بات الرئيس التركي على خلاف مع الولايات المتحدة وأوروبا وجيرانه من الدول العربية وربما روسيا أيضًا على خلفية التطورات في سوريا، كما أصبح غير محبوب على نحو متزايد في الداخل.
وأعتبر مقال في صحيفة “الغارديان” البريطانية أن أردوغان يسير نحو نهاية مميتة سياسيا واستراتيجيا في ظل خلافاته مع جميع جيرانه ومع القوى الكبرى وكذلك في الداخل التركي، وذكر مقال لسيمون تيسدال أن الرجل القوي في تركيا أصبح غاضب ومتوتر بشكل متزايد هذه الأيام، ففي خطاب مخادع الأسبوع الماضي بمناسبة الذكرى الثالثة “للانقلاب العسكري الفاشل” لم يتمكن من أن يخفي انعدام الأمن، وفي الوقت الذي ذكر فيه إنه يستخدم صلاحياته الشاملة كرئيس لبناء “تركيا جديدة”، فإن “تركيا القديمة” يبدو أنها أرهقت منه سريعا.
واعتبر المقال ان خطابه بمناسبة الذكرى الثالثة لأحداث 15 تموز/ يوليو، التي تحدث فيها عن محاولة اخضاع البلاد للعبودية وعدم توقف “هؤلاء” عن محاولات وضع الفخاخ، كان بمثابة خلطة نموذجية تمزع القومية مع القصص المرعبة حول الخصوم السريين أو “اللهو الخفي” من الخارج والداخل.
لا يزال أردوغان مقتنعًا بأن أعدائه جاهزون للنيل منه، وعلى غرار جميع الديكتاتوريين، يربط بين طموحاته الشخصية وآفاق الدولة. وأصبح أحدث “الأشرار في هذه الدراما المتمحورة حول ذات أردوغان هم الحلفاء الأمريكيون والأوروبيون الذين يسعون، كما يقول، إلى إخضاعه وإخضاع الأمة التركية، مبررا سجن عشرات الآلاف من “المتآمرين المفترضين” ومعظمهم في انتظار المحاكمة منذ عام 2016، تم ايقاف أو فصل أكثر من 100،000 موظف في القطاع العام. وتطهير آخر سبق ذكرى “الانقلاب”، حيث اتهم أكثر من 200 من الأفراد العسكريين والمدنيين بالخيانة.
يتركز القلق في البلاد بشكل خاص حول نظام العدالة في تركيا. واشارت جمعية القانون البريطانية، إلى “الاضطهاد واسع النطاق والمنهجي لأعضاء المهنة القانونية (المحاماة)”، وقدمت تقرير عن تركيا إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. كما تعرض الصحفيون للترهيب، ومعظم وسائل الإعلام التركية الآن تعكس خط الحكومة.
واستعرض المقال اسباب قلق اردوغان التي ترتبط بـ16 عاما من المشكلات التي صنعها “الخليفة التركي الجديد”، أزمة ديون مزمنة، نتائج كارثية وفوضوية لمحاولته لعب دور اقليمي، استغلال الكرد ككبش فداء لفشله، و”الأن حان وعد تسديد هذه الفواتير”.
وتابع المقال: “لا تزال تركيا في حالة ركود بعد أزمة العملة المأساوية التي وقعت العام الماضي، وسط مخاوف من حدوث أزمة مالية جديدة وشيكة. البطالة والتضخم معدلاتهما مرتفعة والأعمال التجارية بطيئة. كان إقالة أردوغان الأسبوع الماضي لمحافظ البنك المركزي بمثابة علامة على أنه سيواصل مع استراتيجيته المشكوك فيها المتمثلة في تحفيز النمو بأموال مقترضة”.
لأول مرة منذ سنوات، تصبح قبضته السياسية مهددة. فقد عانى حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان من خسائر الانتخابات المحلية في خمس من أكبر ست مدن في البلاد. كما تعرض للإهانة مرة أخرى الشهر الماضي في الانتخابات البلدية التي جرت في اسطنبول. كما أن احتكاره للسلطة يجعل من الصعب تحميل المسؤولية للآخرين.”
وبغض النظر عن دوافع اردوغان من اثارة ازمة مع الناتو سواء كانت رغبته في اظهار استقلال تركيا بشراء منظومة السلاح الروسي او انه مجرد “جنون العظمة”، فإن قرار أردوغان دفع الى إلغاء بيع طائرات إف-35 وتهديد بلاده بفرض مزيد من العقوبات.
شهدت علاقات أردوغان المتوترة دائمًا مع الاتحاد الأوروبي، والتي توترت بسبب أزمة اللاجئين السوريين، تمزقًا متزامنًا، بعد أن تجاهلت أنقرة التحذيرات القبرصية بعدم التنقيب عن النفط والغاز في مياه شرق البحر المتوسط التي تقول نيقوسيا أنها خاصة بها، ففرض وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي مزيد من العقوبات.
واضاف المقال: “سقط اردوغان في خلافات لا نهاية لها مع العديد من الجيران الإقليميين، بما في ذلك سوريا ومصر وإسرائيل والسعودية، ناهيك عن اليونان. ويتحرك نحو الانفصال عن الولايات المتحدة وأوروبا”، وفي نفس الوقت هناك اهداف غير متوافقة مع روسيا التي تسعى لانهاء الحرب في سوريا، بينما يريد أردوغان توسيع المناطق الآمنة تحت السيطرة التركية.