الأربعاء, نوفمبر 27, 2024
Homeمقالاتوهب الأمير ما لا يملك؟: محمد مندلاوي

وهب الأمير ما لا يملك؟: محمد مندلاوي

.

في شدة التنافس على السلطة في إقليم كوردستان بين الحزبين الغريمين، الحزب الديمقراطي الكوردستاني، والاتحاد الوطني الكوردستاني، منح الأول بعض الجماعات والطوائف العرقية والدينية التي وجدت على أرض كوردستان في ظروف وتواريخ متباينة، مناصب قيادية أكبر من استحقاقاتها الانتخابية مقارنة بالأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات الأخيرة. وهذه الجماعات..، منها ما خلفتها الدولة العثمانية التي احتلت المنطقة، ومنها ما جاءت بها الدولة البريطانية الاستعمارية إبان الحرب العالمية الأولى واستوطنتها عنوة في أرض الكورد، ومنها ما هاجرت إلى كوردستان قبل هذا التاريخ، – كما شاهدنا قبل عدة أعوام كيف أن التاريخ أعاد نفسه حين هرب الكثير من هؤلاء المشار إليهم إلى كوردستان طلباً للحماية- ومنها ما تنتمي إلى الشعب الكوردي، إلا أن بقائها على اعتناقها للعقيدة المسيحية التي باتت أقلية بين أكثرية مسلمة جعلتها تنعزل رويداً رويدا عن أبناء جلدتها وتلبس ثوباً آخر غير ثوبها وتتقمص هوية أخرى غير هويتها الكوردية الأصلية. لكي أكون دقيقاً وواضحاً في كلامي، كالعادة، أعني فيما قلت الأقلية التركمانية، والطوائف المسيحية في إقليم كوردستان، التي حصلت في الانتخابات الأخيرة على مواقع قيادية في الإقليم أكبر بكثير من حجمها المجهري – ليس استخفافاً- مثال ما يسمى بحزب الإصلاح التركماني، الذي تنتمي إليه السيدة “منى قهوجي” حصل الحزب في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في إقليم كوردستان على نحو ألفي (2000) صوت وتبوأت المذكورة منصب النائب الثاني لرئيسة برلمان إقليم كوردستان!!. لقد صرحت السيدة منى قهوجي: إن الأصوات الـ2000 التي حصلوا عليها جاءت من عموم محافظات الإقليم وليست من أربيل وحدها؟، وتقول قهوجي: لقد حصلنا على أصوات ليس التركمان وحدهم بل من الپێشمەرگە والآسايش والشرطة وقوات الداخلية في كل محافظات كوردستان. وهذا يعني، أن الكثير من هذه الـ2000 صوت هي أصوات كوردية ربما غاضبة على أحزابها الكوردية، فلذا أعطت أصواتها لهؤلاء.. .الذي يدهشني في هذه السيدة أنها تضع الحجاب الإسلامي على رأسها وترتدي معه تنورة قصيرة إلى حد الركبة،كأنها إسلامية الرأس وعلمانية الساقين!!. حقيقة في هذه الأيام نشاهد أموراً غريبة عجيبة لا يتصورها العقل البشري. لقد ذكرتني السيدة قهوجي ببعض السيدات في حزب الاتحاد الوطني الكوردستاني، حزب جلال الطالباني، الذي يدعي أنه حزب اشتراكي ديمقراطي، علماني (سيكولار)، كما جاء في منهاجه ونظامه الداخلي، يعني، أنه حزب علماني لا يؤمن بالدين، لكن واحدة من تناقضات هذا الحزب العديدة هناك بعض السيدات داخل هذا الحزب يضعن الحجاب الإسلامي على رؤوسهن، الذي بات يرمز في هذه الأيام إلى الانتماء لحزب إسلامي أو جهة إسلامية؟؟!!.

دعونا نعود إلى موضعنا. عزيزي القارئ، أن الأقلية الأخرى، التي هي أقلية دينية هي الأخرى تريد أن تحصد منصب وزير الإقليم ونائب محافظ دهوك الخ. للعلم، أن منح هذه المناصب خلاف ما جاء في الدستور الاتحادي العراقي، الذي لم ينص على منح هذه المناصب لهؤلاء.. لا في إقليم كوردستان ولا في العراق. حتى على مستوى ممارسة اللغة، تقول المادة الرابعة الفقرة الرابعة: اللغة التركمانية واللغة السريانية لغتان رسميتان أخريان في الوحدات الإدارية التي يشكلون فيها كثافة سكانية. لقد اعترفت حكومة إقليم كوردستان بالغتين المذكورتين. لكن في أية وحدة إدارية في الإقليم تشكلان كثافة سكانية؟؟.
حتى لا يقال أني أطلق العنان لقلمي يسطر الكلام كيفما يشاء دون التمعن في حيثيات الموضوع. هناك مادة في الدستور الاتحادي في الفصل الرابع معنون تحت اسم: ]الإدارات المحلية[ -Local Administration- مادة 125 تقول: يضمن هذا الدستور الحقوق الإدارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان، والآشوريين، وسائر المكونات الأخرى، وينظم ذلك بقانون. الخطأ الذي وقع فيه المشرع العراقي أنه عَدَّ الأقليات العرقية والطائفية التي تقيم في كنف الكورد والعرب كقوميات (Nationality) لو عَدَّينا التركمان في العرق أو في كوردستان قومية، يا ترى ماذا نسمي جماعة التركمان في سوريا، وماذا نسميهم في إيران، وماذا نسميهم في وطنهم الأم في تركمنستان في آسيا الوسطى؟ أليس وفق هذه التسمية الخطأ سيكون هناك أربع أو خمس قوميات تركمانية أو أكثر!! هل يجوز هذا؟ هل هذا منطقي؟ يا ترى كم قومية عربية توجد؟ أليست واحدة؟ أليست قومية كوردية واحدة في عموم كوردستان؟ هل يجوز أن نطلق على الأقلية الكوردية في لبنان مصطلح القومية الكوردية؟ أو على الجاليات الكوردية في بلاد المهجر في بلاد الغرب مصطلح القومية؟. لماذا كل خمسين عائلة تركمانية زرعت في خاصرة الكورد أو العرب منذ الاحتلال العثماني تعتبر خطأ قومية؟؟!! مما لا شك فيه، إن التركمان قومية قائمة بذاتها في وطنهم الأم في تركمنستان، لأن تعريف القومية هي انتماء قوم من البشر من عنصر واحد يجمعهم تاريخ مشترك وتراث ثقافي واحد ولغة في أرض هذا الوطن. كما أسلفت قبل قليل، أن مصطلح القومية يرمز إلى انتماء مجموعة من الناس لوطن واحد، سكان بلد ما له تاريخ مشترك ولغة مشتركة وتقاليد مشتركة الخ. هذه هي القومية، تكون صاحبة أرض، هل ينطبق هذا المصطلح على الجماعة التركمانية في كوردستان وبلدان أخرى في الشرق الأوسط، بالطبع لا؟، ينطبق عليهم مصطلح القومية في وطنهم الأم في تركمنستان في آسيا الوسطى الذي يقع بين الصين وروسيا.
للأسف أن المشرع الكوردستاني وقع في ذات الخطأ الذي وقع فيه المشرع العراقي حين وصف عدد من الجماعات الإثنية والطائفية بالقوميات، حيث ذكر في مشروع دستور إقليم كوردستان في المادة رقم 6 الآتي:” يتكون شعب إقليم كوردستان العراق من الكورد والقوميات الأخرى (التركمان والكلدان والآشوريين والأرمن والعرب) ممن هم من مواطني الإقليم وفق القانون”. يا للعجب، إلا يعرف المشرع الكوردي أن تبني مثل هذه التسميات غير الصحيحة في شكلها ومضمونها كما جاءت هنا، قد يترتب عليها في المستقبل حقوق والتزامات بالمعنى الحقوقي والقانوني يكون واجب التطبيق؟. في حقيقة كل هؤلاء الذين أطلق عليهم المشرع الكوردي اسم القومية ما هم إلا جماعات صغيرة لا ترى بالعين المجردة، لقد وصفتهم في صدر المقال بأنهم جماعات مجهرية، أي صغيرة جداً – أنه وصف غير تهكمي- لا يملكون تاريخاً في كوردستان بمسمياتهم الحالية، ومن ليس له تاريخ ليس له أرض. لكن في ظل التطورات الكبيرة التي حدثت في مجتمعات العالم بعد انتهاء الحرب الباردة بين القطبين والاختراعات العظيمة التي تلتها وكانت لها دوراً كبيراً في نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان على كوكبنا، من الممكن أن يسبق الكورد الآخرين في الشرق الأوسط ويتبنون النظام الديمقراطي التشاركي أو الشبه التشاركي في صنع القرارات، فعليه يجب أن يكون لكل فئة أو جماعة دوراً في العملية السياسية حسب حجمها وثقلها السياسي وقبل هذا اعترافها رسمياً بانتمائها لوطن اسمه كوردستان. وفيما يتعلق بدور الحجم والثقل السياسي نأخذ الاتحاد الأوروبي نموذجاً، هل أن دور مالطا أو دوقية لوكسمبورج فيه يوازي دور فرنسا أو ألمانيا؟. الشيء الآخر الذي جاء في المادة المذكورة أعلاه، كالعادة السخيفة، ألصق المشرع الكوردي اسم العراق في ذيل اسم كوردستان!! لا أدري من أين جاء به؟؟ أنا هنا أتحدى المشرع الكوردي إذا يجد في الدستور العراقي الاتحادي اسم كوردستان مذيل بلاحقة العراق؟. أنا على يقين تام إنها شكل من أشكال التبعية المغروسة في فكر هذا المشرع الأبله، وعقدته الشعور بالنقص معشعشة في عقول هؤلاء.. الذين مظهرهم الخارجي كوردي، إلا أن في دواخلهم انتماءات أخرى ليست لها أية صلة بالشعب الكوردي العريق ووطنه كوردستان.
الذي أريد أن يعرفه القارئ الكريم، أنا مع أن تتمتع جميع الأقليات العرقية والدينية في إقليم كوردستان بكافة حقوقها التي تنص عليها القوانين الدولية ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وأنا كمواطن كوردستاني بسيط أرغب أن تشارك هذه الأقليات في حكم إقليم كوردستان بجانب شعبه الكوردي وفق قوانين الإقليم التي تنصفها أكثر بكثير من المركز في بغداد، الذي لم يعر لهم أي اهتمام يذكر، حتى لم تحميهم من هجمات الإرهابيين عليهم في شوارع بغداد وموصل وبصرة وفي بيوتهم ومحلاتهم ودور العبادة التي ارتادوها، فلذا اختار الكثير من الأقليات العرقية والدينية في المدن العراقية التي تخضع لحكم بغداد الهجرة إلى إقليم كوردستان، الذي آواهم ووفر لهم سبل العيش الكريم.
“لقد آن الأوان لكي نصحح أخطاء معاهدة سايكس بيكو، ومن حق الأكراد تأسيس دولتهم” السياسي البريطاني وعضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي – تشارلز تانوك.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular