بمناسبه الذكرى الخامسه لابادة ايزيديي سنجار من قبل الاوباش الدواعش
سنجار بين ما أختارته لهم الحياة من :
افراح واعراس
انهماك في العمل الجاد فلاحين ومزارعين موظفين ومجندين
طلابا وطالبات متدافعين على العلم و العمل راضين بقسمه الحياة لهم
وبين ما اختاره الاشرار لهم من:
دماء ودموع….
مآسي موجعه وابادات منظمه ….
لتنتهي الابادة
بالآلاف من الشهداء
والآلاف من الفتيات الاسرى السبايا ومثلهن من الاطفال
ومئات الآلاف من النازحين والمشردين الباحثين عن وطن جديد و ملاذ جديد
ليخرج الجميع
بمواقف واحكام …
و بحكم وعبر…..
د. خالد محمود خدر
سنجار ايتها الارض الطاهرة التي وردت في كتب الأقدمين من تاريخ وحضارة ودين.
سنجار ؟ كم من ملحمه سطرها رجالك عبر التاريخ ليزيلوا عن ترابك رجس الاشرار الغازين باسم اطماع الدنيا في ارضك المعطاء أحيانا واحقاد متطرفي الدين احيانا اخرى اكثر.
سنجار ؟ كم من طفولة بريئه وسعيدة، لعبت ولهَتْ مع اقرانها في العمر على مرابعك ، طفولة بريئه عاشوها كأنهم ملائكة في جنة الله على ارضه في سنجار وسط رعايه ومتابعه اباىهم وأمهاتهم وهم حالمين بهم ومعهم بغد يكبرون ويغدون مبلغ الرجال شبابا يافعين نافعين متربين على ما تربوا عليه من اصاله في التربيه وعمق في الانتماء ، شبابا قد حققوا امالهم و احلامهم بهم ومعهم.
سنجار؟ كم من عرس اقيم في واديك طربت له على انغامها القلوب وكم من فرصه كانت فيها لتجمع بين قلبي عاشقين أبعدهما الزمان عن بعض . وكم من عجوز راقبت عن قرب لتبحث بين الفتيات عن عروسه لابنها الوحيد وكم من فتاة اولاها الجمال فيها تيها ودلالا.
وقبلها سنجار ؟ كم من عاشقين تسلقا سفوج وقمم جبلك الاشم وهما في نشوة عشقهما ذائبان ببعض حالمان بغد يجمعهما في دار واحدة بمباركه الارض والسماء ، فاجتازوا منتشين حالمين وديان جبلك وشعابه وهما يقطفان ثمار التين والرمان وزهور الياسمين من بساتين كثر منتشرة في سهول جبلك ووديانه ، معطين لانفسهما الحق بالتهامها حتى قبل نضجها و كأنها ملك لهم بحكم اعراف اهل سنجار مع محاصيل عرف الكل بها.
سنجار؟ كم من عائله غادرتكِ مؤقتا لتبحث عن رزقها في اقرب ارض اولتها واولت اصحابها الدوله بكل ما يضيف الى ثروتهم ثروة على ما هم هؤلاء من غنى اغتنوا به عن تعلم اساليب زرع الارض ،فكنتم لهم في ذلك بدلا ، فاختلط عرق جبينهم بمياه مشروع تروى به الارض لبختلط الاثنان بعد ان حركته سواعد هذا الانسان القادم من سنجار ومتابعته وكده المستمر ليجني من اتعابه طوال السنه ما يقيه من تعب الزمان ليرجع بين حين وحين اليك يا سنجار وكانك بعد لالشهم قدس اقداسه ، كيف لا وانت موطنه وموطن اجداده وعزائه انه بعيش بكرامه دون ان يمد بده الى احد في وطن لا يجيد حكامه ابداً قسمه ثرواته بعداله بين ابنائه.
سنجار ؟ كم من شهيد عادت اليك جثته بعد ان دافع مع اقرانه العراقيين عن بلده ودفع حياته قربانا لوطنه مجندا كان ام منتميا قبلها لاحزاب وحركات وطنيه وقوميه على ارضه التي لم تعد لأبنائه من بعده فرصه ليتنفسوا هوائها فوقها بل حتى ليدفنوا فيها بما يليق بهم كمواطنين بفعل غربان دواعش اشرار قدموا اليها ونفثوا سمومهم فيها ليقتلوا الاولاد والاحفاد ويسبوا النساء من شرفاء واصلاء ارضها.
هكذا ببساطه كانت حياة اهلك يا سنجار حلماً بسيطاً، بريئاً، لذيذاً ، نقيا طاهرا متجردا من مغريات الدنيا ، حياة كان الناس فيها قنوعين، متحابين، متراضين سعيدين.
وليس لهم من حلم كما يقال غير ان يمن عليهم ربهم ليديم عليهم بساطتهم هذه واتعابهم تلك على ارضهم وارض وطنهم التي يقدسوها كارض القديسين كما يقدسوا لغتهم ويقولون عنها بانها لغه الجنه.
ولكن لم يدروا ان هذه البساطه وهذا الحلم كان من يتربص له في الخفاء من اقرب المقربين لهم ، من جيرة ومواطنين نكرة من بلدهم بعيدين وقريبين سبق وان تآخوا معهم ،ليستغل هؤلاء طيبتهم في يوم غدر مكروا به على من نظروا اليهم واهمين كاخوة لهم لم تلدهم امهاتهم.
ويقتضي القول انه قبل اليوم الأسود المشؤوم بغزوا سنجار وسهل نينوى وتحديدا بعد فترة قصيرة من غزوا العراق سنه ٢٠٠٣ حصل تغييرات كثيرة في عقول الناس وأفكارهم وتوجهاتهم وتوجيههم ليبرز الكثير على حقيقته الشاذة وطنيا وانسانيا وقيميا ، وذلك بتلهفه للعيش بدأً على المال الحرام وسرقه كل ما يقع تحت ايديه وانتهاءأً بفرز الناس على هويتهم الدينيه عبر ولائاته الضيقه بالانتماء لتلك البؤر الارهابيه الموبوءة التي وظفت نفسها لاعداد وتأهيل الكثير من على شاكلتهم ممن اشرت لهم و اعدادهم لايام اكثر سواد على حياة الشرفاء من بني وطنهم واولهم اقلياته الاصيله فيه انتماء وتاريخا.
نعم حصل تغيّر في تفكير الكثير سواء كان تغيير في طريقه تفكيرهم بالبحث عن كل ما يفرقهم عن الاخر من بني وطنهم سواء كان ذلك دينيا ، مذهبيا ، فكريا ، لا فرق طالما وضعوا بالمجمل حدودا فاصله بين ابناء الوطن لا على اساس الانتماء له بل على اساس منطق تكفير الاخر وفق القناعه المنغلقه لهذه البؤر الشاذه التي احتيت على اشلاء الوطن المباع وجلهم من مناصري هذه التنظيمات المتطرفه التي باعت بالمجمل وطنها لغيرها وهم الذين زرعوا الكراهية والشر والقتل على الهوية الدينيه والمذهبيه والعنصريه باسم الله والوطن جزافا ، لتكون الأقليات الدينيه من ايزيديه ومسيحيه وكاكائيه وصابئه وكل شريف عفيف نزيه من ابناء الوطن اولى ضحاياهم وهذه شيمه الجبناء في كل زمان على هذه الأرض كما علمنا تاريخها .
اما اليوم الاسود المشؤوم الذي اشرت له فقد حل في الثالث من آب سنه ٢٠١٤ الذي ما ان بزغ فجره حتى تدفق سيل من الاخبار العاجله من القنوات الفضائيه العالميه معلنه احتلال سنجار من قبل ارهابيي داعش الكفرة بالحياة والدنيا وعرضت تلك القنوات لقطات مؤلمه للعوائل وهي تهرب صوب الجبل الذي علمهم تاريخ سنجار وكوارثها بالفطره بانه الملاذ والصديق الوحيد لاهلها ، دون ان تمتد لنجدتهم في ايام الابادة الاولى أيه جهه ، ولما لا فالكل مشغول ان لم يكن بهمومه الخاصه فبمصالحه الخاصه، فحتى عمليات الكر والفر في الحرب اصبحت تجري من منطلق المصالح الخاصه وليس المبادئ بما فيهم القوى المتمكنه دولا وحكومات ، صغرى وكبرى متحكمه بمصير العالم ، ليصبح بالنتيجه مصير الاقليات كما يبدوا جزء من هذه المصالح …….
ولكن علمنا التاريخ عن اهل سنجار انهم جزء من شعب لا يستكين للغدر ولا يلين امام المكر الا بعد ان يلقن الغادر درسا في كيف تكون شهامه الرجال وحرمه الديار ، فسطروا ملاحم عجزت جيوشاً مجيشه ومسلحه باحسن عدة وعتاد عن اتيان ما سطروه بصدورهم وارادتهم قبل سلاحهم البسيط ليوقفوا به غزوا الاوباش تحت قدمات جبلهم وبمسافه مؤمنه من مزارهم الرئيس فيه الذي اصبح عنوانا يعلم الشعوب كيف تكون صلابه الرجال بالوقوف في وجه الصعاليك والغربان .
اما نار الكارثه فقد امتدت لتصل الى قصبات سهل نينوى وتطال مناطق الايزيديين والمسيحيين ثانيه في بعشيقه وبحزاني ليجعلا منها الغزاة ساحه للنهب فامتدت اياديهم السوداء لنهب وسرقه كل ما جمعه اهلها عبر حياتهم، ولولا لجوء سكان المنطقه المقصودون بالغزوه الى مناطق امنه في اقليم كردستان قبل ذلك ، لكانت فاجعتهم قد توسعت على كبرها وتصبح كفاجعه سنجار الجريحه ليصبح بالنتيجه اهلها مع اهل سنجار موزعين في الشتاه الداخلي والخارجي في عيشه لا يقبلها كل من له قيم انسانيه ووازع من ضمير.
وهكذا استولت واستباحت داعش قضاء سنجار مثلما استباحت حرمات اهله الايزيديين بضمير اسود كما استباحت قصبات سهل نينوى الخاصه بالاقليات وفي مقدمتهم الايزيديه والمسيحيه الذين عرفوا الكثير من الغزوات غيرها عبر التاريخ وتعلموا منها معنى الويلات والنكبات، ذلك عبر عشرات الفرمانات التي كانت تصدر لابادتهم من قبل الحكام الجائرين وبفتاوي من رجال دين عديمي الضمير والانسانيه .
وهكذا سقطت قلعه سنجار بسهوله سقوط مدينه الموصل ولكن لاسباب ونتائج تختلف في مضمونها وتداعياتها ، وسط تفرج دول العالم وفي مقدمتها اميركا التي جائت للعراق لتزرع ديمقراطيتها فيه كما ادعت اولا ولكن الذي بان اخيرا هو انها زرعت فتنها وجاءت بدواعشها ليقتلوا الفقير حتى يخشاها الكبير وتنهي الاقليات الاصلاء وتنصر الدواعش الدخلاء.
ولكن جاء يوم انتصرت القيم بشجاعه الشجعان من قوات الجيش بمختلف مسمياته والبيشمركه بمختلف اصنافها والحشد بمختلف فصائله الوطنيه ليلقنوا الاشرار الدواعش درسا وعبرة ويطردونهم من اوكارهم ويحرروا الارض من رجسهم في صولات وجولات ستبقى ذكراها ماثله في عيني كل عراقي شريف وكانت ارض سنجار احدى هذه المناطق المحررة.
ولكن كان يقتضي الامر من الدوله اكمال مهمه المحررين من الرجال الشجعان بالبدء سريعا بالعمران وازاله اثار العدوان واحاطه مناطق الاقليات بمزيد من استحكامات الامن والامان و محاكمه الدواعش بحضور من وقع عليه الظلم وطرد عواىل الدواعش بعيدا عن الارض المحررة وفي اوكار كالسجون ليعتبروا ويكونوا عبرة لغيرهم ابد الزمان.
اما حال النازحين من سنجار الايزيديين في مخيمات الموت البطيء فلسان حالهم ينطبق عليه قول غاده السمان:
نحن لا نموت دفعة واحدة
نموت كل يوم ميتَةً صغرى
تحت لواء الوطن..
ريثما يلتمّ شتاتنا تحت التراب.
مثلما ان لسان حالهم يردد يومياً:
كم نحن آسفون، على اللحظات الثمينة التي أوليناها للأشخاص الخطأ. اي احباط ذلك الذي يسلبنا الرغبه بالحياة عندما تاكد لنا بان من افنينا عمرنا لاجله جارا وكريفا لم يكن معنا الا ممثلا خبيثا.
وهكذا لنعتبر جميعا مما حصل في سنجار التي لا زالت جريحه برجالها الذين قتلوا غدرا وأطفالها ونسائها الذين سبيوا مكرا بطريقه ما قبل التاريخ والانسان
لنقول مع انفسنا معتبرين انه :
في هذه الحياة …
سنواجه الكثير من الأقنعة والقليل من الوجوه.
ينبغي ان لا نعد نسمح لمشاعرنا بأن تتعمق أكثر من اللازم مع الآخرين ، فالحياة علمتنا ان الناس قد يتغيرون في أي وقت ولاي سبب.
وهكذا يا ابن سنجار وابن كل الاقليات وكل شرفاء الوطن علمتك المحن ان :
الشخص العفوي في تصرفاته غالباً ما يقع في مشاكل لم يتوقعها لأن النقاء الذي بداخله لا يتوافق مع الخُبث المتفشي في عقول الآخرين.
لا تنخدع بالمظاهر
فاكثر من يحرص على عدم اثارة فزع الفريسة هو الصياد وسنجار مثلا مع جيرانها الماكرين.
يحدث كثيرا ان تشتاق ولكن ليس لاحد وانما لنفسك قبل سنوات مضت ، يوم كانت ارضك خاليه من الأشرار وبعيده عن مكائدهم وفكرك خاليا من نوائب الزمان .
تحتاج أن تعيش حياة ، لا تكون فيها مُضطراً للهروب من الواقع .
واقع قد يتبلّد بِك فيه ماكان متوهجاً من قبل؛ وقد ينطفئ فيك ماكان مُشتعلاً ؛ لا تتعجب إنها المواقف هي التي فعلت ذلك.مواقف من جيرانا نكرة ومواطنين اراذل.
وهكذا علينا جميعا ان نعترف ان خيبتنا كانت بسببنا عندما اعطينا كل شي بحياتنا قيمة أكتر ما يستحق؛جيرانا ومواطنين ، احزابا وحركات ،روابط ومنظمات
، كرفانا وخلانا، زمانا ومكانا ، دون ان ندرك ان الناس في هذا الزمان اصبحوا كالمواسم يتغيرون ربيعهم ساعات وخريفهم عمر .
وفي الختام
سلاماً على قلوب لم تعرف معاني الخداع واللؤم والانانية ولم تقرأ قواميس التلاعب بالفاضها ، واهل سنجار والأقليات المغلوبه على امرها وكل الشرفاء معهم مثل لذلك
سلاما على قلوب وجدت انه حتى البحر قد اصبح يعطي فرص لحياة اكثر امانا من الوطن لتضع الاقليات من ايزيديه وغيرهم اطفالها في قوارب نجاة وموت لتعبر بهم الى ارض اوربا التي يرون فيها (وليس في وطنهم بعد ) انسانيتهم وأمانهم.
نعم
لا أحد يضع أطفاله في قارب الموت إلا إذا كان البحر أكثر أمانا من الوطن.
تاكد انه لازال البعض لا يقترب منك لمؤاساتك بل ليطمئن انك لا زلت تتألم. يسألوا عنك كل يوم فقط ليطّمنوا إنك ليس على ما يرام صحه وأمورا. ولكن هيهات لهم ان يمنعوك من التشبث بالحياة ومحبه ارضك . فعش حياتك وواصلها وتواصل مع شرفاء الوطن لانك بذلك تثبت لهم ان خططهم بإنهاءك وابادتك قد فشلت بهمه الخيرين وهم كثر.
المجد لعفيفات سنجار الناجيات ومن لا زلن بالاسر الداعشي مسبيات ، فما قمتم به من اجل خلاصكن وعفتكن ،هربا وانتحارا ،صبرا وتصابرا تعجز عن اتيانه الكثيرات غيركن ، وما منح جائزة نوبل لاحداكن الا اعتبارا من الامم الحيه لكم وتقديرا لمعاناتكن واعترافا بان شرفكن لن يتوسخ بذيول ضباع جبانه مسكن بسوء ومكر ، لتكون هذه الجائزة معيار الفرق بين اصاله تربيتكن و بهيميه هؤلاء.
المجد والخلود لشهداء المواقف من اهل سنجار وكل من دفع حياته ثمنا لتحريرها من كل القوى الأمنية البطله.