تاجر غني يعيش في أحد المدن ألمت به نازلة فخسر كل ما لديه.
وكان له أصدقاء أغنياء فذهب إليهم فردوه فبقي أعزهم على قلبه.
وكان يحسن الظن فيه فاتجه إلى منزله وكان لدى صاحبه قصور وخدم كثير وعندما وصل استأذن للدخول إليه فتعجب الخدم وقالوا : نخبره!
فذهب أحدهم إليه وقال: هناك من يدعي أنه صاحبك يقال له فلان ولكن ثيابه متسخة و يبدو عليه الفقر.
فقال : قولوا له إني لا أستقبل أحداً.
عاد هذا الرجل حزيناً وهو يفكر بما حدث غير مصدق أن الكل تركه وتخلى عنده حتى أقرب الناس إليه.
وبينما هو يمشي في الطريق إذ لاقاه تاجران فسألاه عن رجل.
فقال : نعم ، وهو أبي!
فقالوا: أين نجده؟
فقال : لقد مات.
فقالوا: له عندنا أمانة وبما أنه قد توفي فخذ أنت واستلم الأمانة.
فأعطوه كيسآ مملوءآ بالجواهر.
فاحتار الرجل في الكيس حيث أن مدينته تجارة الجواهر فيها قليلة وأسعار الجواهر متدنية.
وفي اليوم التالي إذ بإمرأة عجوز تسأله إذا كان يعرف تاجر مجوهرات
فقال: انا عندي فأي الجواهر تريدين؟
قالت: اي شيء من الأحجار الكريمة يفي بالغرض.
فعرض عليها الكيس فأخذته على شكل دفعات وبمبالغ ضخمة .
فتحسنت أحواله وعاد أحسن مما كان عليه سابقآ.
فتذكر صاحبه السابق الذي رفض حتى استقباله ورؤيته، فأرسل إليه بيتين من الشعر:
صَحِبت قوماً لئاماً لا وفاء لهم
يدعون بين الورى بالمكر والحيل
كانوا يجلونني مذ كنت ربّ غنى
وحين أفلست عدوني من الجّهل
ووصل البيتين لصاحبه فرد عليه بثلاثة ابيات جميلة جداً:
أما الثلاثة وافوك من قبلي
ولم تكن سببآ إلا من الحيل
أما من ابتاعت المرجان والدتي
وأنت أنت أخي بل منتهى أملي
وما طردناك من بخل ومن قلل
لكن عليك خشينا وقفة الخجل.
نعم صديقه من ساعده، ومن كثر حبه له،
لم يرض أن يقابله حتى لا يشعره بالخجل وهو في حالة رثّة وبثياب متسخة.