د. خالد محمود خدر
استاذ جامعي / كليه الهندسة/ جامعه دهوك
الجزء الاول
كلمه ثناء وتقدير للمؤلف الباحث داؤد ختاري
ان النفوس الكبيرة هي التي تمد المجتمع بعطائها ونتاج فكرها وخاصه في الظروف الصعبة وأيام المحن ، وما موسوعه (جينوسايد الايزيدية في آب 2014) بأجزائها الثمانية التي كتبها السيد داؤد ختاري (التي صدرت قبل اكثر من ثلاثة اشهر ونصف ) الا احدى هذه العطاءات والمشاريع الفكرية التي رأت النور بعد جهود توثيقيه من قبل الكاتب لأربع سنوات ونصف وهو يتجول بين مخيمات النزوح وشعاب جبال سنجار للالتقاء بمن يعنيهم الامر ومن تعنيهم الفاجعة من رجال شجعان وفتيات اسيرا ت (مسبيات بلغة الاوباش) نجون بجهود عائلية ومساعدة انسانية ، وثق من خلال لقاءاته معهم جميعا حقيقة ما حصل للايزيديين في سنجار من ابادة جماعية على ايدي الاوباش الدواعش ومن سار في ركبهم من جيره نكره ومواطنين منحطين واراذل غيرهم من شذاذ الافاق من داخل العراق وخارجه جمعتهم افكارهم المتطرفة وضمائرهم الميته ليبيدوا الايزيديين بدماء باردة في ليله ظلماء تخلى الكل عنهم او وقف متفرجا جيرة وحكومة ، وكأن عناوين النخوة والقيموالاستخاره قد غابت ليلتها عن الكثير واكتفوا بمشاهده مأسي وويلات الابادة عبر شاشات التلفاز ومواقع الانترنيت وكأنها تطلعهم عن ابادات وقعت ما قبل التاريخ وليس ايام اطلاعهم وتفرجهم عليها ، ليبقى ما قدم لهم من مساعدات على مستوى الدولة العراقية والعالم لم يرتقي لمستوى الجرح الكبير والابادة المنظمة عدا تلك التي تلقوها من اهالي المناطق التي نزحوا اليها ليلتها في اقليم كردستان مشكورين والتي لازالت وستبقى جزءا من احاديثهم عن معاني المروءة والشهامة . اما الابادة فقد خرج الناجي المبتلي بعدها بدرس مفاده ما ابعد الانسان عن انسانيته بعد ، فالمواقف تعطي الإجابات بكل وضوح ، لتخبرك عن من يحبك ويقف معك بشدتك ومن يفتقدك في غيابك و من يقف بجانبك بأسوء حالاتك ، فشكرا للمواقف التي كشفت لهم لنا حقيقة بعض البشر.
لقد شنت اكثر من ثلاث وسبعين حمله اباده سابقه على الايزيديين كان فيها العدو الغازي هو مَن يوثق هذه الحملات بما ينسجم مع تطلعاته وأهدافه، واليوم نقرأ لأول مرة في موسوعه حملة الابادة الاخيرة الرابعة والسبعين هذه عن قلم ايزيدي وثق معاناتهم ومأساة اهله وانهار الدم التي سالت من اجسادهم غدرا ليطلع البشرية على مصابهم وحجم الكارثة الكبرى التي لحقتهم ولا تزال . والجدير بالملاحظة ان المؤلف قد اشار لي في اتصال هاتفي انه لم يتلقى طوال اعداد ه لهذه الموسوعة أية مساعدة سواء من اهله الايزيديين او من المنظمات او الدوائر الرسمية في الدولة ، وبلغت كلفة انجاز الموسوعة (50000) خمسون الف دولار، عدا كلفة التصميم والطبع .
موسوعة (جينوسايد الايزيدية في آب 2014) هذه مكونة من (9) كتب داخل (7) مجلدات بعدد صفحات (2600) من الحجم الكبير ، والموسوعة لمن يريد اقتنائها موجوده في مراكز التوزيع والمكتبات في اقليم كردستان. اما المجلدات فهي:
1- المجلد الاول / كتابين ( الطريق الى الجبل في أيام المحن) و (مقاتلو الجبل في أيام المحن
2- المجلد الثاني / مجزرة قرية كوجو
3- المجلد الثالث / المقابر الجماعية
4- المجلد الرابع / ورود في الصحراء / تتضمن مأساة أطفال الايزيدية لدى الدواعش
5- المجلد الخامس / كتابين (ناجيات من جحيم داعش ) و (حوارات)
6- المجلد السادس / احصاءات الضحايا (علماً عدد الضحايا (7417) – الشهداء (1470) – المخطوفين (1883) – الناجين(4064)- )
7- المجلد السابع / صور الضحايا
8- عدد الفيديوهات تسجيل (400) قرص c d (مقابلات مع الضحايا من المخطوفين والناجين من المجازر).
ان هذه الموسوعة تعتبر بمثابه وثائق ادانه بحق كل من سولت له نفسه للنيل من شرف الاف العفيفات الايزيديات دون وازع من ضمير وبحق كل من ساهم بقتل الالاف من رجالهم يوم غدر اسود اصطفت الدنيا فيه لغربان سود ارادوا ان تكون نهاية الايزيدية كشعب مسالم ونسوا الاشرار او تناسوا انه عندما تظلم ، ستظلم وعندما تكذب ، سيكذب عليك وعندما تخون ، ستخان وعندما تقتل ستقتل ، إفعل الآن ما تحب أن يفعل بك غداً ، لتبقى بعدها من بين انبل و أطهر النفوس هي تلك النفوس الايزيدية التي أختبرت وتجرعت مراره الارهاب وكل ما نجم عنه من الألم ولكنها رغبت بعدها أن تجنب الآخرين مرارته وما جولات ناديه مراد سفيره السلام في دول العالم الا لتاكيد ذلك ، مثلما يؤكد ذلك ايضا مؤلف السيد ختاري هذا لتكون العبر المستقاة منه بمثابه خارطة طريق لمن يريد ان يجنب العالم مراره ما مر به اهله.
تقديري واعتباري للباحث لسيد داؤد ختاري على انجازه وطبعه لموسوعته هذه والتعريف بها في محاضرات يلقيها في المراكز البحثية الستراتيجية الكردية او المراكز الثقافية في اقليم كردستان وخارجه كتلك التي القاها في مركز لالش في دهوك و الشيخان او في مقر رابطه التأخي والتضامن الايزيدية في بعشيقه وما يلقيه هذه الايام من محاضرات يهذا الخصوص في جولته الاوربيه.
ولا يسعني بالمناسبه الا القول :
هنيئا لمن يصنع المجد دون بحث عنه لغايه شخصيه ، هنيئا لمن سهر الليالي وجاب مواقع المعارك والصولات الايزيدية ضد الاشرار الدواعش على سفوح واطراف جبل سنجار لشد عزيمه رجال من اهلها نذروا ارواحهم ، في ظروف مرة وزمن صعب يمتحن فيه ارادة الرجال وتكشف حقيقتهم وصلابتهم ومبادئهم ، لصد موجات الشر الداعشي التي تدفقت بمكر كتسونامي لوحوش بشريه على مجمعات سنجار الايزيدية واطراف سهلها وسفوح جبلها ومناطق تواجد الايزيدية الاخرى.
لمن كشف وفضح اقنعه اشباه الرجال من الكثير واولهم الجوار الخائن المتلون بمظاهر الرجال وألسِنه الحكماء واذا بمواقفهم تسقط كل اقنعتهم ليبان بعدها ان كل ذلك التلون لم يكن الا للخداع وعدم اثارة الانتباه كما تفعل الضباع مع فرائسها التي لا تنقض عليها الا بطريقه الجبناء حتى في عرف الغابه . ليخرج الايزيدي ومعه كل الشرفاء في العالم باحباط وندم وخيبه امل من قادم الايام قبل الحاضر المر ، بعد ان بان لهم بان من افنوا اعمارهم لاجلهم ، كجوار وابناء وطن ، بمختلف المواقف لم يكونوا الا ممثلين يؤدون ادوار الضباع حتى في ضحكاتهم كضحكه اولئك المعتوهين في احد الفيديوات التي صورها الدواعش وهم ينتظرون اقتسام ما سموه بسباياهم ، ليبان من افعالهم النكره هذه انعدام ضمائرهم ، كيف لا وان الضميرالحي لا يودع الا في القلوب المحبة للحياة، وكما يقول فيكتور هيجو ان الضمير هو حضور الله في الانسان.
هنيئا لمن اخذ على عاتقه الشخصي ثقل توثيق نضال رجال تسلحوا بقيمهم قبل سلاحهم للذود عن اهلهم الذين غدرهم و يغدرهم الزمان والجيران وكل شرير جبان ليلتم شملهم معا كغربان بين حين وحين طالت الشرفاء واصحاب الضمائر الحيه من بني الانسان.
هنيئا لمن خرج علينا بدرس مفاده أن العلاقات بين البشر لم تعد تقاس بمظاهر التقدير والاحترام التي يؤليها الكثير في الظروف الاعتيادية واحيانا بالمجان ، بقدر ما تقاس بالأمان والاطمئنان الذي يوفره او يحدثه واقعا ذلك التقدير والاحترام حقا في الظروف الصعبة والمواقف الاصعب ، ذلك انه بالأمان والائتمان ترتكز ركائز السلام والاطمئنان بين الافراد او المجتمعات.وما حصل في سنجار مع الايزيدية يؤكد ذلك.
هنيئا لمن غرد كالنسور في السماء عبر الفضائيات وعلى الارض بنتاج ابحاثه واستقصائه خبر المواقف وصولات الفرساه دون ان يقر له قرارقبل ان يحقق مبتغاه ودوره مع اهله ومجتمعه
هنيئا لمن حفظ خارطه الطريق الى المخيمات الايزيديه والدروب الوعره بين خيمها وعلى نفقته الخاصه وهو المحدود الدخل لترتيب لقاء يؤرخ فيها مأسات وفواجع فتيات غيبوا وسبيوا سنينا قبل ان يكتب لهم الخيرون حياة جديده ببذلهم جهودا مضنيه لانقاذهم من بين الضباع وارجاعهم بعد جينوسايد الايزيديه الى من بقي من اهلهم .
هنيئا لمن لا يكل من التنقل بين الدول و المدن والمراكز الثقافيه وقاعاتها للتعريف بجينوسايد الايزيديه وما حصل فيه من اوجاع مرارتها فاقت كل ما سطره التاريخ قبلها .
هنيئا لمن بان حقيقه الدواعش وفكرهم الارهابي المتطرف موثق بلسان من وقع عليه الجور والظلم والمعانات وهم بالالاف على ايادي اصحاب هذا الفكر سنينا طالت عاشها بمراره والم لايطاق لحظه بلحظه , ليصلح توثيق افادات شهود عيانها ادله دامغه على مرتكبيها ليصار الى محاكمه مرتكبيها دوليا واعتبار فكرهم المتطرف محرم دوليا ويلاحق حامليه اينما اختبئوا وبمن احتموا ومن مدهم بكل هذا الدعم العسكري فرديا وجماعيا كي يتحولوا بالنتيجه خلال ايام من اعلانهم عن انفسهم وافكارهم الشريره ودولتهم اللادوله الى آله جهنميه ارادوا بها نهايه التاريخ بدأ من الاقليات الدينيه في الشرق الاوسط .
هنيئا لمن لم يعرف طعم الراحه قبل ان يوثق ما حصل في ليالي ظلماء غدِر فيها الرجال الابطال بطعنات ماكرة وجبانه من كل الجهات ليمسوا شهداء الموقف، وتجر بعدهم ما بقي من النساء والاطفال في تراجيديا لم يعرفها التاريخ منذ قرون وكأن الدواعش خرجوا للتو من جحور اجدادهم ليعيدوا الحياة الحاضره الى تلك الحقب السوداء بكل تفاصيلها التي لم يعد انسان بمعنى انسان يطيق سماعها والعيش في اجواءها للحظه واحده ولو في خياله .
هنيئا لمن سطر لحظه بلحظه ماسي الناجيات وغير الناحيات بلسان من شاركوهن الفاجعه ممن كتبت لهن النجاة.
هنيئا للاستاذ داؤد ختاري الذي جمع بين كل ما اشرت له ليخرج من نتاجها موسوعه هي الاولى في دهوك كموسوعه اولا وكتوثيق لجينوسايد الاباده الايزيديه ٢٠١٤ وماتلاها ثانيا .وذلك جهد يكمل جهد الابطال في جبل سنجار سنبن مقاومه الدواعش بسواعدهم واسلحتهم الخفيفه التي اوقفت داعش عن التمدد ولاول مرة بعد ان تركت لهم قبلها ميادين المعارك من قبل جيوش مجيشه هاربه بجلدها ودون اسلحتها احيانا كثيره الى مناطق اخرى ليزيدوا بذلك من قدرات الاشرار الماكرين لكل الاعراف الانسانيه والقوانين الوطنيه والامميه لتستبان حقيقتهم وحقيقه من انتمى لهم وشاركم جرائمهم في الاباده الجماعيه التي طالت الاقليات الدينيه في المناطق التي تخلى الكل عنها وعن اهلها دون ان يذرفوا دمعه او يطلقوا طلقه واحده بوجه الاشرار وكأن ماحصل امر دبر بليل اسود .
سوف يخلد اسم المؤرخ ختاري ابد الزمن بما وثقه عن الجينوسايد وهو الذي تحمل كل مشقات وتبعات وتكاليف طبع اكثريه ما كتبه عن جينوسابد الايزيديه ٢٠١٤ التي لم تمتد معونه له يد ايزيديه لمساعدته او دعمه في مشروعه التوثيقي الكبير مع ان كل تكاليف ذلك لم تتجاوز الخمسين الف دولار ( وهي لا تزيد عن كلفه تكليف لمحامي واحد للدفاع عن قضيتهم الكبرى ) ليبين ذلك حجم الشرخ في الهرم الديني والدنيوي الايزبدي الذي لايزال يستكثر الكثير بل الجميع من مراكزهم وروابطهم الثقافيه الرسميه وغير الرسميه والمتمكنين من اثرياء قومهم من شراء ولو نسخه للذكرى ،نسخه من موسوعه من يقرأها يلمس حرارة دماء شهداء قضيتهموكانها لم تجف بعد مثلما لم تجف دموع النساء والاطفال الذين اقتيدوا اسرة مسبيين بايادي جحوش الظلام المتطرف واصحاب فكره التكفيري ،دون ان يدرك الكثير منهم ان موجات داعش لم تنتهي من محيطهم وما يحصل بين حين وحين من قتل على الهويه او حريق لمحاصيل زراعيه في سهول نينوى واطراف سنجار ومختلف الاعمال العدوانيه الا اشارات سوداء من الاشرار ترتفع فوق لهيب النيران تفصح عن فكرهم المتطرف ومحاولاتهم الماكرة لارجاع الامر الى المربع الاول ليعيشوا كالجرذان ويعبثوا بكل ما يريده اصحاب الارض من اعاده اعمار مناطقهم والعوده اليها .
الشكر اخيرا لمؤرخ مآسي الايزيديه الاستاذ داؤد ختاري على كل مابذله ويبذله لتوثيق الكلمه الحرة الحقه بحق المظلومين المغدورين شهداء المواقف ونقلها عبر مؤلفات او محاضرات لايتوانى عن القاىها بمجرد الطلب منه ذلك كي يضمن فرصه ايصال قضيه اهله لكل الدنيا.
أمل ان لا يكتفي المعنيون المتمكنون فرادى او مراكز وروابط ثقافيه ايزيديه وغيرها بسماع محاضرة موجزة عن موسوعه الجينوسايد بل باقتنائها لمكتباتهم لتشجيع الباحث اولا مع انه لايبحث او يحتاج الى تشجيع فحرارة انتمائه لقضبه اهله تغنيه عن حرارة تصفيق او هتاف او حتى كلمه شكر تاتي في آخر وقت مخصصلالقاء تلك المحاضرة ،وكأن ما يحصل هو للتعريف والاشادة بانفسهم ومراكزهم بالمجان وليس التعريف بقضيه ابادتهم ، وذلك للتقليل من حجم الثقل المادي الذي تحمله ختاري لوحده مع ان تكاليف ومهمه طبع الموسوعة اخيرا جاءت اخيرا بمبادرة فاعله من شخص رئيس جامعه دهوك مشكورا الذي قرر ان تكون على نفقهالجامعه بمجرد سماعه عنها وكونها مخزونه الكترونيا تنتظر من يمول تكاليف طبعها التي تنصل الكثير من المتمكن الايزبدي في الداخل والخارج افرادا او مراكز منها بل حتى من شراء نسخ منها للمساهمة ولو بجزء من مبالغ طبعها ، مع ان قيمه مساهمتهم هذه تكمن في منحهم فرصه لمرتادي مكتبات مراكزهم وروابطهم وفروعها المنتشرة بالعشرات في مناطق الايزيدية سواء من اعضاء ينتمون لها او لجيل ناشء واجيال قادمه او باحثين محليين واجانب لقراءتها والاطلاع بالدليل الملموس والارقام المؤثقه عن ما حصل لاهلهم يوم غابت القيم وعناوين الرجوله من الكثير المسؤول وغير المسؤول الذي كان بامكانه منع او تقليل حجم الكارثة.
آمل ان تكون صرخه ختاري تصل الى الكل لينقلوها الى المنابر العالمية بمؤسساتها الاممية عسى ان يهتز ضمير الكبار بعدها للخروج بحل لمأساة الازيديه بحمايه دوليه او غيرها مما يرضي ويحقق ما يدور في اذهان الايزيديه الذين ما زال 80% منهم نازحين مشردين تحت رحمه الطبيعه واصحاب القرار.
وبالمناسبة فقدد سبق ان كلفني السيد داؤد ختاري بكتابه مقدمه لاحد اجزاء موسوعته ( الطريق الى الجبل ايام المحن ) وكان له ذلك وهذا ما سيكون الجزء الثاني من هذا المقال.