موضوع التسير والتخيير يشغل بال الناس، لكن الحمير ارتاحوا من التفكير فيه، فقد أقروا بأنهم مسيرون لا مخيرون، يتبعون قول وفعل مولاهم أينما حلَّ أو نزل، لكنهم استراحوا وما أراحوا فقد أُبتلينا بهم وأُبتلوا بنا(والله يستر من تاليها).
أقبل (زعيبل) وإتخذ لهُ مكاناً في المقهى، ثُمَّ طلب الإركيلة الخاصة بهِ، وبلمح البصر تنفذت جميع طلباتهِ، وجميع من جلس في المقهى يباشر بقول: الله بالخير مولانا؛ مؤدياً ذلك وقوفاً، رافعاً يدهُ مطأطأً رأسهُ.
عَمِلَ (زعيبل) في الجوبة(سوق بيع المواشي)، ولم يُكمل دراستهُ الإبتدائية، إلا أنهُ كما يقولون: ألهمهُ الله علم الأولين والأخرين! وذلك على يد العالم الأوحد، فريد عصره عبد الرحمن(وأسم الشهرة رعراع)، حيثُ الأخير هو مساعد القطب الاوحد والعالم الجهبذ، قائد أحد الكتل السياسية في البرلمان الزنكَلاديشي(وكافي لهنا لأن راح تنلاص عليه).
وبدأ مولاهم زعيبل بشرح الوضع الدولي والإقليمي للحاضرين في المقهى(1)، وتحليل المواقف السياسية المترتبة على الازمات التي تحيط بالدول(في المنطقة والعالم)، بناءً على الإطروحة السياسية التي قدمها رئيس الكتلة ومولاهم الأعلى؛ فقام أحد الحضور(لأن كولشي ما أفتهموا من الخريط مالته ولتدارك الموقف) منادياً: يا مولانا سير سير وإحنا جنودك لا تقصير؛ فقال الأخر: لا شروح ولا تفسير أنت التأمر وأحنا نغير(الأصح حمير)؛ لينهيها مهوالهم بأهزوجة: بس أشر نمحيها أمريكا بس أشر، والحمير يرددون: نمحيها أمريكا!(ليكون زعيبل بطل قصة القضاء على أمريكا وهو جالس في المقهى)
هؤلاء الحمير المتأثرين بالشعارات تجدهم مهتمون بكل القضايا الاقليمية والعالمية، متجاهلين مصيبتهم وعيشة البهائم التي يعيشونها، يركضون وراء أوثانهم من السياسيين وغيرهم، الذين يعيشون كالملوك(عايشين براس الحمير عيشة هارون الرشيد)، ما زالوا يؤمنون بالخزعبلات أو المنشورات المفبركة(حصان يرقص، صخلة توذن، جني يلعب طوبة)، يجعلون من مقولة( ساعة لكَلبكـَ وساعة لربك) أية قرآنية! ومن زعيبل(الي ما يندل غير الجوبة) إماماً مفترض الطاعة!
بقي شئ…
هؤلاء جاء وصفهم بدقةٍ في القرآن🙁وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (169) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171))2
1 المتعارف أن مثل هؤلاء يلقون خطبهم وتوجيهاتهم في الجامع ولكن بما أن الشباب عزفت عن الذهاب الجوامع، لحقوا بهم إلى المقاهي وفق قاعدة: التعامل بروح شبابية
2 سورة البقرة