.
مولود من أصل عشرة أي 10% من سكان العالم تقريبا يكتبون باليد اليسرى ويعتمدون عليها في تصريف أعمالهم أكثر مما يعتمدون على اليد اليمنى. بمناسبة اليوم الدولي لتغيير النظرة السلبية تجاه الأفراد الأعسرين، لم يعد مقبولا معاملة الطفل الأعسر على أنّه غير طبيعي وسيفشل في الدراسة إن لم يكتب باليد اليمنى.
على صعيد الموهبة في التحصيل العلمي أو على صعيد عقبات وصعوبات التعلّم، قد يصادف الإنسان الأعسر واحدة من هاتين الناحيتين تماما كما يحصل مع الإنسان الذي يستخدم بقوة يده اليمنى. فلا فارق يذكر على نطاق الذكاء إذ أنّ الدراسات التي قارنت نسبة الذكاء ما بين يميني اليد ويساريها لم تلحظ اختلافات بارزة واستثنائية، في حين يزعم بعض الباحثين أنّ الأشخاص العاملين باليد اليسرى موهوبون في المهام الحسابية ومادة الرياضيات أكثر من غيرهم.
فإن عدنا مثلا إلى خلاصة خمس دراسات إيطالية كانت قد جرت على تلامذة إيطاليين لمعرفة ما إذا كان الطلاب الأعسرون بارعين أكثر في مادة الرياضيات من باقي الطلاب يميني اليد، تبيّن في هذه الخلاصة العلمية الصادرة منتصف عام 2017 في مجلة Frontiers in Psychology تبيّن أنّ العلاقة ما بين الشطارة في الحسابات ومسألة الكتابة باليد اليسرى لا تزال علاقة معقّدة وغير محسومة لا بل علاقة مثيرة للجدل إلى حد كبير ما بين العلماء المؤيدين لهذه النظرية والعلماء المشككين بها.
.
على مرّ التاريخ برزت أسماء لامعة كانت تعتمد اعتمادا شديدا على يدها اليسرى كالطبيبة الإشعاعية Marie Curie وعملاق الموسيقى الكلاسيكية Mozart والنحات المعماري Leonardo Da Vinci ومصمم الأزياء Karl Lagerfeld ومطرب الروك Kurt Cobain والرئيس الأميركي السابق Barak Obama والملاكم الأميركي محمد علي. نجاح هؤلاء وسواهم من المبدعين لا علاقة له بالضرورة بانتمائهم إلى فئة العاملين باليد اليُسرى عندما نعي أنّ دراسات علمية عديدة استنتجت أن متوسط نسبة الذكاء لا يختلف بشكل استثنائي بين يميني اليد ويساريها.
من جهّة أخرى، يُسجّل الرياضيون يساريو اليد نجاحات هامّة في المنافسات الرياضية تكون أهم من نجاحات الرياضيين يميني اليد. تتراوح نسبة اللاعبين الأعسرين والبارزين عالميا في مختلف المنافسات الرياضية ما بين 20 إلى55 %أي أكثر من المتوسط. إنّ إنجازات لاعب كرة القدم Mesut ضzil ولاعبة التنس Martina Navratilova والملاكم Henry Maske هي أمثلة حسيّة على هذه النجاحات. إلا أنّ تفوّقهم الرياضي لا يُعزى إلى أنّهم أعسرون لا بل يعزى إلى أنّ منافسيهم يميني اليد يصعب عليهم متابعة تحرّكاتهم الرياضية والتأقلم معها أثناء اللعب.
ابتداءً من أسبوع الحمل الـخامس عشر، يصبح التعرف على الجنين يساري اليد ممكنا. ولقد أظهرت دراسة إيرلندية أن جميع الأجنة الذين كانوا يمُصّون إصبع إبهامهم الأيمن داخل رحم والداتهم أصبحوا يميني اليد، في حين أصبح ثلثا الأجنة الذين كانوا يضعون إصبع إبهامهم الأيسر في أفواههم يساري اليد. تجدر الإشارة إلى أنّ غالبية الأطفال الرضع يميلون إلى تغيير واستخدام كلتي اليدين بنفس الأهميّة ولكنّهم ينتهون بتفضيل واحدة من اليدين ابتداءً من سن الرابعة.
حتى الآن لم يستطع العلم توضيح أسباب يسارية اليد ولم يحسم بعد ما إذا كان سببها وراثيا. لكن في تاريخ علم الوراثة، أنجبت أمهات يسارية اليد أطفالا اعتمدوا على اليد اليمنى. وبدا أنّ العائلات التي يهيمن عليها يساريو اليد يكون الكثيرون من نسلها أيضا يساريي اليد. إلاّ أنّها تبقى غامضة ومفاجئة أسباب الإتيان بتوائم يكون أحد التوأمين يميني اليد في حين يكون الآخر يساري اليد. على كلّ، لا أفضلية لأحد على الآخر فإن فضّل ابنكم أو فضّلت ابنتكم الكتابة باليد اليسرى فاتركوه أو اتركوها على راحتها لأنّ الكتابة باليسرى تستحقّ أن تكون طبيعية مثل نظيرتها باليمنى.