لم تكتفِ إيران بوصول شخصيات مقربة منها إلى سدة الحكم في العراق، بل دفعت بشخصيات موالية لها في صلب المؤسسة العسكرية العراقية، لضمان ولائها بشكل ثابت، وتحسبًا من انقلاب عسكري قد تفكر به شخصيات داخل الجيش.
وأصدر رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي مؤخرًا أمراً بتعيين زياد خليفة خزعل التميمي، القيادي في ميليشيات الحشد الشعبي مفتشًا عامًا لوزارة الدفاع العراقية، وشغل المنصب ممثلًا عن منظمة بدر، بزعامة هادي العامري، المقرب من طهران.
وبحسب مصادر مطلعة فإن (زياد خليفة خزعل التميمي)، قام بأعمال طائفية ضد المكون السني في محافظة ديالى، كونه شغل منصب آمر لواء 24 في الحشد الشعبي، في المحافظة، وشهدت المناطق التي يسيطر عليها هذا اللواء الكثير من الأعمال الطائفية والمنافية لحقوق الإنسان، من تهجير وخطف وغيرها من الأعمال.
أبو جهاد الهاشمي .. مسؤول الأمن والمال
ويأتي تعيين التميمي بعد أيام على الدفع بالقيادي في المجلس الأعلى الاسلامي أبو جهاد الهاشمي إلى منصب مدير مكتب رئيس الوزراء.
ويمنح نظام المحاصصة، مدير مكتب رئيس الوزراء، وهو بدرجة وزير وفقا للقانون العراقي، صلاحيات واسعة، كثيراً ما كانت موضع جدل، لكنه يستوجب أيضاً أن يكون شاغل هذا المنصب من غير الحزب الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء، لضمان دور الرقيب.
ويرى بعض المطلعين على كواليس السياسة في العراق، أن الهاشمي، ربما يكون هو رئيس الوزراء الفعلي في العراق، وأن عبدالمهدي يكمل المشهد العام، ليس إلا، إذ يؤكد ضباط عراقيون في المؤسسة العسكرية، إن الهاشمي لديه تخويل من عبدالمهدي لتحريك أي قطاعات عسكرية في طول البلاد وعرضها، فيما يقول مسؤولون في وزارة المالية العراقية، إنهم يراجعون سياسة البلاد المالية، مع مدير مكتب عبدالمهدي، فحسب.
أبو منتظر الحسيني .. آخر إبداعات عبد المهدي
وفي جديد هذا الملف، فإن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي يعتزم تعيين أبو منتظر الحسيني القيادي في منظمة بدر بمنصب السكرتير الشخصي للقائد العام للقوات المسلحة.
وبحسب وسائل عراقية فإنّ أبومنتظر الحسيني المرشّح الجديد لمنصب السكرتير العسكري واسمه الحقيقي تحسين عبد مطر العبودي يشغل منصب قائد عمليات ميليشيا بدر، وأنّه سيخلف في السكرتارية الفريق الركن محمد البياتي وهو ضابط ذو خبرة وكفاءة وارتقى في الرتب العسكرية بحسب القانون، بينما الحسيني هو من “ضبّاط الدمج” أي المقاتلين غير النظاميين الذين حارب جلّهم إلى جانب إيران في حرب الثماني سنوات وتم إدماجهم في القوات المسلّحة لدى عودتهم بعد سقوط نظام حزب البعث.
ويرى المحلل السياسي وائل الركابي أن «قرارات رئيس الوزراء الأخيرة المتعلقة بتعيين شخصيات مقربة من طهران في جسد الدولة العراقية، لا يمكن فهمها على وجه الدقة، فعلى الرغم من التحليلات الكثيرة، إلا أن شيئاً وراء تلك التعيينات، فمن غير المعقول أن يقدم رئيس وزراء على استقدام شخصيات ميليشياوية، ومشبوهة، ووضعها في سدة القرار العراقي، فهذا من شأنه ليس إضعاف الدولة فحسب، بل تقديم مصلحة الغير مصلحة البلاد».
وأضاف الركابي في تصريح لـ (باسنيوز) أن «المعلومات المتوافرة تؤكد وجود اتفاق سري بين عبدالمهدي، وأطراف في الحشد الشعبي، خاصة منظمة بدر، وعصائب أهل الحق، تتعلق بالأمر الديواني الأخير وهيكلة الحشد، إذ فرضت بعض تلك الأطراف شروطها بشأن الاستجابة للأمر الديواني، والرضوخ لأوامر رئيس الوزراء، وكان من ضمن الشروط ما يتعلق بتعيين شخصيات مقربة من الحشد وإيران داخل المؤسسة الأمنية العراقية».
ويضيف أن «أطرافاً في الحشد الشعبي ترى في المؤسسة العسكرية العراقية الرسمية، خطراً لا يمكن الأمان بوجوده، وشبح الانقلابات تسيطر بشكل دائم على قادة الفصائل والمليشيات، لذلك هم يدعمون الحشد الشعبي الذي تشكل من قواتهم على حساب الجيش الذي ينحاز إلى المواطنين في حال حصول أي شيء».
قطف الثمار مبكرًا
وبعد أيام على تلك التعيينات تؤكد التسريبات أن هذه القيادات فعلت فعلتها بالضغط على رئيس الوزراء فيما يتعلق بضبط الأمر الديواني الخاص بالهيكلة، وكذلك اتخاذ قرارات بشأن الطيران العسكري الأميركي في الأجواء العراقية.
وبحسب مصادر مطلعة فإن تلك الفصائل الموالية لإيران، ضغطت على رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي، ليتقدم بطلب رسمي إلى موسكو للحصول على منظومة أس 400، بسبب تعرض مخزن للسلاح في بغداد، تابع للحشد الشعبي، إلى تفجير غامض، قيل إن طائرات إسرائيلية مسيرة تسببت فيه.
وغذت هذه الفصائل تحليلات إعلامية تدعم رواية مسؤولية إسرائيل عن الهجوم، وهجمات أخرى مماثلة في وقت سابق، لتنتقل إلى الحديث علنا عن «استباحة الأجواء العراقية، من قبل الولايات المتحدة».
وبدا أن رئيس الوزراء العراقي، استجاب جزئيا لهذه الضغوطات، عندما أصدر قرارا بإلغاء جميع الموافقات الصادرة لجهات عراقية أو أجنبية، بالتحليق في أجواء البلاد.
واعتبرت الفصائل الإيرانية استجابة عبدالمهدي انتصارا لها، وسوقت قرار رئيس الحكومة على أنه موجه إلى الطيران الأميركي.
وتقول المصادر إن الفصائل العراقية الموالية لإيران تستخدم أبا جهاد الهاشمي مدير مكتب رئيس الوزراء، منصة للضغط على عبدالمهدي، بهدف التقدم بطلب رسمي إلى الروس لشراء منظومة دفاع جوي متطورة.
ويمكن لخطوة من هذا النوع، في حال أقدم عليها عبدالمهدي فعلا، أن تتسبب في إغضاب الولايات المتحدة، التي تمنع حلفاءها من شراء هذا النوع من أدوات الدفاع الجوي.