الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeمقالاتمن يقف وراء محاولة اغتيال الدكتور محمد علي زيني؟: كاظم حبيب

من يقف وراء محاولة اغتيال الدكتور محمد علي زيني؟: كاظم حبيب

السيد الدكتور محمد علي زيني شخصية وطنية وديمقراطية عراقية اختص في موضوع النفط. نشر كتابين أحدهما حول الاقتصاد العراقي، حيث عمل على كشف سياسات النظم القومية والبعثية الشوفينية والعدوانية ونهجها الاقتصادي عموما وفي اقتصاد النفط خصوصا والعواقب الوخيمة لاستمرار الطابع الريعي النفطي لهذا الاقتصاد. صدر هذا الكتاب بعد إسقاط الدكتاتورية، ثم جَدَدَ نشره بإضافات مهمة في العام 2010. كما كشف عن السياسات الاقتصادية الخاطئة للنظام السياسي الطائفي في العراق. وفي الكتاب الثاني للدكتور محمد علي زيني، الذي صدر في العام 2017 تحت عنوان “نهضة أوروبا وسبات العرب”، تحدث عن النهوض الأوروبي حضارياً وعن الارتداد الحضاري للعرب عموما والعراق خصوصاً، عن التقدم الاقتصادي والاجتماعي الأوروبي وعن التخلف الشامل للعرب، وكشف عن العورات الكبيرة في النظم العربية، إلا أنه ركز على وكنه العراق، فكشف فيه عورات النظام السياسي الطائفي الفاحشة والمريبة، إذ كان واضحا وجريئا في رفع الستر عن سلوك وتصرفات المسؤولين في الأحزاب الإسلامية السياسية وما فعلته في العراق المستباح من قبلها، وعما جرى في العراق خلال الفترة التي اعقبت إسقاط الدكتاتورية وتحت الاحتلال الأمريكي وقيام النظام السياسي الطائفي المحاصصي.

رشح الدكتور محمد علي زيني في انتخابات مجلس النواب للفوز بعضوية المجلس. ولكنه فشل في الفوز بالمقعد وكانت خسارته تندرج تحت عوامل ثلاثة هي: 1) قلة معرفة المجتمع العراقي به وبكتاباته بسبب وجوده في الخارج لسنوات طويلة، 2) عدم تقديمه الهدايا أو توزيعه الأموال على الناخبين كما فعلت وتفعل غالبية الأحزاب الإسلامية السياسية والقومية، و3) حصول تزوير واسع النطاق لصالح الفاسدين من المرشحين وضد الشيوعيين والديمقراطيين والمستقلين من أمثال الدكتور زيني. ولكنه حين رشح في دورة انتخابية لاحقة، فاز فيها، رغم عدم توزيعه الأموال ورغم وجود تزوير وتزييف إرادة الناخبين، بل قام بنفسه بحملة دعاية لصالحه، عندها فاز في الانتخابات وأصبح زيني عضواً في مجلس النواب العراقي في الدورة الجارية، هذا المجلس الذي يتسم بالطائفية ومحاصصاتها المقيتة والمذلة للشعب العراقي برمته. وأصبح رئيسا لمجلس النواب في افتتاح الجلسة الأولى بسبب كونه العضو النيابي الأكبر سناً إلى أن تم انتخاب الرئيس الجديد للمجلس، وقيل إن الرئيس الجديد قد اشترى كرسي رئاسة المجلس بثلاثين (٣٠) مليون دولار أمريكي، والله أعلم وكذلك الراسخون في علم اللاهوت!!!

في كتابه الثاني تحدث الدكتور زيني في فقرة خاصة عن ” الحالة العراقية”، عن أوضاع البلد وشعبه بعد الاحتلال الأمريكي للعراق وعن قيام النظام السياسي الطائفي المحاصصي، حيث حصل في ظل هذا النظام وتحت قيادة التحالف الإسلامي السياسي وبقيادة حزب الدعوة الإسلامية ورئيس هذا الحزب اجتياح وغزو همجيمرعب لمدينة الموصل، ومن ثم لعموم محافظة نينوى، وقبل ذاك كانت قد تمت الهيمنة، وإلى حدود بعيدة للقاعدة ومن ثم داعش، على محافظات الأنبار وصلاح الدين والكثير من مناطق محافظة ديالى، إضافة إلى منطقة الحويجة التابعة لمحافظة كركوك. فقد كتب الزميل الدكتور زيني مشيراً إلى كل ذلك بما يلي:

“لم تقتصر سياسة المتحاصصين على سرقة البلاد فقط وإنما تعدّت ذلك إلى خيانة البلاد. ففي حزيران 2014 دخلت الموصل بضع مئات من قوات مسلحة تسليحاً خفيفاً لتنظيم إسلامي أكثر تطرفاً من القاعدة اسمه “داعش”. فانسحبت أمامه قوات الخونة بأوامر من الخونة، تاركة لداعش كل ما “لذَّ وطاب” من أسلحة الجيش العراقي المتطورة، ثقيلة وخفيفة، أمريكية المنشأ، قيمتها تجاوزت ٢٥ مليار دولار. وانطلقت جنوباً هذه القوات التي تدّعي زوراً بكونها إسلامية، لتنشر الدمار على “بركة الله” أينما حلّـت أو مرَّت ولتقتل وتذبح وتستبيح وتنهب وتغتصب، باسم الله أيضا. وتم لها بسهولة وبمساعدة الخونة أيضاً، فتح محافظة صلاح الدين ومحافظة الأنبار وجزءاً من محافظة ديالى.” ثم واصل الدكتور محمد علي زيني فكتب: “وقد غنمت “القوات الإسلامية ” خلال فتوحاتها “لأقاليم الكفار” غنائم لا تُحصى. فبإضافة إلى استيلائها على أسلحة الجيش العراقي بتسهيلات الخونة، نهبت “القوات الإسلامية”, بعد ان تيسر لها “النصر المبين”، ما وجدته من ذهب وعُملات في خزينة البنك المركزي فرع الموصل، وقتلت الآلاف من الرجال ضحايا الغدر، من بينهم “شهداء سبايكر” وكان عددهم نحو 1700 متطوع شاب من سكان وسط وجنوب العراق. كما قامت هذه القوات، وهي قوات داعش، بسبي الآلاف من النساء والأطفال العراقيين.” (المصدر: محمد علي زيني، نهضة أوروبا وسبات العرب: الإنسان هو الثروة، دار ميزوبوتاميا للطباعة والنشر والتوزيع، بغداد، 2017، ص 379).

في هذا الكتاب طرح الزميل زيني أيضاً مجموعة من الأسئلة عن واقع العراق والنزوح الداخلي وعواقبه وعن الهجرة القسرية نحو الخارج والبؤس والفاقة وغياب مبدأ المواطنة عن هذا النظام السياسي الطائفي الفاسد والدولة الهشة ليجيب عنها بقوله: “تلك هي أسئلة جوابها واحد، وهو معروف لدى الشعب العراقي: إنها المحاصصة حين جاءت المعارضة العراقية من الخارج وهي حبلى بها. وعندها ولدتها في العراق، خرج الوليد بصفات وتوجهات عدة كلها سيئة وكريهة مؤذية تعّف عنها الإنسانية والوطنية والأخلاق القويمة، وهي بطبيعتها في صراع دائم مع ما يفرضه العقل ويستدعيه المنطق. إن من بين تلك الصفات تأتي الطائفية والأثنية الشوفينية والجهل والأنانية والكراهية والخيانة والفساد.”. وفي نفس الصفحة يكتب زيني ما يلي: “لقد ابتلى العراق في هذه السنين السوداء بنوعين من الفساد مالي وإداري” ثم يشرح طبيعة ومخاطر هذين النوعين من الفساد الذي تميزت به حكومة نوري المالكي والموارد المالية التي فرُط بها والتي اختفت…. إلخ. (راجع المصدر السابق ذاته، ص 473).

إن هذه النصوص الواضحة والموضوعية والجريئة التي سلطت الأضواء الكاشفة على المسؤول الأول في السلطة التنفيذية العراقية وفي القوات المسلحة العراقية في الفترة بين 2006-2014 عن سيادة الطائفية والإرهاب والفساد، والتي تواصلت لتقع الكارثة الكبرى ليحصل الاجتياح والغزو والإبادة الجماعية ضد اجزاء عزيزة من بنات وأبناء الشعب العراقي من مسيحيين وإيزيديين وشبك وتركمان من أهالي مدينة الموصل وعموم محافظة نينوى في حزيران/يونيو 2014 ومسؤوليته المباشرة وبطانته عما حصل هناك والتي ماتزال ذات العائلات تعاني منها، تلك التي تعرضت لتلك الكوارث والمآسي أثناء الاجتياح والغزو. ومثل هذا التشخيص الدقيق والسليم والمباشر، لاسيما اتهام المسؤول الأول وبطانته بالخيانة، يضع قائله، كما يبدو، والمتهم بمسؤولية ما حصل، وهو لا يزال يحتل موقعا في أعلى المناصب الحكومية في الدولة العراقية الطائفية، ولا يزال يلعب الدور الفعلي في قوات الحشد الشعبي وبعض الميليشيات الطائفية المسلحة، أن يكون هدفاً مباشر اً لنيرانأتباع الحاكم الذي كان مستبد بأمره المسلحين الأوباش. لقد كان على محمد علي زيني أن يدرك هذه الحقيقة، وأن يعي ما جرى ويجري في العراق حين يتحدث بصراحة ودقة إزاء مسؤولين من هذا الطراز الحاكم في العراق، وبالتالي فلم يكن مستغربا ان يتعرض وهو في طريقه من كربلاء إلى بغداد إلى نيران اتباع من وجه له الاتهام بالخيانة ولما حصل في الموصل وعموم محفظة نينوى، وكذلك في محافظات صلاح الدين والأنبار وديالى. وقد كان الزميل زيني قد أسرّ بعض صحبه في بريطانيا إلى احتمال كبير في ان يتعرض لمحاولة اغتيال بعد ان صدر كتابه الذي اقتطفت منه المقاطع المثبتة في أعلاه وقبل ان يصبح عضواً في مجلس النواب العراقي.

في خبر مختصر نشره الدكتور محمد زيني في صفحته على الفيسبوك قال فيه ان عربته المصفحة قد تعرضت إلى هجوم أشخاص أمطروا عربته المصفحة من ثلاث عربات عسكرية بنيران كثيفة وبأسلحة رشاشة ثم ولَّوا الأدبار بعد ان جوبهوا بدفاع حرس الدكتور زيني. وكانت قناعة من هم بالعربة المهاجمة ان من هم في العربة المصفحة قد قُتلوا أو جُرحوا. ولكن لم يصب الدكتور محمد علي زيني ولا مرافقيه بأية جروح في حين اصيبت العربة ببعض الأضرار.

نهنئ الزميل الدكتور محمد علي زيني وصحبه على سلامة النجاة من الاعتداء الغاشم ونرجو له ولهم الصحة والسلامة وان يواصل الزميل زيني دوره في الكشف الجريء عمن تسبب أو ساهم في كوارث ومآسي العراق خلال الفترة التي اعقبت إسقاط دكتاتورية البعث الغاشمة حتى الآن.

يجري الحديث من جانب بعض الأوساط السياسية إلى ان العراق أصبح آمنا وديمقراطيا. والحقيقة الناصعة تقول غير ذلك، تقول بأن العراق ليس آمناً ولا ديمقراطياً بأي حال من الأحوال. وقول هذا البعض يذكرني بجواب شعلان أبو الچون، أحد قادة ثورة العشرين (1920) في العراق حين ردَّ على القائد العسكري البريطاني الذي ادّعى بأن أصبح للعراق حكومة وطنية، قائلاً: أي يا محفوظ حكومة وطنية لكنها ترطن. ومعنى الرطانة باللغة معروفة للجميع. ووضعنا الآن في العراق هي أن الدولة كلها ترطن رطانة شديدة.
اتمنى على الزميل الدكتور محمد علي زيني وزملاء ومناضلين آخرين ان ينتبهوا لما يمكن ان يحصل لهم في بلد لا أمن ولا سلامة فيه. فالشهداء الذين سقطوا على أيدي المسلحين القتلة الأوباش من الجلاوزة ليسوا بقلة، منهم على سبيل المثال لا الحصر كامل عبد الله شياع وهادي المهدي والدكتور علاء مشذوب!!

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular