد انقضاء شهر العسل يطلب الشارع الكوردستاني من الرئيس الجديد، الذي قضى 20 عاماً على رأس حكومة الإقليم وتعامل خلالها بكل ثقة وثبات مع دول العالم والمنظمات الدولية، واكتسب خبرة كبيرة في كيفية صنع القرار في أروقة المحافل الدولية وفي عواصم أصحاب القرار، فلذا أنه ملزم أن يبلور خطاباً كوردستانياً واضح المعالم للخارج والداخل حتى يعرف القاصي والداني أن هذا الشعب الجريح، الذي يعيش على أرض وطنه كوردستان لا يقل عن أي شعب آخر على هذا الكوكب أن لم يكن أعرقها على الإطلاق حسباً ونسبا، أنني أعني في جانب من هذا الخطاب، أن لا يذيل اسمه واسم وطنه بلاحقات غريبة فرضت عليه فرضاً ليست لها أية علاقة به كشعب كوردي وبوطنه كوردستان؟. وفق هذا الأمر الصادر من الشعب، يجب أن يكون هناك قانون يحاسب كل من يذكر نطقاً أو كتابة بخلاف الدستور الاتحادي الكورد ووطنه بلاحقة دخيلة غير كوردية وغير كوردستانية. مثال ذلك المترجم الذي ترجم كلمة إحدى القيادات العراقية التي ألقاها عند تنصيب “نێچیروان = Nechirvan” رئيساً للإقليم، أن الضيف العراقي قال في سياق كلمته: إقليم كوردستان. دون لاحقة العراق. المترجم الأرعن ترجمه إلى “كوردستانى عێراق” بلا شك أن هذا المترجم الغبي شخص ممسوخ، وإلا لم يذكر القيادي العراقي في كلمته اسم العراق كلاحقة لكوردستان، واستخرج المترجم أيضاً من خزين غبائه ياء نسب وذيل بها اسم كوردستان؟؟!!.
بالنسبة لرئيس مجلس وزراء إقليم كوردستان الجديد “مسرور مسعود مصطفى” الذي تبوأ منصب رئاسة الجهاز الأمني في الإقليم لعدة أعوام. يأمل منه الشعب الكوردي أن يكون ناجحاً ومتمكناً في منصبه الجديد كما نجح رجل المخابرات الروسي في سدة الحكم في روسيا الاتحادية “فلاديمير بوتين” الذي نقل روسيا من مرحلة الانهيار الاقتصادي الكبير إلى دولة صناعية كبيرة وتحتل اليوم المرتبة الثالثة بين الدول صاحبة أكبر احتياطيات للنقد الأجنبي في العالم، وهكذا نجح “بوتين” نجاحاً باهراً في عدة مجالات أخرى كالصحة والتعليم والزراعة والصناعة الخ. كما أن الأستاذ “مسرور مسعود” هو الآخر له تاريخ مشرف في مضمار عمله، وحاصل على شهادة جامعية من إحدى الجامعات المرموقة، بالإضافة إلى الإمكانيات الأكاديمية التي يتمتع بها أنه يجيد عدة لغات أجنبية، علاوة على لغته الكوردية يجيد الإنجليزية والعربية والفارسية. كلنا ثقة بأن رئيس الحكومة بالتعاون مع رئيس الإقليم والأحزاب الكوردستانية الوطنية سيتمكنون معاً من القيام بدور رائد في صياغة واقع جديد مشرف لشعب كوردستان، ويحققوا له المزيد من المكاسب على الصعيدين القومي الكوردي والوطني الكوردستاني.
فيما يخص وضع الإقليم الداخلي، يجب أن تتوحد قوات البيشمركه (پێشمەرگە= Peshmerge) تحت راية جيش كوردستاني واحد، ومن يقف ضد هذا التوحيد بلا أدنى شك أنه كائن من يكون، هو خائن للشعب والوطن، وهذه خيانة عظمى لا تمحى قط ستلصق به وبأنساله كلطخة عار أبد الدهر. وهكذا أيضاً يجب أن تنتشر سلطة حكومة إقليم كوردستان بأية طريقة كانت على كافة أراضي الإقليم من زاخو إلى آخر نقطة في محافظتي سليمانية وحلبجة. كفى هذا التشرذم الجغرافي وتقزيم وتشذي الشعب الكوردي الذي لا يخدم إلا أعداء الكورد ومحتلي كوردستان. يتحتم على الجميع أن يعرف جيداً، أن التعلق بالشرعية الحزبية والتبجح بنضال الجبل والتمسك بأهداب الماضي قد انتهى في يوم العاشر من حزيران 2019 وبدأت الشرعية الوطنية وإطارها الجامع الشامل هو حكومة إقليم كوردستان التي جاءت بإرادة الشعب من خلال صناديق الاقتراع. ليعلم كل من يتجرأ ويجتر كالأعوام التي مضت: إذا حكومة إقليم كوردستان لا تستمع إلينا أو لا تمنحنا بعض الامتيازات على حساب الشعب الكوردي لا ندع سلطتها تعبر قرية “دێگەڵە = Degele“. يجب على الشعب الكوردي الأبي، أن لا يسمح لهؤلاء سليلي الخيانة كي يتاجروا بمصيره كيفما يشاؤون، تارة يرتمون في أحضان حكام طهران محتلي شرق كوردستان، وتارة يرتمون في أحضان حكام بغداد محتلي نصف مساحة جنوب كوردستان وينفذون مخططاتهم الجهنمية، وفي النهاية الشعب الكوردي الجريح هو الذي يدفع الثمن غاليا.
فيما يخص العلاقة بين بغداد وأربيل، هناك عدة أمور ومحاور هامة مهملة تنفيذها عمداً من جانب بغداد، لكن الآن وصلت إلى نهايتها ولا تحتمل التأخير والمماطلة أكثر من ذلك، وعلى رأسها المادة 140 التي قبل تطبيقها تحتم على الحكومة العراقية الاتحادية أن تعيد جميع المستوطنين العرب في جميع المناطق المتنازعة عليها إلى المناطق والمدن التي استقدمتهم منها الأنظمة العروبية العنصرية المتعاقبة على دست السلطة في العراق وآخرهم وأشرسهم نظام حزب البعث المجرم. إما ما يقع على عاتق القيادات الكوردستانية التي استسلمت عند كتابة الدستور عام 2005 لإرادة الأشياع وقبلت بالمادة 58 التي انتقلت إلى المادة 140 وذلك بإجراء استفتاء على أراضي كوردستان المغتصبة يجب عليها أن تعلم جيداً أن الشعب الكوردي في عموم كوردستان لا يغتفر لها عند تطبيق المادة المذكورة إلا في حالة واحدة فقط وهي عودة جميع المناطق المستقطعة من كوردستان التي وضعت تحت اسم تلك المادة.. المذكورة إلى حضن الوطن الأم كوردستان. وعلى الحكومة العراقية برئاسة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ (عادل عبد المهدي) “أبو أمل” أن يسرع بتطبيق مواد الدستور المهملة وخاصة المادة 140 لأن خلال الأعوام المنصرمة التي جاوزت التاريخ المحدد لتطبيقها جرت اعتداءات وجرائم عديدة من قبل المستوطنين العرب ضد حياة وممتلكات أهل المنطقة الأصلاء وهم الكورد في تلك المناطق الكوردستانية المغتصبة من قبل العراق بدءاً من بدرة مروراً بكل المناطق والمدن والقرى التي تقع بينها وبين شنگاڵ (سنجار).
كمواطن كوردستاني، الذي حز في نفسي شاهدت بعد تنصيب “نێچیروان” رئيساً للإقليم ما جرى في برلمان كوردستان، حيث أن أعضاءً في البرلمان المذكور من كتلة الحزب الفائز تحولوا إلى فرقة طرب ورقص..!! لا يا إخوان ما هكذا يكون العضو البرلماني، حتى لو كان الفائز حزبه أو شخصاً ما في حزبه وسيتصدر المنصب الأول في الإقليم. في ظل النظام الديمقراطي يجب أن لا يفرق عضو البرلمان من الذي في الحكم خلال الدورة البرلمانية ربما يقدم حزبك مشروعاً للبرلمان لكنه في نظرك لا يصلح للمجتمع، فعليه يمكنك أن تقف نداً له وتصطف مع المعارضة وتصوت ضده خدمة للكورد وكوردستان. هذه هي الديمقراطية الحقيقية، لا أن يتحول النائب.. إلى مطرب شعبي تحت قبة البرلمان فرحاً بفوز ولي نعمته ورئيس الكتلة وبقية الأعضاء يصفقون له!!. يجب على هؤلاء.. أن يعلموا جيداً، وأني أعلم أنهم يعلمون، أن للبرلمان عملان يقوم بهما فقط 1- تشريع القوانين. 2- مراقبة الحكومة. إن كان حزب الذي ينتمي إليه عضو البرلمان في الحكم أو حزب آخر يجب أن يراقب أعماله ساعة بساعة، أن أخطأ وزير ما أو شخص رئيس مجلس الوزراء يدعى إلى البرلمان ويستجوبه ربما يسحب منه الثقة وتسقط حكومته. هذا هو عمل عضو البرلمان الوفي لأصوات ناخبيه، لا أن يتحول إلى راقص فرحاً بفوز حزبه بالرئاسة ويقوم بهز الوسط والدق والرقص تحت قبة أعز ما يملكه الشعب إلا وهو البرلمان.
لا ديمقراطية دون محاسبة، وإلا انكفأ الأخيار وتمادى الأشرار. (ألكسي دو تو كفيل)