.
يوم 9 نيسان/أبريل 1940، تحولت النرويج لمسرح قتال في خضم الحرب العالمية الثانية، حيث باشر الجيش الألماني بعملية غزو هذا البلد الاسكندنافي تنفيذا لرغبة القائد النازي أدولف هتلر الذي سعى لضمان تواصل تدفق الحديد السويدي نحو ألمانيا عبر الموانئ النرويجية، ومواجهة إمكانية غزو بريطاني محتمل لتلك الدول.
(العربية)
استمر القتال بالنرويج مدة 62 يوما، لينتهي بانتصار الألمان يوم 10 حزيران/يونيو من نفس السنة وفرار الملك النرويجي هوكون السابع (Haakon VII) من البلاد برفقة عدد من أفراد الحكومة نحو العاصمة البريطانية لندن.
وتزامنا مع انتقال الحرب لوطنه النرويج، فرّ يواكيم رونبرغ (Joachim Ronneberg) برفقة العديد من العسكريين النرويجيين نحو بريطانيا، ليساند منها جهود مقاومة النازيين.
ومع انتقاله للندن كناج عام 1940، عاد يواكيم رونبرغ للنرويج بعد بضع سنوات كبطل إثر نجاحه في تعطيل البرنامج النووي الألماني.
وأثناء فترة تواجده ببريطانيا، انضم يواكيم رونبرغ لأحد الأجهزة العسكرية السرية المعروفة باسم SOE (Special Operations Executive) والتي تخصصت أساسا في التجسس على الأنشطة والمنشآت الألمانية لقيادة عمليات تخريبية سرية ضدها.
على مدار أشهر، درّب جهاز SOE السري يواكيم رونبرغ البالغ من العمر حينها 23 عاما على واحدة من أهم المهام السرية وأكثرها جرأة خلال فترة الحرب، حيث أوكلت للأخير حينها مهمة الدخول بشكل سري للنرويج والتسلل إلى منشأة حساسة لتدمير مخزونها من الماء الثقيل المستخدم أساسا بعمليات التبريد بالمفاعلات والمصنف كعامل ضروري لإنتاج البلوتونيوم والسلاح النووي.
في الأثناء، راقبت كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية عن كثب التطلعات النووية الألمانية منذ بداية الحرب، وتأكدت الدولتان حسب تقارير استخباراتية من تقدم الأبحاث النووية للألمان وقدرتهم على إنتاج سلاح فتّاك قد يهدد مستقبل أوروبا والحرب.
فما كان من سلاح الجو الملكي البريطاني إلا أن تكفّل بمهمة نقل يواكيم رونبرغ وعدد من رفاقه نحو النرويج، مستغلا الضباب الكثيف بالمنطقة، حيث قفز جميعهم بالمظلات نحو منطقة آمنة ليباشروا إثر ذلك التزلج نحو مصنع Norsk Hydro للماء الثقيل قرب منطقة فيمورك (Vemork) النرويجية الذي تمكنوا من بلوغه يوم 28 شباط/فبراير 1943.
واستغل رونبرغ ورفاقه مخططا للمصنع، حصلوا عليه من أحد المهندسين النرويجيين، ليتسلّلوا إلى داخله عبر فتحة أسلاك ويباشروا بإنجاح مهمتهم المحفوفة بالمخاطر.
نجحت المجموعة في أسر أحد الحراس وتخديره باستخدام الكلوروفورم، وفخخت المكان قبل أن تغادره وتتمكن من تفجير ما يقدر بنحو 3000 رطل من الماء الثقيل، إضافة للعديد من الأجهزة المخصصة باستخراج النظائر الكيميائية.
وبسبب هذه العملية، خسر الألمان ما يعادل 5 أشهر من العمل بمصنع Norsk Hydro، فضلا عن ذلك غادرت المجموعة مكان العملية على جناح السرعة مستغلة ظلام الليل.
وعلى الفور، نشر الألمان نحو 2800 جندي بالمنطقة لتمشيطها والقبض على المسؤولين عن العملية. في الأثناء، استغل رونبرغ ورفاقه قدرتهم على التزلج فقطعوا مسافة قدّرت بنحو 300 ميل بلغوا على إثرها الحدود النرويجية السويدية.
هناك، أقدم يواكيم رونبرغ على التخلص من زيّه وقدّم نفسه للسلطات السويدية مرتديا ملابسه الداخلية فقط، ومنتحلا صفة لاجئ نرويجي هارب من الاحتلال النازي نحو بلد محايد.
طيلة ما تبقى من سنوات الحرب، واصل رونبرغ تقديم خدماته للبريطانيين وحصل مع نهاية النزاع العالمي على العديد من الأوسمة العسكرية بفضل الجهود التي قدّمها للتصدي للنازيين.
مع مشاهدته لهول ما حصل باليابان عقب إلقاء القنبلتين النوويتين على كل من هيروشيما وناغازاكي خلال شهر آب/أغسطس سنة 1945، قدّم يواكيم رونبرغ تصريحا أعلن من خلاله أنه فهم أخيرا أهمية العملية التي قام بها بالنرويج سنة 1943.