الأربعاء, نوفمبر 27, 2024
Homeمقالاتكركوك ماضي مرير وحاضر عسير : روئيل داود جميل

كركوك ماضي مرير وحاضر عسير : روئيل داود جميل

كركوك مدينة التأخي تعتبر انموذجا يمثل العراق باطيافه القومية والدينية، لقد انعم الله على هذه المدينة بثروة نفطية ولكن الحكومات المتعاقبة تسلب هذه النعمة من اهلها ، ويترك لابنائها اليأس والظلم والتهجير والترحيل وغيرها من ما يرفضه المنطق والقيم والاخلاق الوطنية ، وكانت اكثر المأسي التي حصلت لها جائت في الزمن النظام السابق ، والتي تمثلت في ترحيل مئات الالاف من ابنائها وتحديدا من ابناء القومية الكوردية مع استقطاع بعض الاقضية والنواحي ذات الاغلبية الكوردية واضافتها للمحافظات المجاورة في ظل تغيير ديموغرافي لسكان المحافظة، وتم نقل عشرات الاف من الاخوة العرب من مناطق عديدة في العراق وتم اسكانهم في هذه المدينة لتغيير طابعها القومي، ولان النظام السابق كان يحمل طابعا قومية الى حد المغالات على حساب المواطنة الحقيقية الشاملة لكل ابناء العراق كما كان سابقيه من الانظمة المتعاقبة  في حكم العراق يسيرون في الاتجاه نفسه، لذلك نلاحظ ان نهايات هولاء الحكام جميعا كانت سوداء لان سلطتهم لم تكون وطنية وديمقراطية مبنية على اساس المواطنة الحقيقية .

خلال حقبة ما قبل عام 2003 ولثلاثة احصائيات اجرتها الحكومات المتعاقبة نرى مدى الاجحاف الحاصل في هذه المدينة من حيث تغيير هويتها .

ففي (تعداد عام 1957 كانت نسبة الكورد 48% ونسبة العرب 28%  ) (وفي تعداد عام 1977  اصبحت نسبة الكورد 38%  والعرب 45%  ) ( وفي تعداد عام 1997 تناقصت نسبة الكورد الى 21% وازدادت نسبة العرب الى 72% ) في الوقت الذي سجلت الامم المتحدة ترحيل عشرات  الالاف من عوائل الكوردية من كركوك من قبل النظام.

 بعد عام 2003 وزوال النظام السابق وتشكيل مجلس حكم تم اقرار قانون ادارة الدولة والمادة(58)  اقرت بما جرى في كركوك اضافة الى خارطة طريق لاعادة الوضع الى ما كان عليه وفق تعداد عام 1957 وفي عام 2005 تم اقرار رسميا دستور العراق وحلت (المادة 140 بدلا من المادة 58 ) على امل يتم تطبيقها خلال سنتين لانهاء الظلم الذي حل على هذه المدينة ولكن تلكؤ السلطات المتتالية على الحكم بقيت هذه المادة دون تطبيق فعلي واستمرت مأسي هذه المدينة قائمة  وما ان بداء التنظيم الارهابي داعش في عام 2014  باحتلال مدن العراق اتجه بكل قوته تجاه كركوك  وقد استطاعت قوات البيشمركة حماية المدينة واطرافها من السقوط  بيد هذا  التنظيم  الارهابي وفي عام 2018  كانت البيشمركة  الركيزة الاساسية لانطلاق الجيش العراقي  لتحرير باقي مناطق  العراق من سيطرة هذا التنظيم الارهابي، ولكن ما  يؤسفنا هو اقدام السيد حيدر العبادي رئيس مجلس الوزراء انذاك وفي خطوة لم يحصل مثيل  لها في العالم عندما منح مجلس النواب العراقي الصلاحيات له ومن خلال استعمال القوة العسكرية بعيدا  عن كل القيم والمبادئ والاخلاق الوطنية بالدخول الى مدينة كركوك  والاستعداد لمقاتلة البيشمركة الذين اختلط دمهم مع اخوتهم من القوات العراقية في مقاتلة تنظيم داعش الارهابي الذي احتل ثلث العراق خلال الاربع سنوات بالاضافة الى الدور الوطني الكبير للبيشمركة في حماية المراكز الاساسية للسلطة الاتحادية في بغداد ولولا حكمة القيادة في كوردستان ومحاولة استيعاب الموقف في حينه وعدم فسح المجال لحرب كادت ان تكون اهلية في العراق الذي لايزال كان جرحه ينزف لحصلت كارثة كبيرة ، كما وسببت هذه الخطوة ايضا في ترحيل عشرات الاف من ابناء القومية الكوردية من كركوك .

 ان ما نلاحظه في نهج ومسيرة جميع الحكومات المتعاقبة ان السلطة تتغير وتأخذ اشكالا والوان متعددة ولكن الفكر تجاه كوردستان باقي ولم يتغير والى اليوم ابناء كركوك رغم الماضي المرير ولكنهم يعيشون حاضر عسير في العودة الى بيوتهم واراضيهم وممتلكاتهم ، ولذلك نعتقد ان من واجب مكونات كركوك الاساسيين التكاتف وانهاء معانات ابناء المدينة لان من غير المعقول ان يبقى ابن المدينة مرحلا عن مدينته لعشرات السنين بسبب الهوية ولمزاج وفكر هذا  الحاكم او ذاك.

  ونؤكد ان الحكومات التي انتهجت خط غير الخط الوطني كانت نهايتهم مأساوية ومثال ذلك من عهد المرحوم عبد الكريم قاسم والى اليوم كم من الحكام جأوا الى الحكم وانتهى بهم الامر مقتولين او مطرودين بسبب عدم سلك الطريق الوطني في الحكم .

 على حكومة اقليم كوردستان التحرك الفعلي والجدي تجاه حل مشكلة كركوك فمن حق ابناء هذه المدينة التمتع بخيراتها من النفط بدلا من يكونوا ضحية هذه النعمة، وعلى الحكومة الاتحادية سلك طريق ومبادئ المواطنة في التعامل مع وضع كركوك دون التمييز بين ابنائها على اساس الهوية مع علم اليقين للجميع كل ما جرى ويجري لن يغير واقع كركوك وكوردستانيتها ودماء الاف الشهداء لن تذهب سدى لمزاج هذا الطرف او ذاك ويجب ان يعود الحق لاصحابه والجميع يعترفون بالواقع وهوية كركوك الكوردستانية  ..

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular