شكلت أحدث الأرقام الصادرة عن المديرية العامة لمناهضة العنف ضد المرأة في إقليم كُردستان العراق صدمةً للأوساط الحقوقية والمدنية في الإقليم، إذ أكدت أن ظاهرة العُنف التي تطاول نساء كُردستان في تصاعد، فالنصف الأول من هذا العام شهد ارتفاعاً في حالات العنف بمختلف أشكاله، عن النصف الأول من العام الفائت، على الرغم من الإجراءات القانونية والاقتصادية والجنائية التي اتخذتها السلطات المعنية، إثر ضغوط من منظمات وناشطي وقوى المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق النساء، وتحديداً عبر استحداث الخط الساخن الدائم المخصّص لاستقبال الشكاوى في كل وقت، والتعامل معها مباشرةً.
المرصد المركزي للمديرية العامة لمناهضة العنف ضد النساء في إقليم كُردستان، المرتبط بوزارة الداخلية في الإقليم، أظهر في تقريره الأخير عن النصف الأول من العام الحالي أن 55 امرأة في كردستان لقينَ حتفهنّ كضحايا للعنف خلال هذه الفترة، منهنّ 22 قُتلنَ على يد أشخاص من محيطهنّ الاجتماعي، بينما انتحرت الباقيات، كرد فعل على أحوالهنّ الاجتماعية والنفسية والاقتصادية.
وتوزعت حالات العُنف على مُختلف مناطق الإقليم، في المحافظات الثلاث، أربيل دهوك والسليمانية، بمعدل يقارب حوالى 20 حالة عنف مطلق (انتحار أو قتل) في كُل منطقة. فمحافظة السُليمانية تشهد حالات عنف أقل نسبياً، بسبب ارتفاع نسبة التعليم والأوضاع الاقتصادية المُريحة والهوية الاجتماعية الأقل محافظة في تلك المنطقة. وذكرت أرقام النصف الأول من العام الحالي، أن 7 نساء قُتلنَ في دهوك ومثلهنّ في محافظة السليمانية، بينما تعرضت خمس نساء في العاصمة أربيل للقتل. وسُجلت 13 حالة انتحار في محافظة دهوك و7 في أربيل و11 في محافظة السلمانية.
الأرقام الأكثر صدماً كانت تلك التي تُشير إلى أعداد اللواتي تعرّضنَ للحرق خلال هذه الفترة من العام، وصلت إلى 100 حالة، بين مَن حرقنَ أنفسهنّ أو تعرضنَ للحرق. ففي محافظة أربيل جرت 28 عملية حرق على يد آخرين، بينما أحرقت 20 امرأة أنفسهنّ، وفي محافظة السُليمانية تعرضت 33 امرأة للحرق، منهنّ 17 حُرقنَ على يد آخرين، وفي محافظة دهوك تعرضت 21 امرأة للحرق، فيما سجلت منطقتا سوران ورابرين 16 حالة. كذلك فإن حالات العُنف سجلت حوالى 50 حالة ضربٍ مُبرح تعرضت له النساء من أشخاص في أوساطهنّ الاجتماعية.
المديرية العامة لمناهضة العُنف في الإقليم قالت في تقريرها التفصيلي إنها تلقت 4970 شكوى رسمية لحالات العنف، أكثرها في محافظة أربيل، التي سجلت أكثر من 1700 شكوى. وتظهر أرقام المديرية الجهد الاستثنائي الذي تقوم به، فمجموع حالات “العنف المطلق” تقلّ عن 5 في المئة من مجموع الشكاوى التي وصلتها، ما يدلّ على تجاوب المديرية المباشر والسريع مع الحالات التي تردُها.
عموماً، تسجل أشكال العنف ضد النساء في إقليم كُردستان تزايداً ملحوظاً. فإذا كانت أعداد الشكاوى العامة تُشكل معياراً مباشراً لأحوال العنف، فإنها ارتفعت بحوالى الخُمس، من 4213 حالة خلال النصف الأول من العام الماضي، إلى 4970 حالة خلال النصف الأول من هذا العام. حدث ذلك على الرغم من أن إحصاءات الأشهر الستة الأولى للعام الحالي، مقارنةً بالفترة ذاتها من العام الماضي، تُظهر تراجعاً في عدد حالات قتل النساء وانتحارهنّ والاعتداء عليهنّ وإحراق أنفسهنّ، بينما ارتفع عدد حالات إصابة النساء بحروق ورفع شكاوى من جانبهنّ.
أما الناشطون المدنيون في إقليم كُردستان فيأخذون أبعاداً أخرى للمقارنة، تطال السنوات السابقة، ليستنتجوا في المحصلة أن العنف ضد النساء في الإقليم يتراوح بين الارتفاع والثبات.
ففي مُقارنة أجرتها الناشطة والباحثة نازدار محمد أمين لصالح “اندبندنت عربية”، أكدت أن “الأرقام الخاصة بالأشهر التسعة الأولى من العام 2017 على سبيل المثال، تشير إلى أن 38 من نساء كُردستان تعرضنَ للقتل، وأن 58 امرأة انتحرنَ، وتعرضت 166 امرأة للحرق، وحرقت 95 امرأة أنفسهنّ، بينما سُجلت 101 حالة تحرشٍ جنسيٍ. وتلقت المؤسسات المُتخصّصة 6987 شكوى بالتعرض للتعذيب”.
وقارنت الباحثة نازدار محمد أمين الحالات التي جرت خلال العام 2017 بما يوازيها في الفترة ذاتها من العام 2016. وقالت إن “حالات العُنف سجلت ارتفاعاً مُريعاً خلال هذه المُدة، قُدر بحوالى الثلث، وهي نسبة مُقلقة لكل الناشطين والفاعلين في المجال الحقوقي. ففي تلك المدة من العام 2016 سُجلت 30 حالة قتل فقط بحق النساء في الإقليم، بينما أقدمت 60 امرأة كُردية على الانتحار، وتعرضت 169 منهنّ للحرق، وأحرقت 72 امرأة أنفسهنّ”.
ويعرض المراقبون طيفاً من أسباب استمرار هذه الظاهرة في الإقليم، على الرغم من التدابير المُتخذة، إذ كان هذا العام استثنائياً بالنسبة إلى نساء كُردستان، حيث تسلمت لأول مرة ثلاث نساء مواقع وزارية في حكومة الإقليم المُشكلة حديثاً. كما تولت امرأة منصب رئاسة برلمان الإقليم، وشغلت أخرى موقع نائبة رئيسة البرلمان، ما عُدّ مؤشراً إلى تحسن أحوال النساء وموقعهنّ في الإقليم. كما شهد عام 2019 تطور المبادرات النسائية على المستوى السياسي والقانوني في كردستان.
ويذكر مراقبون الواقع الاقتصادي كمُسبب أول لاستمرار العُنف ضد النساء، فإقليم كُردستان كان يشهد تنميةً اقتصادية معقولة، إلا أنها توقفت فجأة في العام 2014، جراء توقف الحكومة المركزية عن تسديد حصة الإقليم من الميزانية المركزية، إلى جانب بدء الحرب ضد “داعش”، التي أوقفت كل مخططات حكومة الإقليم الإستراتيجية. وتسبب تراجع التنمية في الإقليم بخروج النساء من سوق العمل، ونكوص العملية التعليمية وتقلّص دور الطبقة الوسطى وفاعليتها.
ويرى مراقبون أن المجتمع في إقليم كُردستان ما زال يشهد نزعات المجتمعات التقليدية، من مناطقية وعشائرية وإشكالات العائلات المُمتدة، ما يتماشى عادة مع الذكورة المُجتمعية وسطوة العنف المجتمعي، حيث تكون النساء عادةً ضحايا لمثل تلك الأحوال.
إلا أن الناشطات الكُرديات يذكّرنَ بأن مثل تلك الأوضاع كانت موجودة في مختلف المُجتمعات، إلى حين إقرار القوانين الجنائية العقابية العادلة والمساواة الجندرية في سوق العمل ورفع مستويات التعليم وخلق فضاء عام يحمي النساء من التعنيف، وسيكون ذلك كفيلاً بتجاوز حالات العنف ضد النساء في إقليم كُردستان.
أرى أن السبب الرئيسي لحالات القتل والحرق والانتحار والعنف ضد المرأة ليس سببها أقتصادي أو تدني نسبة الأمية او غيرها بل السبب الرئيس هو العرف العشائري المقيت والضاغط على نفسية الفرد في كردستان العراق قوانينها القاسية والغير المبررة والسبب الآخر في زيادة التطرف الديني بشكل لافت وواضح ومايترتب عليه من التزامات واعراف من الصعب جدا تحملها من قبل النساء،لكون الرجال يعدون من المعصومين امام نساءهم وهم من أولياء الأمر طاعتهم واجب ديني واخلاقي وعرفي ونتيجة هذا وذاك تقع المرأة فريسة وضحية غطرسة وجبروت الرجل حيث لا أعتقد ان الامية لها دور في الأحداث على العكس من ذلك كانت الامية منتشرة في كردستان اكثر من الأن في سبعينات القرن الماضي عاى سبيل المثال وكان العنف والقتل وحرق النساء اقل من الآن بكثير والتسامح أكثر من ذلك والموضوع واضح جدا ليس بحاجة الى تأويل والأمثلة والوقائع كثيرة ايضا لايسع التعليق كتابته .نتمنى لاهلنا في كردستان المزيد من الحرية والتعايش ونبذ العنف وقبول الآخر .