خرج العشرات من أهالي محافظة البصرة (ثالث أكبر مدن العراق)، صباح اليوم الأحد، بتظاهرات حاشدة احتجاجا على اعتداءات القوات الأمنية عليهم ، وعلى تردي الخدمات، فيما قطعوا طريق بغداد ــ البصرة ،والطريق الى منفذ الشلامجة الحدودي مع ايران وهددوا بغلق بقية المنافذ الحدودية للمحافظة في حال لم تستجب الحكومة لمطالبهم.
وتجمع كثيرون في منفذ الشلامجة ورددوا هتافات منددة بالحكومة المحلية والمركزية. وطوقت قوات الأمن جموع المحتجين.
وتجمّع المتظاهرون في منطقة كرمة علي، التابعة لبلدة الهارثة (شمالي البصرة)، وقاموا بقطع طريق بغداد، وأحرقوا الإطارات فيه، بينما رفعوا شعارات احتجاجية ضدّ الحكومة والقوات الأمنية التي تنتهك حقوق التظاهر السلمي ، وقالت مصادر محلية، إن العشرات من المحتجين نصبوا خياماً للاعتصام في البلدة .
وكانت القوات الامنية العراقية قد أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين في مدينة البصرة لدى خروجهم في تظاهرات ليل الجمعة ، ما أوقع العديد من الإصابات. وأكد الشيخ رائد الفريجي، رئيس مجلس عشائر البصرة في بيان ، سقوط 8 جرحى بصفوف المدنيين برصاص الأمن العراقي.
وطالب المتظاهرون اليوم الاحد بمحاسبة القوات الأمنية التي تتجاوز وتعتدي على المتظاهرين والمعتصمين، ومحاسبة الفاسدين الذين يدفعون تلك القوات لهذه الانتهاكات، كما طالبوا بتوفير المياه الصالحة للشرب، والتحرك الحكومي لإقامة مشاريع تصفية المياه وتوفير الخدمات.
كما فرضت قوات الأمن إجراءات مشددة حول المقار والمؤسسات الحكومية في البصرة فيما انتشرت قوات أمنية كثيفة عند حقول النفط وفروع البنوك.
واشارت مصادر من داخل المدينة ، الى أن الكثير من المتظاهرين بدؤوا يتجهون صوب مجلس المحافظة وهو المكان الذي عززت فيه قوات الأمن من الانتشار فيه.
وأضرم محتجون النار في إطارات مركبات على أحد الجسور الذي يربط البصرة بمحافظة ميسان المجاورة.
ويرى مراقبون بأن التظاهرات والاعتصامات ستتسع اليوم في محافظة البصرة، احتجاجا على الاعتداءات والانتهاكات المستمرة من قبل القوات الأمنية على المتظاهرين السلميين ، وللمطالبة بتحسين الخدمات واتخاذ إجراءات كفيلة بتجاوز أزمة المياه وتفشي الأمراض والأوبئة بالمحافظة خاصة مع تجاهل الحكومة المحلية والمركزية لمطالب المتظاهرين المشروعة، والتضييق الأمني عليهم .
وتداول ناشطون على الانترنت تسجيلات مصور أظهرت اعتقال قوات الأمن لعدد من المحتجين فيما حاولت قوات أخرى فض الاحتجاجات.
وبالإضافة الى تردي الكهرباء وشيوع الفساد ندد المتظاهرون بالإهمال الحكومي الذي قاد الى ارتفاع نسبة الملوحة في مياه الشرب بالبصرة التي تعد المنفذ البحري الوحيد للعراق.
ويؤكد شيوخ ووجهاء عشائر البصرة وقوفهم إلى جانب المعتصمين، وتأييدهم إغلاق المنافذ الحدودية، خصوصا وأنها “أصبحت أبوابا لمنافع المسؤولين الفاسدين وليس أهالي المحافظة”، وفق قولهم.
ومنذ أواسط شهر يوليو/تموز الماضي، تستمر الاحتجاجات في البصرة والعديد من محافظات وسط وجنوب العراق، للمطالبة بالخدمات وتحسين الأوضاع المعيشية.
وزاد سوء الوضع في المحافظة مؤخراً، بعد ثلوث مياه الشرب، ما أسفر عن إصابة الآلاف من المواطنين بالتسمم.
وكانت القوات الأمنية قد أقدمت، مساء أمس، على تفريق المعتصمين في ساحة عبد الكريم قاسم وسط البصرة، بإطلاق النار والغازات المسيلة للدموع، والاعتداء عليهم وضربهم بالهراوات، ما أسفر عن إصابة عدد منهم.
وقامت مؤسسة (بارزاني الخيرية) بإيصال قافلة مساعدات مكونة من مليون و200 ألف عبوة مياه شرب، إلى جانب أدوية ومساعدات أخرى لمحافظة البصرة.
ووفق المصادر المحلية، فقد سقط منذ انطلاق الاحتجاجات، أكثر من 750 قتيل وجريح بصفوف المدنيين والقوات الأمنية في البصرة والمحافظات الأخرى.
وعلى الرغم من أن البصرة، تعتبر مركز صناعة النفط العراقي واحدى اغنى مدن العالم، إلا ان بنيتها التحتية في اسوأ حالاتها رغم مرور 15 عاما على سقوط النظام السابق عام 2003.
وسبق أن عبر المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني عن تأييده للاحتجاجات وقال إن المتظاهرين قد يسلكون طريقاً آخر. وانحى الرجل الذي يتمتع بنفوذ كبير باللائمة على الحكومة.
ويأتي نفاد صبر العراقيين في وقت يكافح فيه السياسيون لتشكيل حكومة جديدة بعد انتخابات برلمانية غير حاسمة ومثيرة للجدل بعدما شابتها مزاعم تزوير وتلاعب.