من الواضح جدا بأن موقف إيران التفاوضي قبل إبرام إتفاق 2015، النووي مع مجموعة 5+1، کان أفضل بکثير من موقفه بعد الانسحاب الامريکي من الاتفاق النووي، إذ إن روسيا والصين وبلدان الاتحاد الاوربي، لم يعد بإمکانها أن تلتزم بمواقفها السابقة فيما يتعلق بالمواقف الايرانية خصوصا عندما تريد أن تخطو خطوات أکبر من المرسوم والمحدد لها دوليا.
المواقف الاوربية والروسية والصينية التي تم إعلانها مٶخرا من التصريحات الاخيرة لروحاني ووزير خارجيته بشأن رفع معدلات تخصيب اليورانيوم أکثر من السقف المحدد لها في إتفاقية 2015، کان تأکيد لطهران بأن الموقف الدولي“اللين“و“المرن” من إيران بشأن برنامجها النووي، لايمکن أبدا أن يستمر على الوتيرة السابقة ويدعم إتجاها مثيرا للقلق والتوجس على مختلف الاصعدة، بل وإن هذا الدحم محدد بسقف وحد لايمکن أبدا تجاوزه، وإن دائرة الرفض الدولية آخذة بالاتساع بعد إعلان المواقف الايرانية الاخيرة غير المسٶولة على لسان الرئيس روحاني، وإن إصدار الاتحاد الأوروبي بيانا حول انضمام 8 دول أوروبية إلى إجراءات تقييدية للاتحاد الأوروبي ضد إيران، حيث إنه ووفقا للبيان، فقد قررت البلدان المرشحة مقدونيا الشمالية والجبل الأسود وألبانيا والبوسنة والهرسك وأيسلندا وليختنشتاين والنرويج بالإضافة إلى جمهورية مولدافيا، تكييف مواقفهم مع قرار الاتحاد الأوروبي الصادر في 27 مايو 2019 بفرض عقوبات على المسؤولين والمعنيين عن البرامج الصاروخية والنووية والالكترونية لنظام الملالي والذي تم نشره 28 مايو في الجريدة الرسمية لهذا الاتحاد. وهذا بحد ذاته رسالة واضحة جدا لطهران من إن المجتمع الدولي لايمکن أبدا أن ينظر بعين الراحة والاطمئنان لما تقدم عليه القيادة الايرانية من خطوات غير عقلانية وإنها حتما ستقف ضدها.
السعي للعب بطرق مختلف والالتفاف على الحقائق والاصطياد في المياه العکرة الدولية، هو من صلب العمل الدبلوماسي الايراني خلال الازمة الحالية، لکن المشکلة إن المساعي الايرانية هذه المرة مرفوضة وغير قابلة للفهم والقبول أکثر من أي وقت آخر، وإن هکذا موقف دولي غير منتظر من جانب أوساط دولية کانت القيادة الايرانية تراهن عليها وتتصور بإمکانية إستغلالها وتوظيفها لصالح عملية مواجهتها مع الامريکان، سيکون له ومن دون أدنى شك تأثيرات سلبية کبيرة على الشعب الايراني الذي يتابع الامور عن کثب وإن موقف من النظام خلال هذه الازمة، يختلف بزاوية مقدارها 180 درجة عن الازمة التي سبقت إتفاق عام 2015، خصوصا وإن التظاهرات العارمة للآلاف من أبناء الجالية الايرانية والتي يقوم المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بتنظيمها في العواصم الغربية، صارت تلقى صدى غير مسبوقا من قبل أوساط القرار الدولي، وحتى إن موقف نائب الرئيس الامريکي الاخير منها کان إثباتا عمليا على ذلك وهو ماسيکون له تأثير کبير على الشعب الايراني وإن الامور صارت تسير في إتجاه مناقض ومخالف لذلك الذي تنتظره وتتأمله طهران.