الشركات الأمنية الخاصة في العراق.. ما أعدادها وأهدافها؟

.

ملف قديم يرجع تاريخه إلى عام 2003 وهو عام الغزو الأمريكي للبلاد وعام دخول الشركات الأمنية الخاصة للعمل فيه، إذ ومع تصريح عدد من النواب والمسؤولين عن عمل هذ الشركات وسعيهم إلى إعادة النظر في القانون الذي ينظم عملها، يتهم البعض هذه الشركات بأنها أذرع لجهات مخابراتية هدفها جمع المعلومات وتنفيذ عمليات نوعية عند الحاجة.

أسئلة كثيرة تطرح عن أعداد هذه الشركات وأهدافها وكيف يتم ترخيصها؟ وما هي المحافظات التي تشهد انتشارا كبيرا لها؟

انتشار الشركات داخل العراق

تنتشر عشرات الشركات الأمنية في العراق، ويتمركز مناطق تواجدها في محافظات بغداد والبصرة وأربيل ويتركز عملها في حماية بعض كبار الشخصيات فضلا عن البعثات الدبلوماسية والشركات النفطية.

وبحسب ما صرح به الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء “سعد معن” في حديثه لوكالة “يقين” فإن هذه الشركات تتواجد بصورة رسمية وإن وزارة الداخلية لديها ملف متكامل عن كل شركة أمنية عاملة في العراق، لافتا إلى أن جميع الشركات الأمنية العاملة في البلاد مرخصة.

“هناك عشرات الشركات الأمنية المحلية، قد أسسها بعض المسؤولين والقريبين من الأحزاب الحاكمة”

وعن أعداد هذه الشركات المنتشرة في البلاد، أضاف معن أن هناك العديد من الشركات الأمنية في البلاد، لكن نشر أعداد تلك الشركات في وسائل الاعلام لن يضفي أي فائدة، إذ أن تواجدها جاء بناء على اتفاقيات وعقود مشروطة مع العراق، فضلا عن أن غالبيتها تتعامل مع البعثات الدبلوماسية والفرق الدولية كالأمم المتحدة وغيرها وذلك بغية تأمينها.

إلا أن تقارير صحفية نشرت مؤخرا واطلعت عليها وكالة “يقين” تشير إلى أن أعداد هذه الشركات لا تقل عن 60 شركة، فضلا عن أن وزارة الداخلية لا زالت ترخص مزيدا شركات أمنية وبصورة مستمرة.

وتتعدد جنسيات الشركات الأمنية في العراق وتبعيتها، إذ أن هناك العديد من الشركات الامريكية مثل شركة ايجيس ديفينس ودين كورب وشركة (SOC-SMG) واجيليتي لوجيستك وعشرات غيرها وهي بالمطلق شركات أمريكية لها انتشار كبير في العراق وبعض دول الخليج من خلال المكاتب الاقليمية لها.

وفي هذا الصدد يقول الخبير في مجال الأمن والضابط في الجيش العراقي السابق “إبراهيم الحديدي” في حديثه لوكالة “يقين” إن غالبية الشركات الأمنية التي تعمل في العراق هي أمريكية الجنسية أولا ثم تأتي بريطانيا في المرتبة الثانية وبفارق كبير.

ويضيف الحديدي أن عمل هذه الشركات يتمحور في حماية البعثات الدبلوماسية والشركات النفطية وبعض المسؤولين الذين لا يثقون بالمواكب أو القوات الأمنية المحلية، لافتا إلى أن طبيعة عمل هذه الشركات يتسم بالسرية المطلقة وعدم معرفة أي جهة حكومية بالأنشطة الخفية التي تقوم بها.

“سبب انتشار الشركات في بغداد؛ ضعف الأجهزة الامنية وعدم خبرتها في التعامل مع أمن البعثات الدولية”

مشاكل عديدة تلك التي سببتها وتسببها الشركات الأمنية، إذ يكشف الحديدي في حديثه عن أن هناك اعتداءات كبيرة تحصل في بعض المنشآت التي تتولى حمايتها الشركات الأمنية، لافتا إلى أن السبب الرئيس وراء حديث بعض البرلمانيين عن عمل هذه الشركات، هو اكتشاف تهريب للبشر يحدث في قاعدة بلد الجوية والتي يتولى مسؤولية الامن فيها شركة أمنية أمريكية.

وعما إذا كان هناك شركات أمنية محلية، أكد أن هناك عشرات الشركات الأمنية المحلية، التي كان قد أسسها بعض المسؤولين والقريبين من الأحزاب الحاكمة، موضحا أن عمل هذه الشركات يتمثل في تقديم المشورة الأمنية والحماية لبعض المنشآت الأمنية المحلية.

رفض برلماني وشعبي

يتصاعد الرفض لعمل الشركات الأمنية في البلاد، إذ يقول النائب وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية “نايف الشمري” إن عمل الشركات الأمنية يتركز في العاصمة بغداد، عازيا سبب انتشار تلك الشركات في العاصمة إلى ضعف الأجهزة الامنية وعدم خبرتها في التعامل مع أمن البعثات الدبلوماسية والفرق الدولية.

وأضاف في حديثه لوكالة “يقين” عن استغرابه الكبير من احجام وزارة الداخلية عن الافصاح عن أعداد الشركات الامنية المرخصة في البلاد، إذ ينص الفصل الثاني من قانون الشركات الامنية على عدم جواز مباشرة الشركة الامنية الخاصة نشاطها من دون الحصول على الترخيص.

وعن مدى فاعلية القانون الذي ينظم عمل الشركات الأمنية في البلاد، يؤكد النايف أن مجموعة كبيرة من النواب في صدد دراسة مشروع تعديل للقانون الحالي للحد من منح وزارة الداخلية مزيدا من التراخيص لشركات لا تزال عليها مؤشرات أمنية وتجسسية كبيرة، بحسبه.

“رفض وزارة الداخلية البوح بالاعداد الحقيقية للشركات الامنية الاجنبية في البلاد، يدل على أن أعدادها كبيرة”

ويختتم النايف حديثه لوكالتنا بالقول إنه وعلى الرغم من أن قانون الشركات الأمنية في البلاد ينص في مادته الثانية على أنه لا يجوز ترخيص شركات أمنية أجنبية إلا في حالات الضرورة القصوى، إلا أن اغلب الشركات الامنية هي أجنبية أو تتخفى خلف شركات أمنية مسجلة على أنها عراقية.

وفي الصعيد ذاته، أقر عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان “كريم المحمداوي” بأن جميع الشركات الأمنية العاملة في البلاد مرتبطة بمخابرات دول أجنبية، مؤكدا أن وجودها أحد أكبر وأعقد الاخطار التي يواجهها العراق.

وفي تصريح صحفي تابعته وكالة “يقين” لفت المحمداوي إلى أن الشركات الأمنية تجمع أدق التفاصيل عن الشركات النفطية في البصرة، فضلا عن أدق التفاصيل الأمنية في البلاد.

مخاوف من توسع عمل الشركات

تزداد مخاوف العراقيين من عودة عمل كثير من الشركات الأمنية الاجنبية في البلاد، إذ كشف تقرير أميركي في نيسان/ أبريل الماضي عن وجود شركة امنية صينية في العراق مؤسسها هو “ايريك برنس” صاحب شركة “بلاك ووتر” المحظورة منذ عام 2008 إثر قتلها 14 مواطنا عراقيا في بغداد عام2007.

ليس هذا فحسب إذ يخشى العراقيون أيضا من عودة انتشار أرتال هذه الشركات في الطرقات والاماكن العامة، وهو ما صرح به أستاذ العلوم السياسية “خالد صديق” الذي يرى أن وضع البلاد وتدهور الوضع الأمني في بعض مدنه، ألجأ البعض إلى الاعتماد على الشركات الأمنية الأجنبية من أجل توفير الحماية.

وأوضح صديق في حديثه لوكالة “يقين” أن رفض وزارة الداخلية البوح بالاعداد الحقيقية للشركات الامنية الاجنبية في البلاد، يدل على أن أعدادها كبيرة، وأن هناك مزيدا من الترخيص، لافتا إلى أن العراقيين وعند مشاهدتهم لارتال هذه الشركات يستذكرون أفعال شركة بلاك ووتر الأمريكية في بغداد واستهتارها بأرواح العراقيين.

يستمر عمل الشركات الأمنية في العراق ويبدو أن وزارة الداخلية متجهة نحو مزيد من الترخيص، في الوقت الذي تلجأ فيه الفرق الدولية والبعثات الدبلوماسية والمسؤولون للتعاقد معها، رغم أن الحكومة تنفق مليارات الدولارات على الاجهزة الأمنية وتجريبها وتسليحها والتي يبدو أن لا زالت تفتقر الموثوقية.