في خضم الازمة المندلعة بين الولايات المتحدة ونظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، فإن الاخير يتفنن في إختراع الاساليب والسبل والخيارات المختلفة بين يديه من أجل مشاغلة المنطقة والعالم بها وإجبارهم على القبول ببقاءه، وهو في السابق قد إستفاد کثيرا من الخلافات والاختلافات الدولية والاقليمية ويسعى للنفوذ منها وإستغلالها بالصورة التي تخدم مشاريعه ومخططاته العدوانية التوسعية المشبوهة، وقد بنى إستراتيجته للبقاء والوصول الى غاياته على هذين الامرين، لکن لايبدو إن هذه الاستراتيجة مفيدة في الازمة الحالية.
ان بقاء الاستراتيجية الدولية عموما والامريکية منها خصوصا ضد النظام الايراني مرهونة بخياري المحادثات وشن الحرب ضده، ومحاولة تحريك الشعب الايراني ضد االنظام عبر العقوبات الاقتصادية والنفطية، من دون إشراك العامل الايراني فيها، لايمکن أن يکون مجديا ومٶثرا، ذلك أن النظام يرى انه طالما کان الفعل والضغط خارجيا ومن غير أي حلقة وصل او طرف إيراني معارض، فإن هذا الفعل او الضغط لايقود الى نتيجة ويمکن في النهاية تفريغه وإجهاضه، ولذلك فإن تغيير هذه الاستراتيجية بإتجاه يکون أکثر فاعلية وجدوى يکمن في جعل الشعب الايراني والمقاومة الايرانية بمثابة لاعب رئيسي في حل المشکلة وليس کطرف ثانوي او متمم لبقية الحلقات الاخرى، وان الاعتماد على مبدأ ثورة الشعب الايراني عبر تجويعه وتضييق الخناق عليه هو مبدأ خاطئ تماما يصب في مصلحة النظام، ومن هنا فإنه حري على الولايات المتحدة الامريکية أن تعيد النظر بإستراتيجيتها وتعمل من أجل التمهيد لتفعيل نهج دولي جديد ضد هذا النظام عبر جعل خيار ثورة الشعب الايرانية وإتفاضته من أجل التغيير إيرانية خالصة وذلك عبر الاعتراف بنضال الشعب الايراني والمقاومة الايرانية من أجل الحرية والديمقراطية، ويکفي أن نستشهد هنا بإنتفاضة 28 ديسمبر/کانون الاول 2017، والذي کان يمکن أن يغير الامور في إيران کلها رأسا على عقب لو کان الموقف الدولي قد تقدم خطوة أقوى بإتجاه الشعب الايراني بالاعتراف بالمقاومة الايرانية وسحب إعترافه بهذا النظام.
طوال الازمة الحالية القائمة بين واشنطن وطهران، وعلى الرغم من إنها تمر بمنعطفات بالغة الخطورة، لکنها ستصبح أشد وطأة وتأثيرا ئلى النظام الايراني لو صار المجلس الوطني للمقاومة الايرانية ضلعا وطرفا أساسيا في هذه المواجهة لأن ذلك سيمنحها الشرعية الکافية للتصرف ضد هذا النظام مثلما إنها ستشعل الارض تحت أقدام النظام في الداخل وتجعلهم أمام وضع صعب جدا لم يألفوه، ولاريب من إن النظام الايراني وطالما لم تصل الامور الى هکذا منعطف فإنه يشعر بشئ من الطمأنينة.