الميثرائية هي إمتداد للديانة اليزدانية
في البداية من المفيد التعريف بأسلاف الكورد الخوريين (الهوريون) لِعلاقتهم بالموضوع. يذكر الدكتور جمال رشيد أحمد بأن أغلب المناطق الشمالية لبلاد ما بين النهرَين عُرفت في المصطلحات البابلية بـ (سوبارتو Subartu)، وأن سكانها كانوا غير ساميين وغير هندو أوروپيين وأن (سوبارتو) هي إسم جغرافي يعني (الشمال أو المنطقة المرتفعة)[1]، أي المنطقة الشمالية من بلاد ما بين النهرَين أو المنطقة الجبلية منها. من جهة أخرى يقول السير سدني سمث بان السكان السوباريين القاطنين في أعالي القسم الغربي لدجلة، كانوا معروفين بإسم “الهوريين (الخوريين)” الذين إستطاعوا ان يبسطوا سيطرتهم في القرن 18 قبل الميلاد على القسم الأكبر من ســورية الحالية حتى نهر الفرات وأن المصريين في تلك الفترة كانوا يُطلقون على ســـورية الحالية إسم بلاد “هورو”[a]. هكذا أنّ (لسوباريين) يعني (شماليين أو جبليين أو سكان الشمال أو سكان المنطقة الجبلية) وهؤلاء السوباريون هم الخوريون الذين كانوا سكان سوبارتو.
يقول الدكتور جمال رشيد أحمد بأن الخوريين ظهروا منذ الألف الثالث قبل الميلاد وجاء في السجلات المسمارية في الألف الثاني قبل الميلاد بأن الخوريين كانوا سكان المناطق الواقعة على نهر الزاب الصغير وسهول (بيتوانه) و(كركوك) و(الموصل) و(وان) و(الجزيرة) ووديان نهر الخابور وصولاً الى مدينة (حلب) الحالية وأطرافها[2]. كما يشير الدكتور احمد محمود الخليل الى أن (وليام لانجر) يذكر بأنه في حوالي عام 1690 قبل الميلاد بدأ الخوريون يهاجرون من موطنهم (سلسلة جبال زاگروس) و ينتشرون في مناطق تمتد من مدينة (وان) شمالاً الى مناطق (شَوشاره) و(نوزي) الواقعة قرب مدينة كركوك جنوباً والى شمالي الموصل غرباً[3][4].
عُثر على مجموعات من الوثائق الخورية في نوزي (يورگان تبه، جنوبي كركوك) ومحيطها وفي (ماري) و(إيمار) الواقعتَين على الفرات الأوسط وفي (أوگاريت) وفي العاصمة الهيتية هاتوشا (بوغازكوي الواقعة في شرقي أنقرة). كما ترد تعابير ومفردات وأسماء أعلام خورية في كثير من الوثائق المكتشفة في مناطق مختلفة من الشرق القديم.
إنتشرت اللغة الخورية على نطاق واسع عند إتساع المملكة الخورية في أواسط الألف الثاني قبل الميلاد، وأصبحت لغة لها مكانة بارزة في المنطقة. من الجدير بالذكر هو أنّ اللغة الأورارتية منحدرة من اللغة الخورية.
كانت اللغة السوبارية (الخورية) وكتابتها المسمارية هي من أقدم اللغات والكتابات. اللغة السوبارية (الخورية) هي لغة إلتصاقية مثل السومرية. كانت الحضارة السوبارية (الخورية) تنافس الحضارة السومرية حتى في ظهور الكتابة بل وفي تدشين العصور التأريخية رغم عظمة وبكورية الحضارة السومرية[5].
يشير الدكتور جمال رشيد احمد بأن “جيجر” يذكر أن إسم الخوريين مرتبط بإسم الإله “خوارHVAR ” إله الشمس، حيث لا يزال إسم الشمس باللغة الكوردية هو “خۆر”[6]. إن هذه التسمية في بلاد سوبارتو و تعميقها بمفهوم ديني ومن ثم بمفهوم قومي على جميع السكان الذين آمنوا بإله الشمس والنور في بلاد سوبارتو من گوتيين ولوليين وكاشيين، له مغزى تأريخي عظيم، حيث أنها تعني بأن هذه المجموعة البشرية كانت تعبد إلهاً مشتركاً و تقوم بأداء طقوس دينية مشتركة. الديانات التي كانت سائدة في بلاد سوبارتو، كانت تدّعي بأولوية وعظمة إله الشمس من بين الآلهة الأخرى. يستطرد الدكتور جمال رشيد أحمد في حديثه بأنه لا يزال إسم إله الشمس باقياً في نفس المنطقة بشكل “خورماتو” (طوزخورماتو، تازه خورماتو)، كما هو الحال مع إسم “باگاداتو” التي تحولت الى (باگادات “بغداد”) أي عطاء الإله باگا.
هكذا كان تقديس الطبيعة وعبادة قواها سائدة في معتقدات السوباريين (الخوريين)، حيث أن الصليب المتساوي الأضلاع الخوري – الميتاني كان رمزاً للإله “ميثرا”. لا يزال يتم رسم هذا الصليب على أجساد الأطفال المرضى ويتم وضعه في رقاب الأطفال والحيوانات الأليفة، كما يتم رسمه على الأدوات المنزلية. لذلك كانت عبادة الشمس من العبادات السائدة عند شعوب الشرق الأوسط ومصر[7].
لا يزال تقديس الشمس باقٍ في فروع الديانة اليزدانية، مثل الإيزدية و اليارسانية. كانت الشمس هي الإله الأول للسوباريين (الخوريين) ومن ثم تأتي الكواكب الأخرى وخاصةً كوكب الزهرة والقمر، بعد الشمس في القدسية و العبادة، لذلك كان السوباريون و الأقوام الزاگروسية القديمة الأخرى يجعلون مقابر موتاهم بإتجاه شروق الشمس نتيجة تقديسهم لإله الشمس وكانوا يدفنون حاجيات الشخص المتوفي معه في قبره. كما أنه من المفيد القول بأن السوباريين كانوا يحترمون الأديان الأخرى، الى جانب إحتفاظهم بمعتقداتهم الدينية و كانوا يمنعون التطرف والعنف[8].
لقد عثر علماء الآثار على بعض الأدعية الدينية، التي تُشير الى أنه كانت للمرأة مكانة مرموقة في المجتمع السوباري (الخوري)، حيث كانت المرأة متمتعةً بحريتها و إستقلاليتها في كثير من الأمور. الآثار المكتشفة تدل أيضاً على أن المرأة كانت تؤدي الأعمال الكتابية في الدواوين الى جانب الرجل[9].
يُعرّف الپروفيسور (مهرداد إيزادي) الديانة اليزدانية بأنها دين خوري (هوري) قديم ويذكر بأنه قد يكون أسلاف الكورد الميتانيون قاموا بإيجاد بعض الطقوس الڤيدية التي تظهر بِوضوح في الديانة اليزدانية[b].
نستنتج مما تقدّم، بأنّ اليزدانية كانت دين الخوريين، حيث أنّ كلمة (خور) و(هور) باقية في اللغة الكوردية وتعنيان (الشمس). يتبين من إسم (الخوريين) أنهم من معتنقي الديانة اليزدانية الشمسانية. كما تمّ ذكره أعلاه، إنتقل الخوريون من سلسلة جبال زاگروس الى مناطق سهلية في كوردستان في حوالي سنة 3000 قبل الميلاد وهذا يعني أن الدين اليزداني عمره أكثر بكثير من 5000 سنة، حيث لا بد أنهم كانوا يُدينون أيضاً بالديانة اليزدانية في موطنهم الأصلي (جبال زاگروس) قبل نزوحهم الى المناطق الكوردستانية السهلية. من جهة ثانية، أنّ الميتانيين أسسوا مملكتهم في حوالي سنة 1450 قبل الميلاد والذين كانوا يعتنقون الديانة الميثرائية. إندمج الميتانيون مع الخوريين وإكتسبوا تقديس الشمس واللغة الخورية منهم. هذا يعني أنّ الديانة اليزدانية أقدم بكثير من الديانة الميثرائية وأنّ الميثرائية هي إمتداد للديانة اليزدانية.
المصادر
1. الدكتور جمال رشيد أحمد. دراسات كردية في بلاد سوبارتو. بغداد، 1984، صفحة 3.
2. الدكتور جمال رشيد أحمد. ظهور الكورد في التاريخ. دار آراس للطباعة والنشر، أربيل، كوردستان، الطبعة الأولى، 2003، صفحة 601.
3. الدكتور احمد محمود الخليل. تاريخ مملكة ميتّاني الحورية. 2013، صفحة 12.
4. وليام لانجر. موسوعة تاريخ العالم. أشرف على الترجمة د. محمد مصطفى زيادة. الطبعة الأولى، القاهرة، 1963، صفحة 62.
5. محاضرة للدكتور خزعل الماجدي في لاهاي في هولندا بتأريخ 2/10/2010.
6. الدكتور جمال رشيد أحمد. دراسات كردية في بلاد سوبارتو. بغداد، 1984، صفحة 25، 26).
7. المصدر السابق، صفحة 27.
8. محاضرة للدكتور خزعل الماجدي في لاهاي في هولندا بتأريخ 2/10/2010.
9. جورجي زيدان. العرب قبل الاسلام. الجزء الأول، الطبعة الثانية، دار الهلال، 1922، صفحة 67.
الهوامش
a. Smith, Sidney (1928). Ancient Kurdistan.
تحية طيبة
لا يوجد في التارخ القديم إسم يزدان إلاّ بعد زرادشت حين أعلن أهورامزدا الـ( إيزيد ـ الإله ) الأعلى خالق الارض والسماء وبقية الآلهة بإسم الـ( يزدان) جمع سوراني, لم يُنوه عن هذا الإسم لا توفيق وهبي ولا أمين زكي ولا عبدالقادر مارسوني ولا حسن بيرنيا, ولا الكتابات الفارسية على الإنترنت , بل أكدوا على الـ مزدةيسنة) قبل زرادةشت وحتى الغزو الإسلامي , لعل هذه التسمية خلط وخبط بعد الإسلام تحويراً عن المزداسنية فقالوا المزدية أيضاً والمجوسية وهلم جرا من الأسماء التي كفرها الإسلام . ومن يزدان يبدوا أنها قد إشتقت هذه الكلمة في أوقاتٍ لاحقة بعد ظهور للإسلام .
الإسم الثابت لدين إيران وحتى الغزو الإسلامي هو المزدايسني واليوم هو داسني كما نعلم . وكلها تطورات في التسميات من جراء الترجمة ولغات الاجانب الذين تناولوها . الإسم الأول الذي علمناه في العهد الكيشي البابلي قبل 1500 قبل الميلاد كان زروان وإيزيد إسم إله وليس إسم دين , ثم الميثرائية وهي ليست إسماً بلغة الكورد لكنه شمساني بل بلغة الأجانب والإسم الكوردي لا يزال حياً حتى اليوم وهو الدين الـ(ميهر)ي تتسمى به عشيرة سنجارية إضافةً إلأى الشاه البهلوي الراحل , إلى جانب الدين الداسني والئيزدي الحديث , كلها وبجملتها أديان شمسانية تغيرت الأسماء والمفاهيم بفعل التطور العنيف تحت ظل الإضطهاد .
غداً سيطلع علينا عالم داعشي يتكلم عن الئيزديين كما يشاء مثل الشيخ سالم عبدالجليل فتتخذونه مصدراً موثوقاً واثقاً عن الئيزديين . وشكراً
حسنا فعل موقعنا الكبير بحزاني نت بنشر هذا المقال وله اخر رقم 2 نرجو نشره لان كاتبه الاستاذ مهدي كاكائي له مصادر مهمة صحيحة تدعم الوجود الايزدي وخاصة قدم الديانه. وكما ان علامة زائد تدل ايضا على صورة الشمس والميتانيين مثرائين او شمسانيين نقلوا عبادة الشمس الى مصر بواسطة نفرتيتي واروع مافي هذا المقال العظيم هو ((تقديم اليزيدية على المثرائية)) وايضا هي اقدم من الزرادشتية بدليل كتاب افستا ص727 الذي يقول (كن صديقا لليزديين). ومهما يكن فاليزدية لها تقاربات مع كافة الاديان لكنها ليست ديانه مسلمة او مسيحية او حتى زرادشتية والاخيرة التي تقبل زواج الرجل من اخته وامه وهذا لايجوز بتاتا في اي دين.
لكن قبل زرادةشت أيضاً كانوا يتزوجون من أخواتهم حمورابي أول من حرم ذلك, وبدأ بالتناقص بالتدريج , نمرود طرد إبراهيم الخليل بسبب زواجه المسافح من أخته وليس بسبب الاصنام , نحن نتكلم بما فرضه الإسلام علينا وليس الحقيقة ونمرود ملك كيشي زرواني قبل أن تتسمى بالمثرائية ثم المزداسنية التي سميت بالزرادشتية من قبل الأجانب , لا يوجد إسم إيزدي كدين لشعب أبداً ليس هناك أي مصدر قبل الإسلام بهذا الإسم ولا على سطح القمر قلت لك علي عوني ترجم إسم الآلهة (( إيزيد)) إلى اليزيديين من الكتابات عن العهود القديمة وتناقل الإسماء في اللغات الأجنبية أحدثت مثل هذه الأخطاء هو لم يقل كن صديقاً للئيزديين أتباع الشيخ عدي الأموي هو قال كن محباً لل(إيزيدات)) أعوان إله الخير أهورامزدا , ولا كان الكورد قبل الإسلام كلهم شعب ساساني عجمي بالدين المزداسني وبعد الإسلام تفرقت تحت السيف إلى عشرات الاسماء المكفّرة وظهر الكورد عن الفرس كقوم مميز
من حيث إنتقال الدين الشمساني إلى مصر فهو على يد الهكسوس الذين يُرجح إنهم كورد وإذا كانوا كورداً فهم سنجاريون نزحوا من الجبال بعد الفيضان العظيم ( الطوفان)) حتى وصلوا إلى مصر وهم كانوا سكان جنوب العراق في العهد الساساني , وبواسطة الشمس أصبح إخناتون توحيدياً ومنه تعلم قوم موسى التوحيد على الأرجح
الفضل لموقعكم ( بحزاني ) اطلعنا على جانب تاريخي لم يسبق لنا الاطلاع عليه .. تحيتي واحلى امانيي ..