قال موقع درج، الاربعاء، إن منصات التواصل في كردستان لم تعد حكراً على مشاهير الفن والفكاهة، إذ تميز رمضان المنصرم وأيام العيد التي تلته، بانتشار واسع لمواقف مضحكة ومثيرة للسخرية، أبطالها شيوخ دين، حصدوا متابعات وشهرة بين الجمهورين المتدين وغير المتدين.
وذكر الموقع في تقرير اعده الصحفي العراقي ياسين طه، إن “الصورة الرائجة (..) لمتابعي محاضرات الدعاة وشيوخ الدين وخطبهم، هي الحزم والجد (..)، إلا أن هذه الصورة شابها الكثير من المفاجآت في رمضان وفطر هذا العام في كردستان العراق، وبدت مواقع التواصل وكأن السماء تمطر فتاوى غريبة ومناكفات وتعليقات ساخرة بين الدعاة والمتحدثين الدينيين في وسائل الإعلام، وفي الخطب المصورة والمسجلة المعدّة للنشر في منصات السوشيل ميديا”.
وبين، أن “للعام الثاني على التوالي حازت تعليقات الشيخ نجم الدين فرج (الملا كريكار)، السياسية والطريفة، اهتماماً لافتاً، لما مثلته من تناقض في طبيعة شخصيته الدينية الصارمة”، مكملاً أن “كريكار، تزعم جماعة (أنصار الإسلام)، الأصولية قبل سنوات في جبال هورامان، وعرف بفتاوى جهادية، ودعم مواقف زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن الذي شبهه ذات يوم بـ(تاج الأمة الإسلامية)”.
وتابع، أن “هذا الجهادي (..)، يلقي محاضراته من منفاه الإجباري في العاصمة النرويجية أوسلو، حيث تناول بعضها الاجابة بشكل تهكمي عن أسئلة تتعلق بحكم الزوج الخائف من التواصل مع أهله بسبب غيرة زوجته، أو الموقف الشرعي من الزوجة التي تطلب مقابلاً مادياً للتودد إلى زوجها أو الاجتماع به في الفراش وغيرها”.
وبحسب التقرير، فإن “كريكار اصدر فتاوى مرفقة بضحكات تصدرت المنصات الرقمية وتطبيقات الرسائل، لغرابة الموقف من جهة وطرافة الفتاوى من جهة أخرى، ما سلط الضوء على شخصية الملا كريكار الذي فرضت عليه السلطات النرويجية العزلة والإقامة الجبرية”.
وتفاجأ المتابعون بتعليقات لرجال دين محسوبين على التيار “السلفي الصحوي” ذاته، تتهكم على تصريحات لناشطات انتقدن ما وصفنه بـ”جهل الرجل الكردي بأسس الثقافة الجنسية”، في برامج تلفزيونية.
الشيخ الملا “تحدث لمستمعيه في المسجد وسأل متهكماً عن كيفية توصل إحدى الناشطات إلى هذا الحكم، والنتيجة “وكأنها جربت جميع رجال الأكراد في الفراش!”،
وزاد، “هي تمدح ثقافة الرجال الأوروبيين الجنسية وكأنها جربتهم جميعاً”، فيقاطعه حاضرون بحسب مقطع فيديو، بأن الناشطة تعيش داخل كردستان العراق، فيرد الشيخ، “لا هي متمكنة وزارت دولاً أوروبية عدة”.
وأوضح، أن “الهجوم الحاد المبطن من الشيخ هلو على الناشطة تخللته موجة ضحك هستيرية، وانتشر الفيديو كالنار في الهشيم على مواقع التواصل”، وامتدت تلك النقاشات لتطال البرامج التلفزيونية التي أثار بعضها، جدلاً عبر طرح أسئلة وقضايا مع رجال دين، تناولت مسائل الحجاب وأحكام حضور صلاة الجمعة، وعلى هذه الأمور علّق أحد شيوخ جوامع أربيل الملا مظهر الخراساني، بأن من يتساهل في تلك القضايا هم “شيوخ دين صينيون رديئون”، مطالباً القنوات باستضافة شيوخ “يابانيين” للإجابة على الأحكام الشرعية، في تعليق غريب شغل الوسط الديني في أيام العيد التي غالباً ما تشهد فراغاً سياسياً وإخبارياً بسبب الإجارة وسفر الساسة لتمضية العطلة.
الملا مظهر نفسه الذي أثار جدلاً باعتبار رجال دين صينين بجودة منخفضة، مقابل يابانيين بجودة عالية، كان الشغل الشاغل السوشيال ميديا الكردية العام الماضي، عبر تخصيص برامج لتشجيع ظاهرة تعدد الزوجات واستقبال مكالمات من نساء يقبلن بالظاهرة، والإشادة بـ”إسلامهن وصلابة دينهن وحسن أصولهن الاجتماعية، فقامت السلطات في أربيل بغلق محطته الأرضية أياماً، قبل السماح له بإعادة فتحها بعد التوقيع على تعهدات بالتزام الشروط والقوانين التي تنظم البث التلفزيوني”.
يرى مراقبون أن ظاهرة اقتناص رجال الدين مواقع التواصل من أجل (الترند)، بدأت تظهر في الوسط الكردي بشكل واسع هذا العام، مقارنة بالأعوام السابقة. وكأن التعليقات والفتاوى والجدل الذي تخلفه في الحياة العامة ملأ فراغاً سببه غياب الدراما الكردية وندرة البرامج الترفيهية المبنية على أسرار حياة نجوم الفن والإعلام والسياسة نظراً لأسباب متعددة.
الانشغال بشؤون الدين والحياة العامة مايزال هو المسيطر في كردستان وما الجدل بشأن فتوى من هنا أو تعليق غريب من هناك سوى استمرار لمعضلة تداخل الحيز العام بالخاص والديني بالدنيوي ولو على نحو هزلي.