يستذكر أهالي مدينة الموصل ونينوى عامة بحزن عميق، في الثالث من شهر اب – أغسطس 2019، فاجعة احتلال قضاء سنجار من قبل تنظيم داعش، قبل خمس سنوات، واقدامه على قتل الرجال وسبي النساء والأطفال، وسرقة الممتلكات العامة والخاصة، وتخريب البنى التحتية، في جريمة كانت شاهدا اعمال التنظيم وتأثيره على النسيج الاجتماعي لمحافظة نينوى.
سنجار (بالكوردية: شنگال).. وهو قضاء يقع غرب محافظة نينوى شمال العراق على جبل سنجار وتبعد عن مدينة الموصل 80 كم، يسكنها أغلبية من اليزيديين وأقلية من التركمان والعرب، يبلغ عدد سكانها أكثر من 84 ألف نسمة بحسب أحصاء عام 2014.
المسلمون يرفضون جريمة العصر ضد الايزيديين
يقول رجل الدين المسلم الموصلي عبد الرحمن شوقي، ان “تاريخ 3 اب- أغسطس، ليس بتاريخ اعتيادي فهو وصمة عار بجبين الإرهاب وكل من سانده ووقف الى جانبه، ففي هذا اليوم، هاجم التنظيم الإرهابي مدنيين مسالمين يقطنون في سنجار وأقدم على قتل الرجال واختطاف النساء والأطفال باسم الدين الذي هو براءة منهم ومن أفعالهم العدوانية”.
ويوضح شوقي (لكركوك ناو)، ان الموصل متماسكة منذ الاف السنوات والجميع يعيش بها تحت مبدأ الإنسانية واحترام الراي الاخر، وان محاولة تشويه صورة الدين الإسلامي بأفعال منكرة لم ولن تنجح، فالإسلام حرم القتل والاعتداء والتطرف، ودعا الى المودة والرحمة، واليوم نقف جميعا وندد بأفعال الإرهاب ونؤكد انها تمت دون إرادة سكان الموصل ونينوى الاصلاء”.
تجدر الإشارة الى ان مجزرة سنجار هي مجزرة جرت في الثالث من شهر آب أغسطس عام 2014، بعد ان هاجم المئات من عناصر تنظيم داعش المكون الإيزيدي في محافظة نينوى وتحديد مدينة سنجار وضواحيها، وقد وصلت ضحايا حسب بعض التقديرات للمجزرة إلى حوالي 2000-5000 ولم يكتفِ التنظيم بهذه المجزرة بل قام بسبي الفتيات الإيزيديات وأخذهن كجواري وتم بيعهن في أسواق المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم.
85 بالمائة من سكان سنجار لم يعودوا
رئيس مجلس محافظة نينوى سيدو جتو الايزيدي يقول ان اثار الذكرى الخامسة لمجزة سنجار الأليمة ماتزال شاخصة لغاية اليوم، فـهناك 85 % من أهالي سنجار لغاية الان يتواجدون في 14 مخيما بمحافظة دهوك، والقسم الاخر منهم يتواجد في مخيمات جنوب الموصل وإقليم كوردستان، وان هذه المخيمات تفتقر الى مقومات الحياة الضرورية من ماء وغذاء ووسائل تدفئة وتبريد”.
ويوضح جتو في حديث صحافي خاص (لكركوك ناو)، ان “ما يحتاج اليه الوضع في قضاء سنجار كي يتعافى من الاثار السلبية التي خلفها هجوم التنظيم عليه، هو إعادة النازحين بأسرع وقت ممكن من خلال خطة محكمة توضع من قبل حكومات بغداد ونينوى وكوردستان، كذلك توفير البنى التحتية للقضاء ومنع أي تجاوزات، فضلا عن ترسيخ مبدأ التعايش السلمي بنحو واقعي دون تزييف”.
يذكر ان مئات الايزيدين فروا خلال هجوم تنظيم داعش نحو جبل سنجار، واحتموا به لأسابيع عدة وقاوموا بعض الهجمات المسلحة باستخدام أسلحتهم الشخصية والحجارة والوسائل المتاحة لديهم، ومات العديد من الايزيديين على الجبل من الجوع والعطش والارتفاع الكبير في درجات الحرارة حينها، واستمر الحال على ما هو عليه الى حين تدخل قوات امنية وبدعم دولي من التحالف الدولي ليتم إنقاذ بقية الإيزيديين الموجودين في جبل سنجار وترحيلهم لمناطق أكثر أمان.
موصليون: داعش عدو الانسانية
“نحن ضد الإرهاب والتطرف والاعتداء على حرية الاخرين بحجة الدين والمذهب والقومية”.. يقول ذلك المثقف الموصلي (مسلم الديانة) يزن سلام، الذي يستكر جريم داعش ضد الايزيديين ويصفها بـ “الوحشية”.
يوضح سلام (لكركوك ناو)، ان” سنجار ليست وحدها تعرضت الى جرائم ضد الإنسانية، فليعم الجميع ان التنظيم مارس شتى الانتهاكات تجاه سكان الموصل المسلمون، فقتل الالاف بطرق مختلفة، ودمر تاريخ وحضارة لا تقدر بثمن، وتعمد في تدمير البنى التحتية، والى يومنا هذا يعاني سكان المدينة من اثار التنظيم السلبية، لذلك النتيجة واحدة ان التنظيم هو مشروع عدواني أراد له تدمير نينوى دون تمييز، فما حصل لليزيدي، حصل للمسلم، وحصل الى المسيحي، وجميع البشر الذين عاشوا حقبة داعش الظلامية”.
وتعرف الجريمة الإنسانية من قبل (الباحث وليم نجيب جورج نصار )، هي تلك الجرائم التي يرتكبها أفرادٌ من دولةٍ ما ضد أفراد آخرين من دولتهم أو من غير دولتهم، وبشكل منهجي وضمن خُطَّةٍ للاضطهاد والتمييز في المعاملة بقصد الإضرار المتعمَّد ضد الطرف الآخر، وذلك بمشاركةٍ مع آخرين لاقتراف هذه الجرائم ضد مدنيِّين يختلفون عنهم من حيث الانتماء الفكري أو الديني أو العِرْقي أو الوطني أو الاجتماعي أو لأية أسبابٍ أخرى من الاختلاف.
موقف الحكومة والمجتمع الدولي من فاجعة سنجار
يرى سيدو تاتاني عضو مجلس محافظة نينوى، ان الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي، مقصران تجاه قضاء سنجار وقضيتها الانسانية.
يقول التاتاني في حديث (لكركوك ناو)، ان “الذكرى الخامسة لاحتلال تنظيم داعش قضاء سنجار، تحل اليوم، والحال في القضاء على حاله، فالسكان المتواجدون داخل القضاء يعانون من نقص الخدمات، اما النازحين فحالهم اقل ما يمكن وصفه بالمأساوي”.
ويتابع ان” الحكومة الاتحادية ملزمة بإبعاد الجهات السياسية والعسكرية التي جاءت من خارج سنجار، وأصبحت اليوم تتحكم بكل تفاصيل الحياة هناك، وان تعمل على إعادة النازحين فورا وانهاء هذا الملف غير الإنساني”.
وحسبما جاء في نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، أنه يصبح الفرد مذنبًا بجريمة ضد الإنسانية حتى لو اقترف اعتداءً واحدًا أو اعتداءين يُعتبران من الجرائم التي تنطبق عليها مواصفات الجرائم ضد الإنسانية، كما وردت في نظام روما، أو أنه كان ذا علاقة بمثل هذه الاعتداءات ضد قلة من المدنيين، على أساس أن هذه الاعتداءات جرت كجزء من نمطٍ متواصلٍ قائمٍ على سوء النيَّة يقترفه أشخاصٌ لهم علاقة بالمذنب.
موصليون يطالبون بنصب تذكاري لفاجعة سنجار
الكاتب والاعلامي الموصلي (المسلم) عبد الجبار الجبوري، يطالب الحكومة الاتحادية بعمل نصب تذكاري في (قرية كوجو) بقضاء سنجار، تلك القرية التي اقتحمها التنظيم ونفذ أفعاله المشينة ضد الأبرياء لتخلد عفة النساء وشجاعة الرجال وقوة الأطفال من المكون الايزيدي.
يقول الجبوري في حديث صحافي (لكركوك ناو)، ان “ما فعله داعش من جرائم ضد الإنسانية مدانة جملة وتفصيلا، والمسلم قبل الايزيدي يرفضها، ويجب استذكار هذه الجريمة على الدوام لنبذ الإرهاب وكل ما يتعلق به من جرائم”.
التأكيد على وحدة الصف بين المسلمين والايزيديين
الايزيدية المحامية سوران شنكالي، تقول ان “المكون الايزيدي ينتظر من المجتمع الدولي التحرك الجاد لإنصاف حقوق هذا المكون المنكوب، واعتراف المحاكم الدولي بما تعرض له الايزديين من جرائم ضد الإنسانية”.
وأشارت شنكالي في حديث صحافي (لكركوك ناو)، ان “المسؤول الأول عن الجرائم التي ارتكبت تجاه الايزيديين هو التنظيم الذي لا يمثل الإسلام انما يمثل نفسه ومشروعه العدواني الذي جاء من اجله، وهناك مسلمون كثر أصدقاء للايزيديين، وقد ساعدوا العديد من المختطفات وضحوا بكل ما يملكون في سبيل انقاذهن، وهنا لا بد من قول الحق وتثمين المواقف التي قدمت الى أهالي سنجار في نكبتهم التاريخية”.
وأشارت الى ان” الاعتراف الدولي بنكبة سنجار من شأنه ان يضمن الحقوق المشروعة للايزيديين، وان يعيد لهم جزء من الهيبة التي سلبها الإرهاب، وتسهل عمليات المطالبة بالحقوق”.
والجريمة ضد الإنسانية في تعريف اخر تعني بالتحديد أي فعل من الأفعال المحظورة والمحددة متى ما ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وتتضمن مثل هذه الأَفعال القتل العمد، والإبادة، والاغتصاب، والعبودية الجنسية، والإبعاد أو النقل القسرى للسكان، وجريمةِ التفر
كركوك ناو – الموصل