الملامح النهائية لازمة السورية بدأت تلوح في الأفق القريب جدا ، من خلال مجريات الأحداث اليومية ، وتغير مواقف بعض الإطراف نحو حسم الأمور وإنهاء الأزمة السورية وإيجاد تسوية شاملة لها والحفاظ على وحدة أراضيها ، بشكل يضمن مصالحالبعض دون الأخر، وبدء مرحلة الأعمار والبناء وعودة النازحين إلى مدنهم ،لكن المهمة ليست بهذا السهولة في ظل إصرار الآخرين على مواقفهم التي لا تصب في مصلحة الكثيرين .
التصريحات الأمريكية الأخيرة تأكد على مسالة واحدة في الملف السوري ، إنهاء الوجود الإيراني ونفوذها في الأرض العربية ، بعدما كانت في السابق تريد إسقاط النظام وإزاحة الأسد عن السلطة، ليكون عدوها الأولى اليوم الإيراني ، وهناك شبة أجماع بين حلفاء أمريكا على هذا الأمر مثل فرنسا على بقاء الأسد ، وإنهاء الدور الإيراني في سوريا .
حتى الموقف الروسي يدعم هذا الأمر بإنهاء الوجود الأجنبي في الأرض السوري ، ومفاوضاته في أقناع الإيراني بإنهاء وجودهم لن تأتي ثمارها ، وسط تمسك الإيراني بموقفهم ببقاء قواتهم في سوريا ، لان مصلحتهم تقضي ببقائهم ، وهو الأمر الذي ترفض روسيا وأمريكا جملة وتفصيلا .
التقارب الأمريكي الروسي في هلسنكي عزز علاقات البلدين، لتبدأ صفحة جديدة من خلال تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك بينهما ، بعد سبات طويل من العلاقات الملتهبة ولغة التهديد والوعيد المتشنجة ، لكن مقابل ذلك فتحت أبواب جهنم على تركيا وإيران وبسبب بسيط تضارب المصالح المشتركة , لتكون العقوبات الاقتصادية الورقة الأمريكية الأولى الضاغطة اتجاه البلدين،والورقة الثانية الضربة العسكرية المحتملة ضد سوريا خلال قادم الأيام ، وبحجة استخدام الأسلحة الكيميائية .
الإنذار الروسي يحمل اربعة احتمالات،الأول أن الضربة الأمريكية القادمة ستكون اشد واعنف من كل الضربات السابقة،وستشمل عدة أطراف أخرى ولا تتوقف عند ضرب بعض مواقع الجيش السوري .
الإنذار الثاني رسالة روسيا واضحة وصريحة وشديدة اللهجة إلى إيران وتركيا أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي اتجاه هذان البلدان ، بمعنى العقوبات الاقتصادية ثم ضربة عسكرية شاملة ، لتكون المرحلة الثالثة من التصعيد اشد مما سبق بكثير ، لذا عليهم توقع المزيد من التهديدات والضربات والعقوبات حتى تجلس جميع الأطراف على طاولة واحدة ، وتضع النقاط على الحروف من جديد ، وتكون هناك اتفاقيات جديدة تبرم وفق متغيرات المرحلة الراهنة ، وبشروط تختلف عن الاتفاقيات السابقة ،تضمن مصالح الكبار في عدة ملفات .
رابع الإنذارات معركة ادلب على الأبواب والقوات السورية أكملت العدة والعدد لبدء هجومها على المدينة مع حلفائها، وأمريكا حذرت من عواقب الهجوم عليها ، ومع التقارب الأمريكي – الروسي تغيرات اللغة الروسي من لغة استخدام القوة في تحريرالمدن إلى لغة الحوار لإنهاء مشكلة مدينة ادلب ومدن أخرى سوريا مازالت خارج سيطرة النظام السوري .
روسيا ستقف بعيدا عن انعكاسات الضربة المتوقعة ضد حلفاء الأمس ولن تتدخل ، وعليهم تحمل عواقبها وتأزم الأمور نحو الأسوأ ، ليكون المشهد معقد للغاية وتكون كل الاحتمالات والتوقعات متوقعة الحدوث وهو الإنذار الثالث .
طاولة الحوار والتفاوض الحل الأمثل لجميع أطراف ألازمة ، لان التصعيد لن يخدم إي طرف ، وسيدفع الثمن باهظ جدا من يصر على موقفه مع تغير مواقف نحو إنهاء الأزمة السورية بشكل يضمن مصالح الكبار ، وفي مقدمتهم إسرائيل التي تضغط على روسيا وأمريكا ، لإنهاء الوجود الإيراني الذي يهدد أمنها القومي .
روسيا تنذر حلفائها ولم تحذر حلفائها ، لترمي الكرة في الملعب الأمريكي من جهة،ومن جهة أخرى في ملعب حلفائها الإيراني والتركي والسوري .