تعتبر عمليات الابادة الجماعية التي نفذها النظام البعثي ضد المواطنين الكورد عام 1988,من ابشع جرائم العصر التي اقترفت ضد شعب كوردستان ,الأنفال،تلك الجريمةُ السيئة الصيت التي هزت ضمائر البشرية، قصصها حقائق أغرب من الخيال،هولوكوست الشعب الكوردي اليوم الاحد تمرذكراها الـ 31 لجرائم الأنفال،المرحلة الثامنة بادينان.
وبمراجعتنا للتاريخ القديم وماحدث في الازمنة المتعاقبة على مر العصور التاريخية من الغزوات الاسلامية و صراع امبراطوريات المنطقة كالعثمانية والفارسية والعربية المتمثلة بالغزوات والفتوحات والفرمانات والابادات ونهب وسرق وسبايا وجاريات وفي الاخير الترحيل,قام النظام في صباح يوم 31/7/1983 المشؤوم بحملة الأنفال المعروفة “ب انفال البارزانيين” حيث حاصرت القوات الامنية القمعية وجلاوزة البعث العربي بالسطو على المجمعات البارزانية العزل وقامت باعتقال8 آلاف بارزاني بين مسن وشاب من عمر9 أعوام وحتى الـ90 عاماً ونقلهم الى صحارى جنوب العراق( نقرة سلمان), وقام بقتلهم ودفنهم في مقابر جماعية.
بدأت المرحلة الاولى من الانفال في منطقة السليمانية 2/2/1988،وكانت مرحلتها النهائية والمعروفة بخاتمة الأنفال في منطقة بادينان في منطقة بادينان (آميدي، آكري،زاخو، شيخان، دهوك)في 25/8/1988، واستخدمت في جميع حملات الأنفال انواع من الأسلحة المحرمة دولياً وخاصة السلاح الكيمياوي كغاز الخردل والسيانيد وغاز الأعصاب والفسفور, وسميت هذه العمليات السيئة بالانفال استنادا الى اية الانفال قبل 1400سنة.
كشاهد عيان في الانفال كنت مع عائلتي واخي وعائلته من الناجيين حيث استشهد والدي في السجن عام1987 وسجنت والدتي حتى نهاية الحملة للضغط علينا بتسليم انفسنا. المرحلة الاخيرة من الانفال بدأت في صباح يوم 25/8/1988 حيث حلقت الطائرات الحربية في سماء كوردستان والمناطق المحررة في (بادينان)وهرعت اهالي المنطقة عند سماع دوي الطائرات الحربية وأفرغت الطائرات حمولتها على قرى من قضاء اتروش (كانياباسكا ,كلي ئافوكي ,مراني ,سوار وسبينداري,كارة,بري كارة, بوطكي, كافيا ,جم جوي,زيوه شكان,وخواكورك,ومناطق قضاء زاخو) وصولاً الى حدود تركيا وايران, وقد جرت معارك طاحنة في مناطق خواكورك باشراف ومشاركة الرئيس مسعود البارزاني.
وفي 28/8/1988 سيطر الجيش والقوات المرتزقة والجحوش ومفارز ابو فراس الحمداني على جميع المنافذ وتم حصرنا في مناطق الزيبار بين ناحية دينارتة وشيلدزي وقسم من الهاربين من ظلم وطغيان النظام وصلوا الى تركيا وكثيرا منهم ماتوا في الطريق وهناك من تم تسميمهم ليموتوا والقسم الاخر وصلوا باعجوبة الى ايران دون مأوى او مسكن وقسم الاخر القي القبض عليهم في الحدود ونقلوهم الى السلامية ,قسم من العوائل اختبأ بين احضان جبل كارة الى يوم 6/9/1988 صدور العفو المفخخ وفي يوم اسود تم القبض علينا وتقسيمنا الى قسمين ونقلنا الى قلعة عقرة وبعدها الى بحركي (جزنيكان) والقسم الاخر الى قلعة نزاركي في دهوك وهناك تم تصفية الكثير من زملائنا واقاربنا الائيزديين والمسيحيين الذين سلموا انفسهم في العفو (المفخخ) وكان من بينهم اطفال رضع لاتتجاوز اعمارهم خمسة أشهر والى يومنا هذا مصيرهم ومصير مئات الالاف من الائيزديين والمسيحيين والكورد المسلمين من نساء واطفال ورجال وامهات في سن الشيخوخة مفقودين. رغم مرور 31 عاماً على مجازر “الأنفال سيئة الصيت”، لكن مازال العديد من المواطنين في قرى إقليم كوردستان التي تعرّضت لحملة “الأنفال” تسعى للبحث عن جثث اقاربهم في الصحراء والمحافظات الجنوبية لإعادة رفاتهم إلى إقليم كوردستان,وبين فترة واخرى يتم العثور على مقابر جماعية جديدة تُجدد الآلام لدى الآلاف من أسر الضحايا.
هناك سؤال يطرحه الكثيرون مالفرق بين احداث عام 1988 في الانفالات سيئة الصيت على السكان العزل في كوردستان المحررة والابادة الجماعية للكورد الائيزديين في شنكال وقرية كوجو بالتحديد في3 لغاية 15/8/2014 وهو نفس الغرض(لكونهم كورد).
اليكم بعض النقاط والمبررات التي بررالنظام السابق والدولة التي مايسمى بالخلافة الاسلامية فيها جرائمه البشعة :-
1-في عام 1988 تم استخدام اسم سورة في القرآن الكريم لتبرير عمليات إبادة جماعية بحق المدنيين “اية الانفال” التي ابيحت لهم الذبح والقتل والسبي واخذ اموالهم واعتبرت الحكومة العراقية انذاك الكوردوالكوردستانين من مسيحيين وائيزديين و مسلمين مصدر تهديد لهم وقد سميت الحملة بالأنفال نسبة للسورة رقم 8 من القران الكريم وفي نفس الوقت في3/8/2014 تم تطبيق نصوص قرآنية تدعو إلى قتل الكفار مثل الآية 191 من سورة البقرة، والآية 89 من سورة النساء على ان الائيزديين كفرة ويحق لهم سلب ارضنا وعرضنا.
2-في الانفال 1988تم تدمير 5الاف قرية كوردية ومعها مراقد دينية للائيزديين والمسيحين وسرقة اموال الكورد وقتل وتهجير وقبض الالاف منهم الى الان مصيرهم مجهول ، في الفرمان الاخير شنكال بدأ التنظيم بأرتكاب المجازر ضد السكان من الائيزديين العزل ونهب وسرق مسلحوا تنظيم الدولة الإسلامية القرى والمدينة (شنكال)، وأختطفوا النساء وأخذوهم سبايا لتوزيعهم على مقاتلي التنظيم.
3- في انفال بادينان المرحلة الثامنة الاخيرة حيث تم ارغام الرجال من مناطق مثل قرية كوريمة بري كارة(قرية كوزي) قرية كفركي وبيبادي بالانبطاح وقامو جلاوزة النظام والمرتزقة الجحوش بالرمي عليهم من كلاشينكوف وتم قتل العشرات منهم أما النساء والفتيات والأطفال تم تحميلهم في ايفات عسكرية الى المجمعات القسرية في جزنيكان و كردجال و برحوشتر ، وحدث الشي نفسه في الفرمان الاخير في شنكال حيث تم إرغامهم الرجال على الانبطاح أرضاً ومن ثم إطلاق النار عليهم من أسلحة رشاشة، أما النساء والفتيات والأطفال تم تحميلهم في باصات واخذوا سبايا.
4- في الانفال قضي على 182الف مواطن كوردي من بينهم اطفال ونساء قبل ايام شهدت عشرات المقابر الجماعة في السماوة المرحلة الثامنة بادينان اكثر من 500عائلة ائيزدية ومسيحية كانوا قد سلموا انفسهم لجلاوزة النظام في العفو الى يومنا هذا مجهولي المصير ولم يعرف اين دفنوا . في الفرمان الاخير شنكال اكثر من عشرة الاف قتيل ومخطوف واكثر من80مقبرة جماعية الى اليوم اكثر من 350الف مهجر الى كوردستان واكثر من مئة الف هاجروا الى دول اوروبا و بقاع العالم.
5- تجاهل عملية الأنفال في الإعلام العربي والاسلامي رغم بشاعة عملية “الأنفال” الفرمان الاخير سكت الاعلام العربي ضد داعش لا بل حولت تلك الممارسة إلى أداة تجنيد ثابتة لجذب الرجال من المجتمعات الإسلامية أن ممارسات داعش ضد الأئيزديين تصل لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية .
6-في الانفال اكثرية القادة في جيش الاجرام صدام من طائفة السنية, في الفرمان على الائيزدية في الشنكال اكثرية امراء الدولة الخلافة الاسلامية الدواعش من اهل المنطقة ومن طائفة السنية.
7– التغيير الديموغرافي للمناطق الكوردستانية في اطار عملية تعريب تلك المناطق، وهذا عن طريق اخراج وتهجير وابعاد المواطنين الأصلاء من هذه المناطق واسكان أناس آخرين في مكانهم، وهذه الحملة بدأت باصدار العديد من قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، وخاصة في محافظة كركوك، والمناطق الكوردستانية الاخرى في حدود محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين. وهذه الانفال تبعتها الابادة الجماعية للائيزديين لتغيير الهوية القومية الدينية للائيزديين و التغيير الديموغرافي للمناطق الائيزديين في الشنكال وناحية باشيك وبحزان ومجمع بابيرةفي قضاء تلكيف والمناطق الاخرى .
في النهاية، الانفال والابادة الجماعية للكورد الائيزديين في الشنكال هي امتداد لبعضهم البعض كسلسلة من عمليات الابادة الجماعية ضد الكورد ووفقاً للمقاييس الدولية للجرائم تدخل في اطار جرائم الجينوسايد،لذلك نطالب الأمم المتحدة بالاعتراف بتلك المجزرة كإبادة جماعية ,من أجل سد الطريق أمام تكرار الممارسات الاجرامية مماثلة.يعتبر مبدأ حق تقرير المصير للشعوب المضطهده من بين أهم المبادئ السياسية في العصر الحديث ومن بين أفضل الطرق لتحقيق السلام والأمن والاستقرار واحترام حقوق الانسان.ان من حق الشعب الكوردي بعد ان تعرض الى مثل هذه الجرائم ان يحصل على حقوقه الكاملة ومنها حقه في التعويض عما اصابه من اضرار وفي معاقبة جميع المجرمين الذين ارتكبوا هذه الجرائم ضده وكذلك في تقرير مصيره بنفسه طبقا لقواعد القانون الدولي والدستور العراقي ( المادة1).
نايف رشو الايسياني
احد الناجين في الانفال