نالت الحكومة الجديدة لإقليم كوردستان ثقة برلمان كوردستان، واصبح السيد مسرور مسعود البارزاني رئيسا للوزراء ، والسيد قوباد الطالباني نائباً له مع واحد وعشرين وزيرا مثلوا جميع مكونات واطياف واديان وافكار كوردستان وهي الحكومة التاسعة منذ تشكيل اول برلمان كوردستاني في تسعينيات القرن الماضي وقد كانت التشكيلة الثامنة للحكومة برئاسة السيد نيجرفان بارزاني والذي كلف اليوم ليكون رئيسا لكوردستان في الدورة التاسعة.
من خلال متابعتنا ومرورنا على التشكيلات الحكومية الثمانية التي مرت على اقليم كوردستان منذ 1992 نرى بان صفحة النضال الكوردستاني التي بدأت مع تاسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني عام 1946واصبحت تتجدد في صفحات متتالية منذ انطلاق ثورة ايلول المباركة الى اتفاقية اذار الى ثورة كولان وثم الانتفاضة الاذارية ومناطق حظر الطيران الى تشكيل اول حكومة في الاقليم عام 1992 وتتحول تدريجيا من نضال مسلح لنيل الحقوق والدفاع عن كوردستان الى جهاد سلمي يرتكز على الحوار والتعايش والتاخي مستندة الى النهج القويم في المدرسة النضالية للبارزاني الخالد ، وقد اظهر البرنامج الحكومي للكابينة التاسعة اختلافا كبيرا عن البرامج الاخرى بصفحة نضالية جديدة ورصينة اساسها الاول تنويع مصادر التمويل الاقتصادي لكوردستان كونها تتجه نحو التطور والازدهار ووضع اسس رصينة للاقتصاد لتفادي الاعتماد على بغداد التي تحاول التلاعب بمقدرات شعب الاقليم عند اي خلاف سياسي يحصل مع الاقليم مثل ما حصل سنة 2014 وقطع الميزانيات والرواتب على الاقليم ومعها الازمة الاقتصادية بانخفاض اسعار النفط عالميا ومعها الحرب على داعش الارهابي. فتنويع مصادر التمويل الاقتصادي يسد الطريق على جميع الاخوة الاعداء لمحاربة كوردستان اقتصاديا ..
اما النقطة الثانية في البرنامج الحكومي هي تقليص البيروقراطية و تطبيق القوانين بسلاسة من اجل الخدمة العامة بعيدا عن الإجراءات الموحدة وتوزيع المسؤوليات بطريقة هرمية والعلاقات الشخصية والمنسوبية والمحسوبية، وبعدها ياتي في البرنامج الحكومي الاستمرار في الإصلاحات الإدارية والمالية وثم حماية أمن واستقرار إقليم كوردستان وحماية حقوق المكونات والاستمرار في الإصلاحات في وزارة شؤون البيشمركة من خلال العمل على توحيد قوات 80 التابعة للحزب الديمقراطي الكوردستاني وقوات 70 التابعة للاتحاد الوطني الكوردستاني حيث ان عدم توحيد قوات البيشمركة تحت قيادة وزارة البيشمركة والقائد العام للقوات المسلحة أدى للكثير من المشاكل في الإقليم فاحداث 17 تشرين اول 2017 و خسارة كركوك والمناطق المستقطعة اداريا من اقليم كوردستان ، كان سببها تعدد مصادر الاوامر الحزبية عليها وثم إيجاد آلية مشتركة للعمل بين قوات البيشمركة والقوات العراقية و تطبيع أوضاع المناطق الواقعة خارج إدارة الإقليم و توفير المزيد من الفرص لتشغيل رؤوس الأموال والاستثمار الأجنبي وحل المشاكل مع بغداد وفقاً للدستور وتنمية العلاقات مع الدول والحفاظ على علاقات متوازنة في المنطقة وجميع هذه النقاط البرامجية للعمل الحكومي تعتبر تحديات امام الحكومة والسنوات الاربعة القادمة سوف تثبت مدى صلابة النهج وحنكة الادارة وقوة الاداء الاداري وصلابة القائمين عليه وحسن التدبير في ترسيخ قيم التاخي والمحبة والتعايش والوحدة الداخلية وقد اثبتت الشهادات الدولية بان تجربة الاقليم السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية كانت خلال العقدين الماضيين تجربة ناجحة الى حد كبير قياسا بدول المنطقة ، وكيف لا وانها مستنبطة من نهج البارزاني الخالد .
في الختام الظروف الحالية لمنطقة الشرق الاوسط غير مستقرة خصوصا مع الضغوطات الامريكية على ايران ومناطق نفوذها ومع زيادة هذه الضغوط سوف تعمل ايران لزعزعة الاستقرار في مناطق نفوذها لتحيد عنها النظر المباشر وعلى اقليم كوردستان ان يوحد صفوفه بشكل جدي وواقعي كبير لكي لايتأثر داخليا ويحافظ على امنه واستقراره ويعيش شعبه برفاهية وسعادة .