مرة أخرى تعود طهران للتأکيد على إنها ماضية قدما في طريق سيفضي في النهاية الى إلغاء الاتفاق النووي أو موته السريري بعد أن أعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قبل أيام، أن طهران ستتخذ خطوة ثالثة لتقليص التزاماتها بالاتفاق النووي الذي أبرمته مع القوى العالمية في 2015 ضمن إطار العمل المرتبط بالاتفاقية، وقال ظريف: “ستنفذ الخطوة الثالثة في تقليص الالتزامات في الموقف الراهن. قلنا إنه إذا لم تنفذ الأطراف الأخرى (الاتفاق) بشكل كامل إذن فإن تنفيذنا سيكون بنفس النهج غير المكتمل. وبالطبع فإن كل تحركاتنا تتم ضمن إطار العمل (الخاص بالاتفاق)”، وبطبيعة الحال فإن هذه الخطوة لم تلقى قبولا وترحيبا حتى من جانب الدول الکبرى المتعاطفة مع طهران بسبب من مصالحها.
إعلان ظريف”الاستفزازي”قد سبقه تصريح”إستفزازي”آخر لوزير الدفاع الإيراني، أمير حاتمي، والذي أکد فيه أن “القوات المسلحة تجري اختباراتها الصاروخية بصورة منتظمة تماما”، وهذا مايشير الى إن النظام في إيران قد صمم على التصعيد مرة أخرى وتزامن ذلك مع إجراءات عملية، ولکن الذي يجب ملاحظته هنا وضرورة أن يٶخذ بنظر الاعتبار إن القادة والمسٶولون الايرانيون لايزالون متهافتين في التمسك بالاتفاق النووي ويستميتون من أجل الدفاع عنه وضمان عدم إنهياره خصوصا وإنهم قد حصلوا في ظلاله على مکاسب وإمتيازات کانوا يحلمون بها، وحتى إن خطواتهم”التقليصية”هذه هي في الحقيقة دفاع وجهد مکشوف من أجل إنعاش الاتفاق النووي الذي هو الان في حالة مزرية وقد يعلن عن إنهياره في أي وقت قريب.
مشکلة المشاکل لطهران هي إن الاحداث والتطورات المختلفة الجارية، لم تعد تسير کما تريد طهران وخصوصا فيما يرتبط بالاوضاع الداخلية التي تشهد تباعدا کبير جدا بين النظام وبين الشعب ولاسيما وإن الاحتجاجات الشعبية آخذة في الازدياد بصورة مضطردة وکأن مايجري للنظام على صعيد المواجهة مع الولايات المتحدة الامريکية، أمر لايعنيها بالمرة، لکن الذي يصيب طهران بالدوار هو إن الشعب الايراني وفي الوقت الذي يزداد التباعد بين وبين النظام فإنه يزداد تقاربا وإنسجاما مع المقاومة الايرانية، وهذا بالنسبة لطهران خط أحمر لايمکن أن يتم تجاهله وعدم العمل ضده، وإن التقليصات التي تقوم بها طهران في مجال إلتزاماتها بالاتفاق النووي والتي صارت موضوعا يثير غضب البلدان الغربية وحالة من عدم التفهم وتقبل تلك الخطوات من جانب دول کبرى تميل بسبب من مصالحها لطهران، والتي هي جهد بمثابة الحصول على موقف دولي يعزز من وضع وموقف النظام دوليا وداخليا، ليس إنها قد لاتحقق ماتصبو إليه طهران فقط وإنما قد نرى العکس من ذلك إذ أن طهران تلعب بنار لاتعرف إذا إندلعت فإنها تحرق کل شئ!