الصوم والتصوف في مربعانية (الصيف ـ الشتاء) واجب مقدس ينبغي ان يقوم بها رجال الدين الايزيدي, وهي عبادة لخالقه.. فيها يعرف الانسان نفسه ويدرك بقيمة الحياة ويتعلم فيها الصبر والتحمل والثقة بالنفس والإحساس والشعور بالآخرين.
يدخل فيها رجل الدين الايزيدي للصوم نحو الاتجاه الصادق, وليس الدخول فيها الى النعم والملذات والعزائم, وقطع الصوم والمفاخرة بها نحو الظهور بين الناس في الشكليات, وتقيّيمهم على أساسها.
في صوم المربعانية (الاربعينية) لا يجوز اطلاقا قطع الصوم وعدم إكماله, وبأي شكل من الاشكال وتحت أي مسميات, وان وجد فهو بدعة من بدع الزمان, لان المربعانية(الاربعينية) فيها عيداً واحداً فقط.
وللأسف الشديد في هذه الايام تعطي الأهمية الى الأمور الظاهرية في الطقوس والمراسيم الايزيدية, ولا تعطي الاهتمام الى جوهرها ومضامينها وثوابتها العريقة والقديمة والعديد من الناس يقومون بإفطار الصائم في مربعانية (الصيف ــ الشتاء) (هل تعتبر افطار الصائم خطيئة).؟
أن إفطار الصائم من دون أن يكون عاجزاً أو مريضاً أو كبيراً في السن, ولأي سبب كان منطقيا ربما يكون جائزاً في عدم القيام الى الصوم. وبعكس ذلك, فالإفطار من دون سبب منطقي معقول أخلاقي وديني تعتبر خطيئة كبرى, لان الصائم قائم بها وبات بنية الصوم وجب عليه اكمال الصوم.
كان في الماضي وحتى في الخمسينيات والستينيات من القرن المنصرم, كان رجال الدين والخيرين يصومون بصورة كاملة وهي صوم (80) يوما في مربعانية (الصيف ــ الشتاء) والكثيرين من الناس في المجتمع الايزيدي من الرجال والنساء.. قد صاموا أربعين مربعانية, وقيل من صام أربعين مربعانية, أعفاه الخالق يزدان في الدنيا والاخرة ودخل الجنة.
لأن النبي نوح عليه السلام صام اربعين مربعانية ويوم العيد يكون بعد اربعين يوما من الصوم وليس ضمن الاربعين, وكذلك الشيخ (آدي الهكاري) كان يصوم في مربعانية (الصيف ــ الشتاء) (80)يوما, في كل مربعانية كان يصوم (40) يوما كاملا. هذه كانت طريقة الايزدية في التصوف والعبادة منذ القدم في التقرب الى الخالق, والتي كان يختص بها الأنبياء والصالحين في التصوف والتقرب الى الخالق يزدان(ايزي).
حسب النصوص الدينية قيل إن النبي نوح صام فيهما من بداية رؤيته للطوفان والى رسو سفينته، وذکر قدسية الاربعين للأول مرة علی لسان النبي نوح حسب الميثولوجيا الإيزيدية في قصة الطوفان الشهيرة، حين راى نوح حلما في كيفية حدوث الطوفان ونهاية البشرية, وهي قصة معروفة لدى الايزيدية, وحسب النصوص الدينية والمصادر الإيزيدية بأن نوح قد أعتکف في كلي لالش بکهف يعرف الان بــ (چلە خانة) وكان يعرف بـ (جلة خانة نوح) وصام فيە أربعين يوما في مربعانية (الصيف ـ الشتاء). وبعد عشرات الالاف من السنين جاء الشيخ آدي وظهر في الايزدية وفي كلي لالش وقد اتخذە مكانا للعبادة، فقد تغير أسم الکهف وأصبح يعرف الان بـ (چلە خانە شيخ ادي).
الانقلابين(الصيفي ـ الشتوي) ومربعانية (الصيف ـ الشتاء)هي الفترة التي يشتد فيها الحر والبرد في الصيف والشتاء ويستمر في كل حالة اربعون يوما, وتكون في فترتين متقابلتين على مدار دوارن الارض في حركتها حول الشمس وتكونان في موقع الانقلابين الفلكيين (الصيفي ــ الشتوي ) يكونان في نقطتين متقابلتين يقسمان مدار دوران حركة الارض المدارية الى نصفين متساويين, ويقسمان السنة الى قسمين متساويتين وعلى نقتطين متقابلتين على مدار دوران كوكب الارض حول الشمس.
يبدأ الانقلاب الصيفي في (20 ــ 21 /6 )من شهر تموزمن كل سنة, وهي فترة بداية مربعانية(اربعينية) الصيف مع اختلاف بسيط في عدم تطابقها في يوم الانقلاب الصيفي. ولكن يجب ان يتطابق انطلاقة مربعانية الصيف بعد يوم الانقلاب الصيفي لتكون في قمة معناها الفلكي الدقيق.
لان هذا اليوم يعرف في النصوص والطقوس والمراسيم الايزيدية, بأن الشمس في هذ اليوم يبدأ في حركته التراجعية المعروفة, ولدى الايزدية يقال (يغير الشمس وجهها نحو الشتاء) وبعد (180) درجة من دوران الارض حول مدارها يبدأ مربعانية الشتاء وهي ايضا يختلف مع يوم الانقلاب الشتوي بفترة بسيطة, وهنا يقال( ان الشمس يغير وجهها نحو الصيف) ولابد من تطابقها مع يوم الانقلاب الشتوي وهي الفترة التي يشتد فيها البرد, وتحديدا هي الفترة الممتدة (22 ــ 23)من شهر كانون الاول ويستمر لمدة اربعين يوما الى (31/1)من شهر كانون الثاني وهو اليوم الذي يجب ان يكون نهاية او عيد مربعانية الشتاء من كل عام.
إن مربعانية (الصيف ــ الشتاء) بشكلهما العام هي أشارة إلى حركة الكواكب والأفلاك في الكون وفي الطبيعة,وبشكلهما الخاص هي اشارة الى حركة ودوران كوكب الارض حول الشمس.
أن العلاقة الفلكية بين مربعانية (الصيف ــ الشتاء) تشبه وتطابق العلاقة المناخية والحسابية بين الانقلاب الصيفي في (21/ 6)والانقلاب الشتوي في (22 / 12)ويجب الرجوع الى حساب التواريخ الفلكية وطول وقصر النهار والليل في حساب مربعانية (الصيف ـ الشتاء).
ولابد ان نجعل بداية مربعانية (الصيف ـ الشتاء) في فترة الانقلابين الصيفي والشتوي, وهي المواقع الفلكية الرئيسية التي تمر بها كوكب الارض في حركته المدارية خلال دورانه حول الشمس.
نجد الحساب الفلكي لدوران الأرض هو نفسه حساب المربعانيتين ولا يجوز التغير في مواعيدها, لأنها تعطي الانطباع للدوران والسجود والتصوف للخالق يزدان الأعظم.
قاسم مرزا الجندي
31/7/2019 الاربعاء