–عرف عن الحزب الشيوعي العراقي بأنه مدرسة نضالية كبيرة بين ابناء شعبنا وعموم الأحزاب السياسية سواء بداخل البلد أو خارجه . هذه السمعة لم تأت من فراغ وأنما جاءت بسبب مواقف الحزب السياسية في الكثير من المجالات وبأوقات زمنية مختلفة وتحمل نتيجتها الملاحقة والأضطهاد والسجون والنفي والقتل حتى بات يعرف بأسم حزب الشهداء بسبب كثرة شهدائه .هؤلاء الشهداء الذين وهبوا حياتهم دفاعأ عن القيم والمبادئ النبيلة التي حملوها بين ضلوعهم ولم يقبلوا التخلي عنها حتى وهم يواجهون الموت حتى باتت الأجيال تتغنى بمواقف هؤلاء .كم يتذكر الجميع وللأبد موقف الرفيق فهد وهو يعتلي المشنقة ويردد الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق ،يوم بصق (تفل ) الشهيد سلام عادل بوجه جلاديه الذين خيروه بين الموت والتنكر لمبادئ الحزب رغم أنه كان بأشد حالات التعذيب ،يوم أحرقت نفسها الشهيدة أم ذكرى لكي لا تسلم نفسها لعصابات الأمن البعثية ،يوم أطلق فؤاد يلدا الرصاصة على نفسه لكي لا يعتقلوه قطعان البعث ،يوم نطق أكثر من رفيق بأخر كلمة له ،أبنكم باعته الدنيا وما باع أو أبعثوا سلامي لرفاقي وحزبي وأنا لم أخن الأمانة .هذه كانت مدرسة الأبطال هكذا تعلمنا منها الدروس الأولى للشجاعة وعدم الخوف من المحن وكلنا نعلم يوم أنتمينا لهذا الحزب بأننا من الممكن أن نلقى هذا المصير في يوم ما .
*ماذا يحدث اليوم ولماذا تغيب هذه الروح عنا وعن سياستنا هذه الأيام؟
–دخل الحزب في تحالف سائرون بعد أن تغيرت سياسته بشكل يدعو للأستغراب منذ سقوط الصنم وأصبحت سياسة مهادنة لا تحمل النفس الثوري الذي تميز به الحزب في مواقفه من الأحداث السياسية التي تحدث بالبلد مما أثر بشكل جلي على موقع الحزب في الخارطة السياسية العراقية وأصبح رقمأ هامشيأ بها بعد أن كان لاعبأ اساسيأ.
–قيادة الحزب في الطروحات التي ساقتها لتبرير دخولها لهذا التحالف ذكرت المبررات التالية :
*التيار الصدري لدينا مشتركات كثيرة معه وتتعلق بمشاركته لنا في سوح الأعتصامات .
*التيار الصدري جمهوره هم الكادحين وهم بنفس الوقت جمهورنا .
*التيار الصدري تيار ديني طائفي ولكنه معتدل ونحن نحتاج لكسر الجمود الذي يغلف علاقتنا بالأحزاب الدينية وبالتالي من الممكن أن نخترق هذه الأحزاب من خلالهم.
*التيار الصدري يطرح أغلب ما ننادي به سواء أصلاح العملية السياسية ،الغاء المحاصصة ،محاربة الفساد ……الخ .
*هذا تحالف أنتخابي ومن الممكن ان يخدمنا في عملية الأنتخابات .
*لدى قواعد الحزب بالداخل تقبل لهذا التحالف وبالتالي نعتقده مناسبأ لنا بهذه المرحلة.
–ماذا كانت النتيجة بعد ما يقارب السنتين ؟
*ساحات الأعتصامات أصبحت تسير حسب رغبة السيد وتغريداته (لا أعلم أذا كان سكرتير الحزب متمسك برأيه السابق من أن تغريدات السيد تجري بالتشاور مع الحزب) التي لا يعلم أحد كيف يسوقها (ربما ينزل عليه وحي التغريدة قبل يوم ويغرد )ولهذا لا برنامج واضح لهذه الأعتصامات ولا لجنة سياسية تتحكم بسيرها وبالتالي ضعفت بشكل واضح وأنفرط عقدها ،بل أصبحت تخلو الساحات من الكثير من الوجوه الطيبة التي شاركت بها منذ أندلاعها بقوة سواء عام 2011 أو2015 .بل أن المحافظات لا ترغب بحضور الأحزاب بهذه الأعتصامات وخاصة التيار الصدري.
*لم تتحسن علاقة الحزب مع جماهير الكادحين لأنهم أقرب منا في فهم التيار الصدري وممارسات أعضائه سواء مليشياته أو قادته الذين أثبتت الأيام فسادهم أكثر من الأخرين حتى جعلت مقتدى الصدر يعلن عن برائته منهم ولأسباب وبطريقة لم يستسيغها أي عاقل(حرق المولات ،مصادرة أموالهم ،استجوابهم في الحنانة…..الخ) .لهذا خسر الحزب كثيرأ من سمعته بين أوساط الكادحين نتيجة هذا التحالف وليس العكس .
*علاقة الحزب بالأحزاب الدينية دخلت مرحلة خطيرة شهدت خلالها تجاوزات اعلامية وحتى التجاوز على مقرات الحزب (البصرة ،الناصرية) وبالتالي هذا الأختراق لهذه الأحزاب لا وجود له على أرض الواقع.
*أكذوبة أن التيار الصدري داعم لأصلاح العملية السياسية ومحارب للمحاصصة والفساد لم تثبت الأيام هذه الأدعاءات الفارغة التي كانت واضحة للجميع عدا من كان يريد هذا التحالف وبأي شكل .الفساد في أعلى هرمه وبالعلن وجدناه بداخل التيار.المحاصصة ،نراه يوميأ يستقتل لآجل أخذ حصته من كل غنيمة .أحدهم بهيئة رئاسة البرلمان،وزراء ،مدراء عامون ،محافظين …….الخ بل يتحكمون بقبول هذا وذاك في المناصب المختلفة.
*هل أستفدنا أنتخابيأ من هذا التحالف ؟الجواب يكمن بكل بساطة بالنتيجة.بربكم تسوى هذه النتيجة (الحصول على مقعدين)للدخول بهكذا تحالف ؟
*القضية الأخيرة هي مربط الفرس (رغبة قواعد الحزب بالداخل بالتحالف مع الصدريين).
من المعلوم بأن الحزب أعتمد في كل عمله بعد سقوط الصنم على عودة رفاقه الذين تركوا العمل نتيجة القمع البعثي .هؤلاء لكثرة سنوات القمع والخوف الذي صاحب حياتهم طيلة تلك السنوات جعلتهم يخشون المواجهة ويتخذوا من الدفاع السلبي(السكوت وعدم المواجهة بالرفض ) طريقأ لتجنب المشاكل (هم محقين في اتخاذ الأسلوب الذي يحفظ حياتهم).المشكلة أن هذا الخوف تكرس من جديد يوم تحكمت المليشيات بزمام الشارع وضاعت الدولة وبالتالي عاد هذا الخوف للواجهة من جديد في ظل هذا الفلتان الأمني ولأجل أن يحفظوا حياتهم من جديد كانت سياسة عدم مواجهة أخطاء وأعمال هذه المليشيات ومن يدعمها هي العنوان الأبرز في كل تحركات المنظمات الحزبية .
–ما زاد الطين بله هو أن قيادة الحزب وبسبب سياستها المهادنة للأحزاب التي تحكمت بالمشهد السياسي بشكل سئ جعلت رفاق المنظمات المحلية يدركوا بأن هذه هي السياسة الصحيحة لهذه المرحلة وبالتالي بدل أن تكون سياسة الحزب رافعة لمعنويات هؤلاء وعاملأ في خلاصهم من ضعفهم الداخلي ،تجدها اليوم مكرسة أكثر لهذا الضعف حتى أصبح خوفهم مركب سواء من مليشيات الأحزاب أومن داخل الحزب (القيادة) التي تعرف جيدأ مواقفهم السابقة . ساهم الحزب (قيادته) في خلق أجواء حزبية غير سليمة عالمها الأساسي الضعف والخوف وهذا ليس بالغريب هذه الأيام وبعد كل فضائح التيار الصدري وعدم الوصول الى أي من النقاط التي رسم على أساسها تحالف سائرون تجدنا اليوم نسمع فقط لغة الخوف من قادم الأيام أذا تركنا التحالف وهو مابقي لمن يدافع عن تحالف سائرون.
–هؤلاء الرفاق القدامى والذين بنفس الوقت ولأجل بقائهم بمناصبهم الحزبية( وكذلك حصول الكثير منهم على أمتيازات مادية وخشيتهم من فقدانها) التي تولوها بسبب النقص بالكادر بعد السقوط تجدهم يعملون على عدم أعطاء فرص للشباب الجدد الذين دخلوا الحزب وليس لديهم نفس نوازع الضعف ،و يعملون على عدم منحهم مناصب تتناسب وامكانياتهم بحجة قلة الخبرة أو التهور والتطرف اليساري .هذه السياسة التي جعلت الكثير من هؤلاء الشباب يبتعدوا عن الحزب ونخسر دماءأ جديدة نحن بأشد الحاجة اليها ليبقى هؤلاء الرفاق القدامى هم أصحاب الكلمة الأخيرة بكل شيء وتجد قيادة الحزب أن رأيهم هو ما يمثل رأي القواعد الحزبية في قبول سياستها دون أن يدركوا أن هذه الأراء تمثل رأيا مشكوكأ بصدقه .
*اليس من المستغرب أن يكون الخوف هو بوصلة حزب الأبطال ؟ هل ضاعت تلك الروح المملؤة حماس وهمة ( أين ذهبت – يا لرايح للحزب خذني وبنار المعركة ذبني …..) ؟هل أصبحنا كمثل من يحتمي بشقي خوفأ من الأشقياء الأخرين وبعد مدة تجدنا نخاف من هذا الشقي والأشقياء الأخرين؟
–أذا وصلنا لهذه الحالة خير لنا أن نتمثل هذه المقولة عن الحقيقة(ان نطقت مت.. وأن سكت مت.. فقلها ومت!!!).
*لم يكن ولن يكون حزبنا هكذا واذا كان للبعض من ضعف نتيجة عدم أستعداده سابقأ ولا حاليأ خوض زمام المعارك الحقيقية للسياسة ،فحزبنا لم يبخل بكثرة أبطاله الذين يجترحون المأثر للدفاع عن مبادئه ومصالح شعبنا .حزبنا لم يحتمي بظل أي فرد أو جماعة طيلة حياته بل كان الشعب هو سياجه ولا زال .حزبنا لم يخشى الحكومات المتعاقبة التي مارست أشد انواع القمع أزاءه، لكن هذا يحتاج التقرب الى الشعب وحاجاته بشكل يومي ورسم سياسة جريئة تأخذ حاجات الناس بالدرجة الأولى في سلم أولوياتها وتضع الخطط للوصول اليها وهذا ما نحتاجه اليوم بعد أن أوصلتنا سياسة ما بعد سقوط الصنم الى هذه المكانة الغير مرضية لأي شيوعي حريص على حزبه بل وحتى أي وطني غيور على شعبه الذي كان يأمل بالحزب خيرأ ومنقذا للخلاص من قوى الظلام الجديدة التي لا تقل بكوارثها عن ما سببته سنوات حكم الدكتاتور.
–أذا وصلنا لهذه الحالة من الضعف فخير لنا أن نتمثل هذه المقولة عن الحقيقة………..
أن نطقت مت.. وأن سكت مت.. فقلها ومت!!!.
مازن الحسوني 2019/6/23