اكد تقرير لموقع “رصيف 22” توجه نساء عراقيات لدائرة الطب العدلي للنظر في عيون الموتى كسبيل مؤكد للإنجاب، وتقضل النساء جثة حديثة الوفاة ويرفضنها في حال كانت قديمة.
وبحسب التقرير الذي نشر اليوم، الاثنين (3 ايلول 2018)، فان “سارة المرشد الموظفة الجديدة في دائرة الطب العدلي، وقفت مذهولة أمام طلب امرأتين مجهولتين، وهو: فتح ثلاجة الموتى، رجحت سارة أنهما ساحرتان أو أنه اختبار من نوع ما، ما دعاها لطلب المشورة من الموظف الأقدم الذي بدا أنه فهم طلبهما، فسمح لهما بذلك”.
وقال التقرير، ان سارة كانت في أسبوعها الأول من العمل، وكأي مبتدئة لم تكن قد تأقلمت بعد مع وجود الجثث، “كنت أتحاشى ثلاجة الموتى، وأصم أذني عن نواح ذوي الموتى، قبل أن أعتاد الأمر”.
واضاف، انه “مع الوقت، بدأت سارة تتعاطف مع النساء اللواتي يطلبن فتح ثلاجة الموتى وتلبي رغبتهن، وتعبر عن ذلك بالقول “صرت أتيح رقم هاتفي للنساء، لاسيما الشابات منهن، لأخبرهن في حال وصول جثة جديدة، أتفهم الضغط الذي يحيق بهن”.
واوضح التقرير، ان “موظفي الدائرة لايعترضون على رغبة النساء اللواتي يطلبن فتح الثلاجة، لأنه – بحسب اعتقاد هؤلاء النساء – “النظر في عيون الموتى سبيل مؤكد للإنجاب”، بحسب الموظف الأقدم في الدائرة ع. ح”.
ونقل الموقع عن الموظف قوله، أنه “بين الفينة والأخرى، تأتينا نساء يطلبن ذلك، تقول النساء إنها طريقة مجربة، لكننا نرى أنها طريقة غير ناجحة تماما، وهي جزء من خرافات تكدست في الوعي الجمعي، لكننا في الوقت عينه لا نقف مرة أمام رغبتهن”، موضحا أن “النساء يطلبن جثة حديثة الوفاة ويرفضنها في حال كانت قديمة، ولا أعلم سبب ذلك ذلك لأن النساء يتحاشين الخوض في هذه التفاصيل معنا“.
يعتقد ع.ح. أن فعالية هذه الطريقة تكمن في الفزع والرعب الناتج عن النظر في عين الميت مباشرة، مبينا أن “المرأة تحرص على الدخول وفتح الثلاجة للنظر في عين المتوفي، منفردة أو برفقة امرأة واحدة لا أكثر، كي لا يتلاشى خوفها”، فالشعور بالرعب هو حلّ لمشكلة عدم الإنجاب، حسب الموروث الشعبي.
ضغوط اجتماعيّة… وحلول خرافية
تتجه النساء غير القادرات على الإنجاب، جراء الضغط الاجتماعي والنفسي الكبير عليهن، إلى تجربة العشرات من الطرق المختلفة والمتناقضة، من مراجعة الأطباء إلى العلاج الطبيعي والأعشاب، وتنتهي بالنذور وزيارة الأئمة والسادة والأولياء حتى يصل الأمر بهن إلى طرق السحر والشعوذة.
واشار الى انه، “في مكان آخر، تنتظر سوسن (24 عاما)، بقلق، إتصالا هاتفيا من سارة مرشد، لتنبئها بوصول جثة جديدة إلى الدائرة، تقدم سوسن على هذا الفعل خشية فقدان زوجها، وبسبب الضغط الكبير من السؤال المتكرر عن حملها الذي يذكرها بعجزها – غير معروف المصدر للمناسبة”.
تقول سوسن، خريجة كلية التمريض “اعتزلت الأصدقاء والأقارب والمعارف، ولا أتواصل معهم حتى في المناسبات، بسبب كثرة سؤالهم، إن الشعور بالعجز أنهكني وأجبرني على تجربة كل الخيارات”، ملمحة أنها ذهبت لعديد من مراقد الأولياء والصالحين التي تكثر في مدينتها، فضلا عن زيارة المتعاملين بأمور السحر والشعوذة”، بحسب الموقع.
وتوضح “طوال سنوات زواجي الأربع، راجعت العديد من الأطباء وأجريت عدة تحليلات ليتبين أن المشكلة ليست بي ولا حتى بزوجي”، لافتة إلى أنها ذهبت إلى شيخ روحاني قال لها “لديك تابعة وربط. عليك بهذه الطريقة لفك (الجبسة)، إنه شيء روحاني”.
ووفقا للخرافات الشعبية، فإن المرأة غير القادرة على الحمل تسمى “مجبوسة”، وبحسب الاعتقادات هناك أسباب ترتبط بعقدتها (المسماة بالجبسة)، وعليها القيام ببعض الطقوس لفكها.
تقول “فاطمة”، ذات الـ 29 عاما، مشتكية “راجعت العديد من طبيبات النسائية، وأكدن لي أن لا خلل بي، فيما لم يقم زوجي بالمراجعة أبدا”. وتضيف “بعد 6 سنوات من الزواج، تعرضت للعديد من الضغوط لعدم قدرتي على الإنجاب، بسبب السؤال المتكرر من ذوي زوجي وجيراني ومعارفي، ووصل الضغط حد تهديد زوجي بالزواج علي، حتى أنه منحني أشهر معدودة قبل تنفيذ وعده”.
وتشير الى انه “بعد مراجعتي لعدد من الطبيبات والعرافات، نصحتني إحدى العرافات بفتح عين ميت لفك (الجبسة)، لذا طالبت زوجي بمنحي فترة لتجربة هذه الطريقة، بدوره وافق على منحي أشهر معدودة كفرصة أخيرة لي”.
“واضافت، “لم أكن أملك وقتا لأنتظر وفاة أحد الأقارب أو الجيران، ما حتم علي الذهاب إلى الدائرة مع جارتي، وعندما طلبنا من الموظف فتح الثلاجة لهذا الغرض وافق على الفور، وطلب منا أخذ الإذن من ذوي المتوفى، الذين وافقوا من دون تردد”.
واوضحت، انها “لا تزال تنتظر نتيجة تجربتها بقلق وعن شعورها عند القيام بتلك التجربة، تقول فاطمة “بصعوبة بالغة فتحت عين الجثة، كانت يداي ترتجفان، إنه المشهد الأكثر رعبا في حياتي، لم أكن يوما على مقربة من جثة كما في هذه المرة، ولن تكون هذه آخر محاولاتي، ما زلت شابة، ولن أركن إلى اليأس، حتى وإن كلفني ذلك الكثير”، مضيفة “سمعت أن هناك طرقا أكثر غرابة، أتمنى أن لا أجربها، لكني مجبرة على ذلك إن تطلب الأمر”.
وعند سؤال العرافة أم علي عن طرق فتح العقدة (الجبسة)، قالت العجوز إن “هناك طرقا عديدة لفكها، من بينها النظر بعين الميت حديث الوفاة، أو الوثوب من فوق الجثة 7 مرات”.
وتكمل أم علي، أن من الطرق أيضا “التأزر بحزام وفتحه في وجه عروس ليلة زفافها”، مبينة أن “الطريقتين تتعلقان في البداية والنهاية… البداية:الزواج والنهاية:الموت”.
وتلفت أم علي إلى وجود طرق أخرى منها “الذهاب إلى مسلخ والمرور أسفل الأبقار المذبوحة للشعور بالرعب، البول في فم قطة، أو ضرب المرأة غير الحامل، بالحبل السري لامرأة أخرى ولدت حديثاً، ضرباً مبرحاً“.
حارس مقبرة الأطفال
ونوه التقرير الى انه “خلافا للعادة التي تقضي بدفن الموتى البالغين في مقبرة وادي السلام – أكبر مقابر العراق – في محافظة النجف، يدفن الأطفال في مقابر صغيرة (قرب الأولياء)، ما يجعلها مرتعا سهلا للنساء المتربحات بالسحر والنسوة اللواتي يؤمن بالخرافة”.
يقول أبو عباس (44 عاما)، الذي يمتهن دفن الموتى في مقبرة “سيد خضير” في مدينة الناصرية (جنوبي العراق)، إن “فكرة النساء اللواتي يعبثن بالقبور مألوفة وقديمة في مجالنا”، على الرغم من كونه يتقاضى أجرا إضافيا لقاء حماية “القبر حديث الدفن” لمدة ثلاثة أيام من أيديهن.
ويؤكد أبو عباس استحالة حماية القبور من أيدي العابثات ومن طقوس النسوة المؤمنات بالخرافة، ويخبر “نحن معتادون على حضور النسوة والعائلات لزيارة قبور أطفالهن، أي أن منظر امرأة جالسة قرب قبر لا يثير الريبة، وعندما نرتاب من إحداهن ننتظر مغادرتها ومن ثم نكتشف أنها عبثت بالقبر“.
ويضيف أبو عباس انه “أحيانا تحضر بعض النسوة لغرض فتح (الجبسة) وهن لا يعتزمن العبث بالقبور، إلا أنهن يمارسن بعض الطقوس كالوثب من فوق القبر عدة مرات، أو أن تأتي في ليلة مقمرة وتتجول في المقبرة لفك عقدتها”.