ibrahimsemo@hotmail.de
1
شنكال تباد ؛تنزف ،ومأساتها ماتزال منذ خمس سنوات مستمرة ..مايزال الشنكاليون في مهب الابادة وبين نهش براثنها ،ما يزال القاصي والداني ـ يا لخيبة اثر حضارات سومر وبابل وآشور وميديا والرافدين ـ يتفرج ..يانكسة القوميات والطوائف والاحزاب، والكتل والمكونات والعشائر والعائلات والميلشيات، إذاً كلها ـ ياعراق ـ قاطبة، وياخسران الدستور والتشريعات ،والبرلمان والمحاكم والشرطة والجيش، والوزراء والرئاسات .. يا خذلان السياسة والساسة ،والاوصياء والقوّامين ومنتهبي القرار رسميا في العراق وكردستان ،ويا خيبة اصحاب المصالح والاجندات في دول الجوار ،و”التحالف الدولي” ،والامم المتحدة ،يالهول الصدمة الانسانية الخارقة،والمصاب الاخلاقي ـ القيمي الجلل ياعراق ويا امم .!.
2
لكن.. لاينبغي ان يُقطَع الامل يا شنكال، وحان ان تترفع على الواقع ،المرير ،المؤلم ،الابادي ،وتضغط ـ من ثم ـ على محال الطعن المسمومة بترياق الصبر والمصابرة والامل، حان ان تترفع رغم كل الحروب و ” الفرمانات “،غير الانسانية ،القاتلة ،التي مورست وتمارس ،بمقاصد جرمية ـ جنائية ـ ابادية ـ خاصة وشائنة ، حيال وجودك ،ثم ولإن الشيء بالشيء يذكر ،و نظرا لتشابه الحالة ولو جزئيا ،مع التحفظ طبعا على الفوارق والخصوصية ،فان السياق هنا يفضل، ان يستعين بفلسفة التحدي الشخصية ،التي ابداها الكاتب المسرحي السوري الكبير؛ سعد الله ونوس ،لدى ابتلائه بالسرطان ،فقد قاوم “ونوس” المرض الخبيث بالامل، واطلق عبارته المشهورة : ” اننا محكومون بالأمل، وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ”.
اذا لم يكن ابتلاء سعدالله ونوس بالسرطان،غير القابل للشفاء ،نهاية للتاريخ عنده ،فلاينبغي من باب اولى، ان يشكل هبوب العواصف الداعشية، المارقة ،المتنمرة عليك، نهاية للتاريخ ـ كذلك ـ في حسبانك، وتستدعي الحكمة ـ من ههنا ـ يا شنكال الإرادة، ان تحصن وجودك بالامل ،وان أدار لك كل العراق ؛عربا وكردا سنة وشيعة، قبل وساعة وبعد الإبادة ،وسبي الحرائر ،والسطو على الخصوصية ،ظهورهم ،او راقت مصيبتك لبعضهم ،او شارك بعض آخر فيها..ليس لك ـ شنكالُ ـ سوى الامل والارادة والمواجهة ،والرهان على همة ابنائك الميامين ،ولعلنا نشهد في تاريخك القديم ـ الجديد اروع الاماثيل !.
3
هكذا شهد الشيخ؛ حجي ميرزا آل جندو الفقير،على التاريخ والمآثر والامثولات و..هكذا امتلأ الرجل بالامل :
حفلت ذاكرة طفولتي ،يفاعتي وبلوغي، بعديد الاسماء ،والامكنة، والحكايا الشنكالية المجلجلة، التي اكتنزتها مخيلتي ،في تلك المراحل الاولى من عمري،عن الشيخ حجي ميرزا آل جندو “الفقير”الشنكالي ..
كنت واعماقي الصغيرة ،ننجذب بكليتنا الى الاسلوب المشوق، والكلام الجذاب والشخصيات التأريخية الفذة، التي كان الشيخ الفقير يعددها ،ويسندها مباهيا الى جبل شنكال، وياطالما ضبطته عيوني ،وهو يستنشق انفاسا من غليونه الكبير..يفاخر مؤكدا :” شنكال ـ الجبل هو من مدّ ومايزال همم رجالاته بتلك الجرعات الفريدة من الكبرياء والشموخ والانفة والقيم و ..الامل “. اتحفنا الشيخ الفقير ؛اعني جارنا الملتجئ من جبروت صدام الى سورية ـ قريتنا ،ف خاض في التاريخ المشرِّف ل شنكال ،جاهر بافعال عظمائها الافذاذ ،ورأى الجبل قلعة ..كنت وانا صبي يافع ،اوكانت بالاحرى ذاكرتي الفتية ،تتحلق حول الفقير ،الذي فاق في جمال شكله وخلقه وحديثه الملائكة، وتلتقط هي الذاكراة قدر ماتستطيع ،ويا كم لمحت “الفقير” الملائكي ،يقسم لمجالسيه بالله و”الخرقة”التي يرتديها : ” نحن.. انا وعائلتي فقدنا كل شيء ،وليس لنا سوى الله ،وطاوسى ملك و..الامل ” .كان يكرر رحمة الله عليه كلمة الامل ـ هيفي ،قبل وبعد ان يدفن فتحة غليونه من الاعلى بالتبغ القجغ او “الغازي “السوري ،كان يهز العلبة المعدنية لاسباب اجهلها حتى الآن ،حين يستلها من عبه، و.. يتابع الكلام ،محررا الدخان المحبوس عن رئتيه ،عبر الانف والفم ..
لو نهض الشيخ “الفقير” ،بقدرة قادر الآن، لملأ كعادته رئتيه ،من غليونه بالدخان ،وصابر اهله من الشنكاليين :” ليس لنا ولشنكال غير الامل والصبر وعزيمة المواجهة “.
4
فيما يتعلق بالعزيمة والمواجهة ،فهنالك حراك ،وان كان منقسما و خجولا ومبعثرا ،وهنالك مساع في الداخل والخارج ،تمضي نحو طرق الابواب الدولية والاممية والانسانية، واستمالة المجتمع الدولي ومؤسساته ،وبعض من اصحاب القرار في دول الغرب، لشرح الآثار الابادية الكارثية التي خلفتها داعش ،على شنكال ووجود اهله والحقوق والديمغرافيا .. الحراك مايزال على اذاً على مستوى الداخل والخارج ،غير منتظم بل معكرا تارة بالعشوائية والفوضى، واخرى بالتحزبية ،وثالثة بالانانية الشخصية ،ورابعة بالنزاع الدائر بين بغداد واربيل، وخامسة بالارادة الدولية غير الشفافية والمنفعية.. لكن ..الامل ياشنكال إذاً هو البوصلة الدالة على كل طريق ،وقد يكون وحدة او توحيد الحراك ،طريق اهل شنكال القادم.. لعل العامل الذاتي بذلك يكتمل..ف”نحن محكومون بالامل ” ياشنكال !.