في مقطع فيديو نُشر مؤخراً على موقع بحزاني نت الموقر بعنوان (صفحات منسية من تاريخ الئيزديين ــ تقرير مرئي) فيقول (أن الئيزديين أُجبروا على ترك هويتهم ….)
الذين أُجبروا على تبديل دينهم وهويتهم كثيرون, وهم الآن مسلمون, وكثيرون منهم قد استعرب وفقد هويته نهائيّاً والبعض فقد الدين فقط, إنما الئيزديون فهم قاوموا وتحملوا المذابح ولم يُبدّلو شيئاً, ولو فعلوا لأسلموا منذ البداية فالسيف لم يتوقف لحظةً, 639 عاماً من الفرمان الماحق المستمر طيلة الحكم الراشدي والأموي والعباسي, فترى اليوم الذي بدّل قد أسلم واستكثر والذي قاوم تقلص إلى هذا الحجم, بينما كانوا هم القسم الأعظم من الإمبراطورية الساسانية يملأون كوردستان إيران وإلعراق وتركيا وسوريا , أغلبهم ذُبح وأسلم واستعرب . الكورد المسلمون هم الذين أجبروا على ترك دينهم و لغتهم وهويتهم للإسلام والتعريب .
الكلدو آشور أيضاً منهم من تركوا هويتهم للإسلام والتعريب وليس للكورد الئيزديين المضطهدين أكثر منهم لكن لم يكن وضعهم كالكورد الداسنيين الئيزديين أثناء الخلافة العربية فقد منحتهم العهدة العمرية وضعاً ممتازاً في البداية, حتى اليوم لم تفرض عليهم الاسماء العربية الإسلامية ((أنظر سهيل قاشا )) و(( أدي شير )) الذي صب جام غضبه على الكورد ولم يذكر شيئاً من إضطهاد الإسلام العربي لهم , تتدهور وضعهم فيما بعد, خاصة في زمن الخلافة العثمانية .
لم يأت زمنٌ تسلّط فيه الكورد أو فرضوا هويتهم على غيرهم عبرالتاريخ هذا هُراء , المد الإسلامي العربي فرض عليهم الإسلام بالسيف وأُبيد من رفض, وقد أستعرب كل من زحف عليه حكم الخليفة العربي مثل قدماء الموصليين والسوريين وهم الآن أشد إسلاماً وعروبةً من عرب الجزيرة, ومنهم الفرس الدروز أتباع علي بن حمزة الفارسي والعلويين الكورد لا يزال إسلامهم مختلفٌ فيه لكن العروبة ترسخت حتى حملوا شعار (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) وتبناها العلويون الكلازيون مثل عائلة الأسد الحاكمة ومن العلويين الكورد من إستترك تحت الحكم العثماني وعشيرة المالكي الشيعية هم من عمومة عشيرة داود الداؤود الجوانية السنجارية التي ناصرت إبراهيم الاشتر المالكي حتى تشيّعت واستعربت واكتسبت لقبه .
يقول الفيديو في أحد مقاطعه : الئيزديون جينياً منفصلين عن الكورد وهذا كذبٌ كبير لا يحتاج إلى فحوصات جينية مزوّرة فمعظمهم, بالأسماء يتعرفون على أقاربهم وبني عمومتهم من الكورد المسلمين, ولا توجد عشيرة ئيزدية ليس لها أبناء عمومة من عشيرة مسلمة وإن عرّبت أسماءها بعد الإ سلام مثل الهكاري الذين سمّوا أنفسهم بالقبيلة العربية مُضر وبدران فيسمون مزوري, والزيباري إسم جغرافي وليس إسم العشيرة الحقيقي وتعني جهة نهر زي/ الزاب .
هناك ماموسيون مسلمون منتشرون في محافظة أربيل بينما عندنا عشيرة ئيزدية , في سنجار هبابا ئيزدية وهبابا إسلام, في محافظة دهؤك هاجا إسلام وهاجكا ئيزدية , والدنة والخالتان بعض المسلمين منهم يدعون الإنتساب إلى خالد بن الوليد بسبب تشابه الإسمين . أنا من عشيرة البلسيني وإسمها السابق شاه ميري وهي جزء من عشيرة الشاه واني المسلمة المستعربة في الموصل, موطنها غرب الموصل قبل الإسلام , بينما فخذنا لا ينتمي إلى ذلك الوطن، آخر موقع جغرافي فقدناه هو قرية دارتو في قضاء عقرة في طريق هربنا من الشرق نحو المركًه زعيمنا الذي قتل هناك كان بإسم قُباد (إسم شاه ساساني هو والد كسرى أنو شيروان وإبن قمبيز وإبن جلال الطالباني حالياً) لا ندري كيف إلتحقنا بالبلسيني وإكتسبنا إسمها, أم هل كان أسلافنا قد هربوا من غرب الموصل في الفرمانات السابقة على مدى القرون والسنين ؟ ….. ولا تنتهي الأمثلة بينما لا توجد عشيرة ولا فردٌ واحد له أقرباء من الآشوريين أو الكلدان حتى المستعربين من الئيزديين والآشوريين في الموصل لم يدع أحدٌ منهم بأنهم أقارب, كلاهما سكنا الموصل منذ زمن الميديين والآشوريين حتى طغى عليهم الإسلام ففرض الدين والتعريب عليهم جميعاً نجا القليل من الئيزديين المستعربين بدينهم على يد الشيخ حسن وهربوا إلى بعشيقة وبحزاني وظل الآشوريون المستعربون حتى أيام داعش ومن الطرفين أسلم الكثير خاصة المكفّرين الكورد الداسنيين مثل عشيرة الشاهوان والأسر الموصلية العريقة كلها منهم وإن إدعت إنتسابها للعرب كالحمدانيين/تغلب والعمريين إلى عمر بن خطاب والقليل منهم يعترف بأصله الكوردي مثل أغوات باب البيض .
نحن متجاورون مشتركون في نفس الوطن مختلطون منذ الألف الأول قبل الميلاد, وبعد الإسلام تشاركنا في المصير الديني المضطهد وحتى اليوم , الآن أضيف إليه مصير البقاء أوالفناء تحت ظل الحكومات السياسية والعنصرية والدينية, لا أمريكا ولا الامم المتحدة ولا أبوها ولا أمها تستطيع أن تفرض عليهم الديموقراطية أو الحرية أو حقوق الآخرين كل المساعي الديموقراطية والحرية وإحترام الآخر تنهار على صخرة الإسلام . إذن فالأقليات أخوات في المصير وتحت سقفٍ واحد وعليها التعاون والإتحاد لإنقاذ أنفسهم وبالعمل السياسي الدبلوماسي المثمر اللاعرقي واللاعنصري وكسب الخارج لتحقيق ذلك لكن ليس بالنسب والإدعاء الباطل الذي لا ينفع في الغرب ولا مثقال ذرة , ماذا يستفيد المدعي من قوله في الأمم المتحدة إذا قال : نحن أقارب ترامب أو إبن عم ميركل ؟
فالئيزديون ليسوا طائفة أو قوميّة خاصة من قوميات الشرق الأوسط نجت بكامل أفرادها من الإسلام أو أبيد الممتنعون عن الإسلام عن بكرة أبيهم , لا توجد مثل هذه العشيرة بين الئيزديين , معظمهم أفراد أو أُسر معدودوة من العشائر الكوردية الداسنية المختلفة نجوا بدينهم وجلدهم, بينما أسلم بعض العشيرة وأبيد معظمها, الذين أسلموا تكاثروا وملأوا كوردستان بينما الناجون عاشوا تحت الإبادات المتلاحقة حتى اليوم فتقلصوا إلى هذا الحجم .
كايلا ويليامز ليست الكذابة الاولى ممن كتبوا عن الئيزديين, فجميع الكتبة القدماء كذابون والمعاصرون يعتمدون على كتاباتهم , هذا ليس شيئاً جديداً , وإذا كانت قد إلتقت ببعض من أنكر كورديته بسبب الفرمانات, فهناك الآلاف ممن يقولون عكسهم , إسم الكورد وكوردستان لم يعلنه المسلمون إنما الئيزديون عندما إشتهروا بإسم شرف الدين في القرن الثالث عشر الميلادي, صلاح الدين لم يشتهر بكورديته إلاّ بعد أن إستعمل الأكراد الداسنيين الئيزديين في جيشه. رأس السنة عندنا السرصال , زرادشت بتغيراته الدينية أعلن نوروز رأس السنة وقد رُفضت دعوته فهرب في زمن حكم الميديين الكورد الداسنيين , وبعد إعتبار مذهبه ديناً للدولة على يد دارا الاول أصبح الجميع مؤمنون به, فهو لم يخلق ديناً جديداً إنما تغيرات لم تَرُق للكهنة الميديين الداسنيين, فمبادئ دينه هي نفسها الشمس والنار والثور وهي نفسها عند الئيزديين حتى اليوم, لم يتغيّر منها شيء لنا أدعية وأقوال تؤكد ذلك .
أما نابو فلا ذكر له ولا شبيهه في التراث الئيزدي ولا عشتار ولا عطارد ولا شيء , معبد ئيزيدا معبد كيشي كوردي في بابل وليس معبداً آشورياً أو كلدانياً إشتهر في زمن الكيشيين بالدين الزرواني ثم الميثرائي الذي تتسمّى به عشيرة سنجارية هي (الميهركًان/ الجوانا) والشاهنشاه تلقب به (آريا ميهر) , بعد خروج سلالة حمورابي من الحكم على يد الحوثيين في نهاية القرن السادس عشر الميلادي وأثناء حكم جمشيدجم / جمجمي سلطان كًاي بريص, المهم جداً عندنا بحسب الأقوال , كان الشعبان الكيشي والاموري يسكنان بابل قبل حمورابي وبعده حتى في زمن الكلدان , كان الإسم الظاهر في التاريخ لمن يحكم حمورابي الأموري جمشيد الكيشي نبوخذنصر الكلداني كورش الفارسي حتى في زمن الساسان كانت سلوقية السريانية تقابل تيسفون الفارسية الكوردية السنجارية ومثلها كان في شمال العراق فوادي الرافدين منطقة إلتقاء الآريين بالساميين والخليط لم يتبدل إلاّ بسيف الإسلام ,
بأيّ عين رأى سليم مطر الئيزديين يشبهون قصراً بمظهر إسلامي مزيّن بنقوش عربية وعبارات كوردية ؟ وأين حصة الآشوريين فيها ؟ أيّ مظهرٍ إسلامي وجد فيه ؟ فليتفضّل ويعيش بينهم فترة ليسمع بأذنيه ما يقولون ويرى بعينيه ما يفعلون, ولماذا يُسمونهم بعبدة الشيطان إذن ؟ أم هو كهف كوردي تلوّث بأسماء عربية ؟ وأين الصلبان المنحوتة والكتابات المسمارية باللغة الئيزدية الكوردية لغة الدين والتاريخ ؟ كتابات الئيزديين القليلة جداً, كُتبت بعد ستمئة سنة تحت الحكم الإسلامي العربي فهي مكتوبة بالعربية الركيكة من كتبة أكراد قد إستعربوا أو تعلموها وهم سكان بحزاني أكراد الموصل الداسنيين إستعربوا بسيف هارون الرشيد كجيرانهم الآشوريين, وفي زمن لؤلؤ أُخرجوا بفرمانٍ ماحق, تفضلوا شوفوها واكشفوا عنها, واليزيدي الذي يدعي خلاف ذلك أتحداه أن يكشف عن شيء منها .
بإختصار شديد الئيزديون هم بقايا الدولة الساسانية الذين قاوموا الإسلام حتى اليوم والزي الساساني (الكلاف الطويل والجدائل لم ينقرض بعد) ماثلٌ في سنجار حتى اليوم رغم أن المحيط العربي قد فرض العقال على غرب دجلة , إلا أنّ الغالبية العظمى من الئيزديين هم بعمامة الرأس الخراسانية كبقية الأكراد المسلمين , يتزعمهم أمير من أقارب الأمير أنور معاوية, وكلاهما من سلالة الشيخوبكر الفقير القاطاني الساساني سليل جده الأعلى مير براهيم الخورستاني / أبي مسلم الخراساني/ إبراهيم أدهم أبو إسحق من أحفاد ملوك الساسان , هذا ما يؤكده مصحف رش وتراث الئيزديين الشفاهي تُؤيده الكتابات الفارسية عبر الإنترنت, أما أسرة الشيخ عدي الأموية فهي قد إلتحقت بالكورد بعد مذابح العباسيين فيهم, فلجأ الناجون منهم إلى بلاد الكورد فإحتضنوهم واستكردوا قبل ظهور الشيخ عدي بكثير أما الإعلان عنهم في 600 هجرية فذلك بفضل صلاح الدين والدولة الايوبية وليس بنشاطه أو نشاط بيت الزعامة الئيزدية المختفية , بظهوره إتحد الجميع فنهضوا وجددوا الدين الئيزدي الزرادشتي عندما وفر لهم صلاح الدين الظرف الملائم ودام بفضل قضاء هولاكو على الدولة الإسلامية العباسية .
حاجي علو
11 تموز 2019