باحث تونسي يقول إن القرآن لا يصلح لكل زمان ومكان… و”الإفتاء المصرية” تصف كلامه بالجنون
القرآن تعرض للعبث بعد وفاة الرسول، وهو كتاب ليس صالحاً لكل زمان ومكان”. هذا بعض مما صرح به الباحث التونسي المتخصص في أنثروبولوجيا القرآن، يوسف الصديق، يوم 5 يوليو، خلال ندوة عقدت في العاصمة المغربية، الرباط، تحت عنوان “الحريات الفردية بين التحولات المجتمعية والمرجعية الدينية“.
تصريحات الصديق أثارت اعتراض دار الإفتاء المصرية، معتبرة أن كلامه “لا يستحق عناء الرد عليه“.
وبحسب الباحث التونسي، فإن أحد الأمثلة على ما وصفه بـ”العبث بالقرآن” بعد وفاة النبي محمد هو مسألة “الناسخ والمنسوخ” التي وصفها بأنها اغتصاب للنص القرآني، واصفاً القرآن بأنه “حدث” قبل أن يكمل أن “هذا الحدث تم العبث به، بالضبط عند وفاة الموحى إليه“.
وقال الصديق في الندوة إنه تم إلغاء طاقة النص القرآني تماماً منذ توفي الرسول ومنذ جاء المصحف، مؤكداً أن “القرآن ليس هو المصحف”، إذ “منذ اللحظة التي جُمع فيها وصار بين دفتين في المكتبات وبين أيدينا انطلق وتحرر من الطاقة الكبرى التي أحدثت الحدث“.
وتحدث الصديق في الندوة عن بعض الآيات القرآنية التي يقول البعض إنها قد نُسخت، كآية “لا إكراه في الدين”، واستنكر أن يقول البعض إنه لا يجوز اعتمادها فيستدلون بدلاً منها بالآية الخامسة من سورة التوبة “فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم”، وهي الآية التي قال عنها الصديق إنه تم نزع العامل الظرفي عنها لأنها “مرتبطة بمعركة“.
وطالب الصديق المسلمين بضرورة “اليقظة لأمر آخر جاء بعد الناسخ والمنسوخ وهو إلزامنا بما تذكره البخاري بعد قرنين من وفاة الرسول”، في إشارة إلى “صحيح البخاري”، قائلاً إنه ليس ملزماً بالاعتقاد بحديث “أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله”، والذي وصفه بالحديث الداعشي، ومتسائلاً بتعجب كيف يمكن أن يكون ذلك الحديث لرسول قال آية “لا إكراه في الدين”، وآية “وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون”؟.
وناقش الصديق في الندوة ما يؤمن به ملايين المسلمين من أن “القرآن صالح لكل زمان ومكان” قائلاً بلهجة استغراب: “كيف يكون كذلك وهو يقنن في بعض الأحايين للعبودية والرق؟” قبل أن يضيف: “إلا أن يكون هذا الرحمن قادراً على أن يجعلنا نتخطى نصياً ما أوحى وأن نسلخ من النص الموحى كل مرة ما يجاوزه“.
وتابع الصديق أنه في هذا الزمن، وبحكم القيم الإنسانية لا يمكنه أن يحارب أو حتى يلوم من يعبد الشجر مثلاً، مؤكداً أنه من اللازم “جعل حد فاصل بين ما يعتقده المسلم كيفما كان وبين التفكير والعقلنة التي تنتمي إلى كل الإنسانية دون تحديد لمسألة المعتقد“.
“جنون”
من جانبها علقت دار الإفتاء المصرية على ما قاله الصديق مؤكدة أن كلامه “جنون لا يستحق عناء الرد عليه”، وتابع الخط الساخن للدار الذي تواصل معه رصيف22 أن القرآن محفوظ ولم يتم العبث به، وأن القرآن جاء ليكون دليلاً للناس في الدنيا والآخرة، ومن أجل ذلك كان لا بد من بقائه سليماً، ولذلك قال الله “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون“.
وفي السنوات الأخيرة، تعرض الكثيرون للهجوم بسبب نقدهم للنص القرآني. ففي العام 2017 وصفت مجموعة باحثين جزائريين القرآن بأنه “تراث“، وهذا ما جعل الداعية الجزائري وإمام المسجد الكبير في العاصمة الجزائرية، علي عية، ينسحب من ندوة دينية حول نقد النص الديني، معتبراً ذلك “ردة عن الدين الإسلامي“.
وفي العام 2015 قال الباحث المصري إسلام بحيري خلال ندوة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب تحت عنوان “نقد التراث والطريق نحو التنوير”، إن بعض آيات القرآن لا تناسب كل العصور، ومنها آية “وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به”، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن نستخدمها أو نستعملها في هذا العصر، وذلك قبل أن يُحكم بالسجن سنة واحدةً لاتهامه بازدراء الأديان.