الأربعاء, نوفمبر 27, 2024
Homeمقالاتإلى أين تجارة المخدرات وتجارة الجنس في العراق ؟.. : مصطفى محمد...

إلى أين تجارة المخدرات وتجارة الجنس في العراق ؟.. : مصطفى محمد غريب

آفة المخدرات داء يأخذ طريقه في هدوء نحو النفوس البشرية التي يعيقها القلق والخوف من رؤية الطريق  من اجل التغيير على المستوى الشخصي وعلى المستوى العام، وتلعب هذه الآفة دوراً خطراً في تدمير الطاقات البشرية في مقدمتها العقلية وتُغيب الأهداف التي تعمل القوى المناضلة من اجل تحقيقها ،وهذه الآفة لا يقتصر دورها على وجهة واحدة فحسب بل لها عدة أوجه، وسبل ملتوية للانتشار وإيجاد آفات تستطيع مساندتها لتتوسعٍ أوسع وبفائدة اكبر ، ومن هذه الأهداف أيضاً خلق مستلزمات لإشاعة تجارة أخرى لا تقل خطورة عن آفة المخدرات وهي تجارة الجنس والاتجار بالبشر والعمل على شمولها فئات واسعة من الشباب رجالا ونساء وحتى الأطفال.

لقد أصبحت قضية المخدرات ” تهريباً وتوزيعاً وزراعة علمٌ فوقهُ نار ” ومثلما أسلفنا في مقالات وتوقعات سابقة بأن المخدرات والإرهاب والميليشيات الطائفية في خانة واحدة لهم أهداف مشتركة وان اختلفت الوسائل والأساليب، ومحط اهتمام مافيا الفساد وتجار المخدرات والمستفيدين الذي لا يتورعون من بيع البلاد بأثمان بخسة من اجل الحصول على المال.. الجانب الآخر من مأساة العراقيين هي اتساع دائرة تجارة الجنس ولن نكون قدسيين أكثر من القداسة وإنكار وجودها تماماً، مع العلم كانت موجودة منذ الأزل واعتبرت أول مهنة في التاريخ البشري تمارس من اجل الحصول على المال ودعم المعيشة وكلا الآفتين مردهما الحاجة والفقر والإملاق والجوع وعدم وجود العدالة الاجتماعية، وأشارت لجنة الحقوق النيابية 31 / 7 / 2019  إلى تفشي ظاهرة تجارة الجنس والاتجار بالبشر ولم تقتصر على فئة واحدة بل شملت حتى الأطفال، وتعد جريمة في أعراف جميع الأديان والقوانين المرعية التي سنت في أكثرية بلدان العالم وَحَرّمتها قوانين ولوائح حقوق الإنسان على النطاق الوطني والاممي التي تمنع هذه التجارة وبخاصة للأطفال وبالضد من مافيا وهيئات الربح غير المشروع و المال بالطريقة التدميرية للقيم الأخلاقية والاجتماعية والوطنية  ليتسنى السيطرة والهيمنة بعد تمزيق عرى الثقافة الوطنية والمسؤولية تجاه قضايا الشعب المطلبية والسياسية، لهذا أشارت وحدة الجميلي عضو لجنة حقوق الإنسان البرلمانية في المؤتمر الصحافي الذي عقد بمبنى البرلمان ( السومرية نيوز )

إن “أهم الفئات المستهدفة لضحايا الاتجار بالبشر هم النساء والأطفال، وهناك نحو( 210 ) حالة سجلتها وزارة الداخلية خلال عام واحد” وذكرت الجميلي احد الأسباب لتفشي هذه الظاهرة المخيفة بأن  “الفقر والبطالة وغياب القانون والرغبة في الربح والسريع وسوء استخدام وسائل التكنولوجيات الحديثة تعد أهم أسباب ظاهرة الاتجار بالبشر “. والمعنى من التكنولوجيات الحديثة تسهيل وسهولة الحصول على المعلومات السريعة وإجراء الاتصالات والدعاية المغرضة التي تُنشر بواسطة هذه الوسائل التي ساعدت مخططات مافيا الفساد وتجارة المخدرات وتجارة الجنس، وعلى ضوء هذا المستند الموضوعي وما جاء في رأي لجنة حقوق الإنسان النيابية في قضايا الاتجار بالبشر وتجارة الجنس ندعو إلى الاستفادة من القوانين الدولية والأممية في التطبيق العملي للحد من هذه الظاهرة مع ضرورة مراعاة إعادة دراسة الخلل في تشريعات قانون رقم ( 28 لسنة 2012 ) الاتجار بالبشر الذي شرعه مجلس النواب عام ( 2012 ) والمستجدات التي ظهرت بعد تطبيق هذا القانون لكي تتم معالجة المثالب في التطبيق خلال السبع سنين المنصرمة بعد صدور القانون . وضمت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق ( الجمعة 2 / 8 / 2019 ) صوتها للمطالبة باتخاذ إجراءات ضد ” ظاهرة الاتجار بالبشر في العراق ” وقال عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان علي البياتي ضرورة “تفعيل اللجان الفرعية في المحافظات لمتابعة قضايا الاتجار بالبشر” وذكر البياتي العديد من الإجراءات التي يجب أن تقوم الحكومة العراقية والممكن اتخاذها بما فيها ” توفير مأوى وحمايات للضحايا ومحاسبة ” المجرمين المتورطين في هذه الجرائم”.

إن انتشار المخدرات بأنواعها وفي أكثرية مناطق البلاد بتفاوت بين محافظة وأخرى لا يمكن التغاضي عنه وتلمسه كل فئات الشعب لا بل وتتحدث عنه بمكشوفية وبخاصة مخدرات حبوب الهلوسة وغيرها ، وتتحدث وسائل الإعلام والمؤسسات الأمنية المختصة عن إلقاء القبض على عشرات الأفراد العاملين والموزعين والمدمنين بينهم جنسيات عربية وإيرانية وآخر هذه الأخبار وليس آخرها كما يقال ما ذكرته محكمة جنايات المثنى من إحصائية صدور أحكام في ( 1 /8 / 2019  ) بحق مدنيين مدانين باستخدام الحبوب المخدرة وعددهم حسب محكمة الجنايات في المثنى ( 33 ) متهما تتراوح أحكامهم من خمس سنوات وخمس عشرة سنة”.كما أشارت على مصادرة  ” كميات كبيرة من تلك الحبوب “.

هناك حدث قد يبدو صاعقاً للذين لا يعرفون وتفاجأوا بطور جديد في زراعة وإنتاج المخدرات بدلاً من استيرادها وتهريبها من دول أخرى مما يَنْقلْ العراق من بلداً يستورد ويستهلك إلى بلد ينتج ويُصدر ويستهلك  وهو اخطر ما يكون، فزراعة الحشيش والخشخاش يعتبر طور جديد في الزراعة وقد أشير إلى مناطق عديدة حسب التقارير الأمنية منها  مناطق في محافظة الكوت محاذية للحدود الإيرانية وحسب التقارير الأمنية ” كذلك مناطق فارغة بمنطقة العطيشي التابعة لكربلاء (وسط) بزراعة الخشخاش. وتؤكد مصادر محلية في بغداد أنّه تمّ رصد زراعة نباتات مخدرة بمنطقة السيدية وأحياء شرق القناة، وذلك في حدائق بيوت كبيرة، فيما تُصنَّع حبوب مخدرة في الحلة وميسان” كما تم العثور في الانبار والقادسية حسب التقارير أنّ “القوات العراقية ضبطت أرضاً زراعية في ناحية الشافعية وتحديداً في قرية تسمى زويطة خاصة بزراعة نبات الخشخاش المحظور زراعته دولياً”

أن عمليات البحث المستمر لمعرفة الحقيقة كاملة يجعل الاكتشافات أكثر واقعية وأكثر ملموسة وإثارة لان المخدرات وانتشارها يحمل وجوه عديدة منها

الأول : منها بان العراق بلد خام ممكن استغلال خامته بطرق سريعة وبجهود اقل منها في بلدان لها تركة وتجربة في قضية المخدرات، ثم لم يكن ولا مؤشر خلال التاريخ بأنه كان يهتم بزراعة الحشيش والخشخاش

 ثانياً: عدم وجود دولة قوية بمؤسسات مجربة لها باع وتجربة في ملاحقة المافيا المنتشرة والتي تختص في التهريب والتوزيع زد على ذلك المرحلة الجديدة، زراعة وتصنيع المخدرات.

ثالثاً: وجود المافيا على شكل ميليشيات طائفية لها مهمات متعددة ما بين التدخلات السياسية والاجتماعية والأعمال الإرهابية وحسب التقارير والمصادر الرسمية والمستقلة يتكلف بعضها بمهمات التهريب والتوزيع ثم الانتقال إلى الزراعة البدائية وبخاصة الخشخاش

رابعاً: المناطق التي أشارت لها التقارير الأمنية وذكر بعضها فقد وزعت مهماتها إلى مناطق أخرى غيرها حسب مصادر مسؤولة في محافظة البصرة ونشرت في (العربي الجديد )” أن خبراء إيرانيين في زراعة المخدرات وتصنيعها دخلوا قبل شهرَين إلى العراق بحجّة زيارة المراقد الدينية في محافظتَي كربلاء والنجف (وسط جنوب). وكثيراً ما تستغل المناسبات في هذا المجال من قبل المافيا الطائفية المسلحة التابعة أو المهربين الإيرانيين وبحجة العتبات المقدسة أو زيارات لقبور الأئمة في النجف  وكربلاء هم في الحقيقة دخلوا إلى البلاد من أجل البحث عن أماكن مخفيّة في أرياف المحافظات الجنوبية”

إذن التطور الجديد الذي طرأ على انتشار المخدرات  “زراعة وتصنيعاً وتوزيعاً ” أصبح يحظى ليس باهتمام المافيا الداخلية والميليشيات التابعة بالتعاون مع مسؤولين كبار في الحكومة والدولة فحسب بل بجهات أجنبية خارجية إقليمية وعالمية، من هنا تبدأ مرحلة ما بعد التهريب إلى الإنتاج والتوزيع وقد يكون المشروع حديثاً في مكوناته وآلياته لكنه سوف يكون كارثياً إذا ما اكتمل وتجهز بالمستلزمات التي ستكون ذا فائدة كبيرة ومردود مالي غير قانوني، في القضية هذه يقول علي الوائلي، المسؤول المحلي في محافظة ذي قار لـ”العربي الجديد” إنّ “المحافظة كانت في خلال الأعوام الماضية تُعَد من المحافظات العراقية التي هي اقل من باقي المحافظات لكنها شهدت رواجاً في الفترة الأخيرة وهي حسب المصادر تأتي من إيران أما تصنيع لا سيما الحبوب المخدرة فثمة أحاديث وكلام واعترافات أنها تعتمد أيضاً ” على خبرات إيرانية وأفغانية”.

أن الحديث عن انتشار المخدرات قيل عنه الكثير وكتب حوله الأكثر وحذر منه في كل مكان ونشر عن حيثيات التهريب والتوزيع وسائل الإعلام بشكل يومي وباستمرار دون انقطاع كما نشر بدقة حول الكميات الهائلة من المخدرات المتنوعة  التي تم الاستيلاء عليها في منافذ الحدود وغيره ما بين الحشيش والهيروين والمورفين والحبوب المخدرة وحتى ” الترياق” المشهور في إيران منذ تاريخ طويلا، واليوم فقد طرأ على ما قيل في التهريب والتوزيع قضية زراعتها وتصنيعها في البعض من المحافظات وانتشارها كما تنتشر النار في الهشيم، لا نعرف إلى متى يستمر هذا الوضع المأساوي الذي يهدد بالإضافة في الوقت الحالي الأجيال القادمة بشكل منظم ومقصود  لتدمر الوعي وروح المسؤولية تجاه مستقبل البلاد وتطويرها من نواحي عدة أمام ضعف تجربة المؤسسات الأمنية المختصة إلى جانب توسع هذه الآفة، كما أسلفنا هناك آفة أخذت بالاتساع وأخذت تُجرب على نطاق واسع وهي تجارة الجنس بخاصة بين النساء والأطفال، ولهذا نقول ونحذر الحكومة العراقية وجميع المسؤولين الوطنيين أصحاب الضمائر الحية والأجهزة الأمنية والقوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني الاهتمام بشكل جدي وعدم غلق الأذان عما يجري وهذا ملموس ومعروف، على الحكومة أن تعتبر قضية تجارة المخدرات وتجارة الجنس موضوعين لا يقلان خطورة عن الإرهاب والمنظمات الإرهابية والميليشيات الطائفية التي تحمل السلاح وهي تستحوذ على العديد من السبل للحصول على الأموال غير الشرعية ، مازلنا نحذر من أن السلاح يجب أن يكون بأيدي الدولة وان تعدد المراكز المسلحة سيؤدي بالنتيجة إلى عواقب وخيمة لا يمكن التنبأ بنتائجها المأساوية كما يجب أن تتوحد الأجهزة الأمنية من جيش وشرطة وبدون تجزئة وفصلها عن بعضها فذلك سوف يستغل في اتخاذ قرارات خاصة وليس عامة في مصلحة البلاد.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular