المقال الأخير للكاتب والسياسي الإيزيدي، د. خليل جندي المعنونة “أفكار للمناقشة لإتخاذ موقف يرسم إستراتيجية ومستقبل الإيزيدية” والذي ركز فيهِ على أهمية القرار الذي سيتخذه بخصوص المادة ١٤٠ من الدستور العراقي، الخاص بالمناطق المتنازعة عليهِ بين المركز (حكومة بغداد) والإقليم (حكومة إقليم كوردستان)، على إعتبار أن نحو (٩٠%) من مناطق الإيزيديين تقع ضمن هذه الجغرافية المتنازع عليها .. ولأهمية الموضوع، والمرحلة الحساسة من بلوغ ذروة الصراع بين الجبهتين، سياسياً وعسكرياً وإعلامياً وتأثيرها الكبير على حاضر ومستقبل الإيزيديين، خصوصاً بعد النكسات المتتالية من بعد ٣ أب ٢٠١٤، وتعرض الإيزيديين إلى حملة إبادة كبيرة، حملهم قتل وخطف وأسر الالاف منهم، وتدمير مناطقهم بعد سلبه ونهبه، وبالإضافة إلى ذلك إفراغ مناطقهم تلك، بعد نزوحهم إلى مخيمات تفتقر إلى أبسط سبل العيش في كوردستان، أو تشريدهم في بقاع العالم بحثاً عن أمان.
من أجل ما ذكر، ولأهمية الموضوع، فقد أرتأينا في بحزاني نت، فتح ملف للحوار حوله، لأجل رسم مستقبل أفضل للإيزيديين، وعليهِ ندعوا ونناشد كتابنا المهتمين بالشأن الإيزيدي إلى المشاركة في هذا الحوار، وتفعيله، من خلال مقالاتهم القيمة.
الكاتب والإعلامي بركات العيسى يساهم في الحوار من خلال هذا المقال :
المادة ١٤٠ واللاموقف الايزيدي
بركات العيسى
كتب الدكتور والباحث الايزيدي القدير خليل جندي يوم 1.9.2018 موضوع ذات اهمية بالغة للمجتمع الايزيدي والمراد منه طرح مواقف واراء متباينة عن المادة الدستورية ١٤٠ والتي تخص ” تطبيع واحصاء واستفتاء ” في المناطق المختلف عليها بين حكومتي المركز والاقليم وننشر للقراء الاكارم ما ذهب اليه الدكتور
بوجهة نظري أن المادة ١٤٠ والتي ستحدد مستقبل جغرافية الايزيديين في العراق في حال تطبيقها ،وتفعيلها ليقرر الايزيديين تبعية تلك الجغرافية مرهونة بالاحداث السياسية والامنية في العراق اكثر ما تكون ورقة ضمان للايزيديين من عدمه ، فالخلافات القائمة بين الاقليم والمركز دخل حيزا جديدا بعد السادس عشر من اكتوبر من العام الماضي وسيطرة الحكومة المركزية على اراض كان الاقليم يستخدمها كورقة ضغط على بغداد ومن ضمنها شنكال وبعشيقة وبحزان ، وهذا يفسح المجال اكثر للايزيديين أن يحددوا مستقبل جغرافيتهم دون اية ضغوطات كانت تمارسه الحزب الديمقراطي الكوردستاني عندما كان سليطا على تلك الجغرافية قبل الثالث من اب عام ٢٠١٤في حال بينت حكومة بغداد جهوزيتها على ان تترك الايزيديين ليقرروا مستقبل جغرافيتهم بحريتهم وهذا مستبعد الى حد ما .
من المؤسف جدا ان الابادة الاخيرة لم تجمع الايزيديين كما كان يفترض ان يحدث ،ويجمعهم على رأي واحد اقلها بما يخص النقاط الجوهرية كالجغرافية ومستقبلها ، والهوية ..والهوية هنا هي من نقاط الخلاف الرئيسية بين الايزيديين والتي سوف تواجه الايزيديين صعوبات اكثر بما يخص مستقبل جغرافيتهم وخاصة في شنكال وشيخان ،وذلك من خلال البيئة التي يعيش فيها الايزيديين هنا وهناك ، فالبيئة ذات الطابع الكوردي التي يعيش فيها أيزيديوا شيخان ،تختلف عن بيئة شنكال على الرغم من السنوات الطويلة من الحكم الكوردي لجغرافية شنكال واهلها والتي خرجت الايزيديين بإبادتين في اقل من ثمان سنوات ، ودون ان يحدد الايزيديين هويتهم القومية كما هو حراك قائم منذ عشرات السنين ، فلن تفلح مساعي تحديد مستقبل الجغرافية ، وهو موقف شائع بين الشنكاليين اكثر من غيرهم ، وليس هذا فحسب فالايزيديين يعيشون منذ سنوات طويلة دون قيادة حقيقية وفشلت حتى القيادات الدينية في تباين رؤياها بما يخص مستقبل الايزيديين ما دفعت بعشرات الالاف الى ترك ديارهم بحثا عن موطن بديل .
ونحن نتحدث عن تطبيع واحصاء واستفتاء على مناطق خاضعة للمادة ١٤٠ من الدستور العراقي في شنكال على وجه الخصوص الا ان ٢٠% فقط من الايزيديين يعيشون الان على تلك الجغرافية بحسب تقرير نشرته المنظمة الامريكية للتنمية USAID الشهر الماضي ، وهذا الرقم من الصعب ان يحدد مصير نحو ٣٠٠ الف ايزيدي يعيشون خارج جغرافيتهم ، وتحت سلطة وهيمنة الحزب الديمقراطي الكوردستاني كمستفيد وحيد من تواجدهم تحت الخيم منذ اكثر من اربعة سنوات ، ناهيكم عن التحشدات العسكرية المختلفة فيما بينها في شنكال والتي تتصارع على السلطة ، وتتناحر لاثبات وجودها ،ما جعلت المواطن الايزيدي الشنكالي ان يختار خيمته بديلا عن تلك البيئة الخصبة للاقتتال ، المناشدة من أجل هجرة جماعية للايزيديين ،وهم ادركوا بانفسهم ان لا حماية دولية لمناطقهم ، ولا مساع حقيقية لحماية جغرافيتهم من قبل الحكومة العراقية وحكومة الاقليم ..هاتين القوتين اللتين فقدتا هيبتها ، ولم يعد المواطن الايزيدي لينام في بيته تحت حمايتها تحسبا لتكرار ما حدث لهم في ماض قريب .
إذن نحن نتحدث عن مستقبل جغرافية والشعب فيها يطالب بالهجرة الدولية ، وبعد ان كان الايزيديون منقسمون على طرفي الصراع ،اليوم اطراف الصراع على جغرافيتهم أكثر ، و طل طرف من تلك الاطراف له مؤوسساته المدنية من الايزيديين ،ومراكزه الثقافية ، وجمعياته الانسانية ، وسياسييهه ، وقادته ، وهذا ما يستبعد الاتفاق عليه حتى لو نجحت مساعي القائمين على ” مؤتمر الاتفاق الايزيدي ” في عقده خلال الاشهر القادمة ، والتي سنلعب فيه الاطراف الغراقية والكوردستانية ادوارها من خلال ممثليها من الايزيديين انفسهم ، مثلما تتعالى الاصوات الايزيدية اليوم بعودة البيشمركة الى شنكال من قبل المنتمين للاحزاب الكوردية والخاضعين لنفوذهم السياسي والعسكري ، يقابل ذلك الحراك موجة من الرفض من قبل اهالي الضحايا و عدظ لا بأس به من الرافضين للتواجد الكوردي منذ عام ٢٠٠٣ ، والخاضعين لسياسة بغداد ايضا ، وهذا الاختلاف الايزيدي الداخلي ربما سيؤدي في الاخير الى خلق ادارة مشتركة بين المركز والاقليم يضيع فيها الايزيدي ما تبقى من حقوقه لسنوات طويلة اخرى ، وستتازم الامور اكثر فاكثر اذا نجحت المنظمات الدولية بتوثيق جرائم داعش ، ومحاكمة المتسببين بابادة الايزيديين التي سيحاكم فيها قادة كورد وعرب بارزين ، وكذلك عودة الجيرة العرب الى ديارهم في ظل صراع ايزيدي عربي كوردي على شنكال .
إذن الامال ضئيلة جدا بتطبيق المادة ١٤٠ خاصة في شنكال والحكومة العراقية المقبلة ربما ستشكل والكورد في المعارضة والتي ستدفع بالاتراك للدخول الى شنكال وهو امر محتمل جدا اذا ما فقد الحزب الديمقراطي الكوردستاني ورقته في شنكال .
موضوع بالغ الأهمية على الئيزديين ممن لهم صوت مسموع سياسياً أن يتحرّكو بمسؤولية وعلى قيادة الئيزديين أن تكون شجاعة ، وعامة الئيزديين يجب أن يتحدو بقرارٍ واحد ويتكلمو بصوتٍ ، بالنسبة للمادة 140 فقد ماتت ولن تحيا إذا لم يُحييها طرف واثق من كسبها بعد إكتساب القوة ، فقد ألغاها الأقليم في 2014 وألغتها بغداد في 2017 ، أي أنها قد دُفنت من قبل الطرفين المعنيين وإحياؤُها لن يكون نزيهاً إذا حدث ، فعلى الئيزديين أن يتصرّفو وفق التطورات القادمة , على الأرجح تتطلّب مرونة كبيرة من الئيزديين ومجحفة بحقهم, خاصّةً في سنجار , ما العمل ؟ هذا هو قدرنا , على السنجاريين ــ في نظري ــ الإلتحام مع حكومة العبادي مع مرونة مع جميع الأطراف فنحن لسنا في موقفٍ نُعادي فيه أحداً , أفضل موقف ممكن لنا هو المطالبة بتحويل سنجار إلى ناحية تابعة لقضاء بغداد مباشرةً تستقطع منها القرى العربية التي شاركت مع داعش ثم تحديد حدودها الإدارية بدقة ومنع التمليك فيها لغير أهلها في هذه الناحية وتنظيف هذه الناحية من الفئات التي تعارض بغداد دون تلكّؤ ، وعلى الإخوة المعنيين ( الفئات السياسية التي تعارض بغداد ) تفهّم هذا الموقف خدمةً للملة لا لجهةٍ أُخرى وشكراً