إن الممثل (الفنان) والمغني العربي، من خلال الأموال التي يغدقها عليه الحاكم العربي الجائر، والامتيازات المتنوعة السخية التي يمنحها له دون حسيب أو رقيب يهجر مشاعره الإنسانية، ويصبح مجرد آلة (روبوت) في أيدي السلطة الحاكمة، تديرها وتوجهها على الرقعة الجغرافية التي تتسلط عليها بالحديد والنار كيفما تشاء، وذلك من خلال الأغاني والأناشيد والأفلام والمسلسلات التي يقدمها للجمهور ويلمع بها وجه النظام القروسطي القبيح الملطخ بدماء الأبرياء. تماماً، كأنه عبارة عن إنسان آلي فاقد الإحساس والشعور لكل ما يقوم به ذلك النظام العروبي الدموي أمام نظره من جرائم مرعبة يندى لها جبين الإنسان. بل الأدهى وأمر من كل هذه الأفعال المنافية للقانون والأخلاق، أنه من خلال الأدوار التي يقوم بها في أفلامه ومسلسلاته ومسرحياته أو القصائد الصفراء التي يؤديها في أغانيه وأناشيده.. خدمة لوي نعمته يقوم بتحريض الجماهير البسيطة ضد الشعوب المضطهَدة، للأسف الشديد، انضم في الآونة الأخيرة إلى قائمة هؤلاء.. رواديد وشيوخ المنابر الحسينية، الذين تحولوا من مداحين للحسين إلى أبواق سياسية للسلطة الشيعية الرجعية الحاكمة في بغداد، وذلك بتجييش وتحريض الشيعة البسطاء في المجالس الحسينية ضد الشعب الكوردي الجريح، في غضون هذه الفترة الزمنية التي يستحوذون بها على مشاعر وأحاسيس الحضور بكل جوارحهم يخرجون من دائرة سرد المآسي الحسينية بطريقة ذكية لا يشعروا بها مستمعيهم، عندها يقومون بحشو كلامهم بمفردات سياسية تحريضية كما يُطلب منهم من خلف الكواليس، تارة ضد الشيوعيين ووصفهم بالكفرة، وتارة ضد العلمانيين ووصفهم بأقذع الأوصاف، وتارة يقومون بتشويه الشعب الكوردي المسالم وإخراجه من دائرة الجنس البشري، وتحريف مطالبته بحقوقه المشروعة العادلة كشعب عريق قائم بذاته يعيش على تراب وطنه منذ آلاف السنين ويتمتع بجميع مقومات تأسيس الدولة العصرية أسوة بدول العالم.
حتى على مستوى اللقاءات التلفزيونية، ترى هؤلاء المشار إليهم أعلاه، لا يختلفون في أقوالهم في تلك اللقاءات.. عن أي شرطي أمن أو عميل رخيص للنظام العفن الذي يملي كروشهم بالسحت. من هؤلاء الأوباش شخص ممسوخ يدعى دريد لحام شهرته الفنية “غوار الطوشي” سؤل ذات يوم في لقاء تلفزيوني عن الهوية القومية للفنان الكوردي (عبد الرحمان آل رشي) بأنه شخص كوردي، رد الممسوخ غوار بطريقة سخيفة ينم عن الحقد والكره الذي يملأ رأسه: أنا ما بعرف أنه كوردي، أنا بعرف أنه سوري. أتلاحظ عزيزي القارئ العنصرية التي تجري على لسان هذا المخلوق غير الأرضي، لا يريد يقول عن زميله الذي لقبه كوردي “آل رشي” بأنه مواطن كوردي،ينتمي للشعب الكوردي، مع أن هذا الطوشي.. اشتهر في تمثيله بارتدائه الزي الكوردي؟. يا للعجب، إن كان هذا أخلاق فنانهم الذي يجب أن يكون رقيقاً في كل شيء فكيف بسياسييهم أو رجل الشارع عندهم؟؟!!.
طبعاً أن غالبية الممثلين والمطربين العراقيين خارج المعادلة، لأنهم كانوا عبارة عن جوقة طبالة وأراجوزات يغنون ويرقصون ليل نهار دون أن تعرق جبينهم: “شراع صارنه البعث واحنه السفينة” يمدحون اللعين صدام حسين وحزبه المجرم حزب البعث العربي. أتذكر أحدهم يدعى بهجت الجبوري الآن يقيم في أمريكا (الكافرة) وصف في مسلسل “ذئاب الليل” قوى الثورة الكوردستانية والمعارضة العراقية بالكلاب السائبة، كان المسلسل من تأليف الكويتب صباح عطوان وعرض في زمن المجرم صدام حسين. من اللقطات التشويهية للتاريخ الذي يثير الاشمئزاز ما قام به الفنان العراقي باسم القهار في مسلسل “فرقة ناجي عطا الله” في الحلقة (26) حين تجاوز على التاريخ بطريقة غبية وسخيفة و وصف بغرض غير نزيه رأس تمثال جوديا (گودیا) السومري بأنه لأمير بابلي؟ قد لا يعرف أحد من القراء لماذا حرف كاتب المسلسلة الجدع المصري يوسف معاطي الكلام الذي دار في هذا المشهد، بكل بساطة لأن السومريين كانوا من الجنس الآري جنس غير سامي لا يمت بصلة إلى العرب، بينما البابليون يقال عنهم أنهم من الجنس السامي من نفس الجنس العربي. وشخص آخر من الزبانية يدعى صباح اللامي اجتر قائلاً: لي الشرف غنيت لصدام حسين وحين قاطعه المحاور: إن صدام احتل الكويت. سرعان ما غير الموجة قائلاً: إن دخول الكويت كان خطأ من صدام. أتلاحظ عزيزي القارئ، أراجوز يحاول أن يلعب بالكلمات، احتلال الكويت يسميه دخول الكويت، والجرائم التي قام بها صدام حسين في الكويت ضد شعبها يسميها خطأ ما وقع فيه؟ كأن المجرم صدام حسين أراد أن يقوم بعمل إنساني للكويتيين لكنه أخطأ في الحسابات إبان تنفيذ عمله الخيري لهم؟!. ماذا نقول لمخلوق انتهازي رخيص مثل هذا.. لا ذمة ولا ضمير؟ كأن شخصاً ما في أوروبا يأتي اليوم ويقول لي الشرف غنيت لهتلر أو موسوليني، هل يمر كلامه في الدول الغربية التي هي مركز الديمقراطية في العالم دون عقاب، رغم أن ما قام به هتلر يعتبر لا شيء إذا قورنت مستوى بشاعتها بجرائم صدام حسين. لكن ماذا نقول، هؤلاء هم العرب في كل الأزمنة يناصرون الظالم على المظلوم، ويقفون مع الباطل ضد الحق، تماماً، كما نراهم اليوم في كركوك وبقية مناطق الكوردية المغتصبة عربياً لا يريدون العودة إلى ديارهم التي جاء ويجيء بهم منها السلطات العراقية المجرمة منذ تأسيس هذا الكيان المصطنع عام 1920 وحتى يومنا هذا.
لكي أكون دقيقاً فيما أقول، ينبغي علي أن أشير هنا إلى أولئك الفنانين والمغنين الكورد، الذين يمثلون الأفلام والمسلسلات ويغنون ويؤدون الأناشيد باللغة العربية ويقيمون في البلدان العربية، يجب عليهم أن يعترفوا في لقاءاتهم مع وسائل الإعلام بانتمائهم القومي الكوردي والوطني الكوردستاني، وإلا لا يختلفون بشيء عن أولئك الأراجوزات المشار إليهم أعلاه؟ ليسوا سوى مرتزقة في خدمة الحاكم العربي. أتذكر أحدهم كان يغني اسمه صلاح عبد الغفور في لقاء تلفزيوني في إحدى الدول الخليجية خاطب جمهوره: نحن العرب.. . مع أنه كوردي من ناحية “خسروآباد” تابعة لقضاء خانقين، المستعربة من قبل العرب إلى سعدية، نسبة للغازي العربي سعد بن أبي وقاص. شاء القدر أن يموت صلاح بحادث سير في مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان ودفن فيها؟. وكذلك غالبية الممثلين في سوريا من الكورد، إلا أن غالبيتهم لا تعترف في لقاءاتها مع الإعلام أنهم كورد، أن هؤلاء إناثاً وذكوراً أشد خسة ونذالة وانحطاطاً من الممثلين العرب، الذين يمجدون الديكتاتوريات العربية المجرمة. لأن هؤلاء الممسوخون يتنكرون لشعبهم الكوردي ووطنهم كوردستان خوفاً على الامتيازات التي يتمتعون بها والعطاءات التي تغدقها عليهم السلطة الحاكمة هناك، إلا أنهم كالمرتزقة الذين يرتمون في أحضان أعداء شعوبهم لا يحصدوا سوى لعنة الشعب والتاريخ.
“لا فرق بين خيانة الضمير وخيانة الواقع إلّا التنفيذ“