لا اعرف تحديدا لماذا يتلعثم المثقف العراقي ويكاد يقضم لسانه عندما يواجه الواقع ؟ ولماذا يصاب بتوحد لحظوي ؟ عندما يجد نفسه في مواجهة جملة من الاسئلة المحرجة حول الصراع في الشرق, وخير مثال ماحصل من اعتداءات سافرة قبل ايام نفذتها الطائرات الصهوينية ضد مقرات الحشد الشعبي في العراق بحجة حماية امنها وكعملية استباقية لما سيحدث مستقبلا من تهديد محتمل!
هذا الحدث الكبير اثار موجة من الاستنكار الشعبي في مواقع التواصل الاجتماعي ,اما النخب ( فدوه لعيونهم ) فقد صبوا جام غضبهم على الضحية وليس القاتل كعادتهم دائما, الحكومة من جهتها لم يثبت العيد لديها بعد, فهلال الضربة لم يتضح والغبار يحجب الرؤية تماما,لهذا لم يعلنوا الافطارعن صمتهم , باستثناء تصريح يتيم وبائس من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي, جره احد الصحفيين عنوة من فمه واستبعد الرجل انها جاءت من هذه الدولة “الحمامة ” الجارة للعرب
الجميع يشترك بالسبب الحقيقي لاعتداءات كلاب صهيون على العراق وسيادته والحشد الشعبي تحديدا, لان الانطباع الراسخ لدى العالم بان العراق بصورته الحالية يرفض التطبيع مع الصهاينة ,بل ويعلن انه مع محور المقاومة على لسان بعض قياداته السياسية, فهناك من هو واضح وصريح في هذا المتبنى وهناك من هو صامت تماما كأن الامر لايعينه وهناك من يمسك العصى من الوسط ويرفض الاعلان عن نوع الرقصة التي يود تقديمها لجمهوره.
ولكن علينا ان نعرف اولا بان العراق الديمقراطي الحر والمستقر وبقيادته الحالية ـ اي الشيعية ـ لايروق للصهاينة ولا لعبيدهم بالمنطقة, هذا اذا افترضنا انها ستكون النتيجة الحتمية مستقبلا للبلاد بصرف النظرعن الفوضى الحاصلة الان, وان استطعنا النأي بانفسنا عن اي من المحاور كما يطالب الكثير من العوران في الاعلام العراقي , فهل ننجح في ظل تعدد القيادات والولاءات؟.
ولكن بشحن بسيط للذاكرة نستطيع استحضار الصورة كاملة للوضع العراقي المُربك والتي كانت ومازالت تشير بوضوح ان جميع دول الجوار دخلت عنوة او لاسباب متعددة على الخط العراقي الساخن, لدوافع طائفية او سياسية او حتى اقتصادية وبمساعدة ايادي عراقية خالصة, فكانت النتيجة واحدة هو اشتعال الصراع داخل العراق وبرعاية اركان التوحش البعثي من ضباط الجيش الصدامي واجهزة المخابرات والحرس الخاص وغيرهم من بقايا حكم البعث العشائري الذين اطلقوا الشرارة الاولى وامتطائهم لحمارالطائفية ببراعة واضحة وبمجرد اغفال هذه الحقائق هي محاولة لطمس معالم الجريمة وتسطيح فج للواقع.
ولكن لو افترضنا جدلا بناءا على تبريرات النخب الكونية التي تهيمن على الاعلام وبرعاية البزاز ورهطه وطالبنا بطرد جميع الفصائل المسلحة الشيعية الى ايران حتى العراقية منها لانتفاء الحاجة لهم فهم قدموا ما عليهم … شكرا لهم ومع الف سلامة , فهل ستقبل إسرائيل ؟ ان يبقى العراق بعيدأ عن حروبها ومشاكلها المفتعله وهو يبني جيشا قويا واقتصادا قادرا على اعادة الحياة… مستحيل!!
اقول مستحيل لان هذا الكيان المتعجرف اجتاح لبنان قبل إنشاء حزب الله ومقاومته وقبل ان تصبح ايران دولة قوية بامكانها تهديد كيانه السرطاني, ضربت مفاعل تموز في العراق قبل ان يتمرد عميلهم المقبورعلى اسياده, ولم يكن في حينها حشد موالي لايران ولا لكوريا الشمالية, والامر الاشد غرابة ان صدام قصف إسرائيل وأمام العالم بصواريخ من الصفيح سقط جلّها على الضفة الغربية والقطاع واخذ يتبختر بفعلته فلماذا لم ترد إسرائيل؟ لماذا لم تقصف العراق حينها!؟ هذا لانه وبكل عنترياته لم يكن يشكل اي خطر حقيقي عليها وهي تعرف ذلك تماما ولكنها تقصف سوريا رغم انشغال البلد بالارهاب وليس هناك اي احتمالية ولو بنسبة صفر بالمائة لتهديد امنها!! بل المقصود معروف هو راس المقاومة حزب الله ـ القلق الدائم للصهاينة ـ .
مااردت قوله ان اسرائيل لاتعدم الحيلة مطلقا لافتعال حرب او ضرب اي جهة تعتقد انها تهدد امنها الان او حتى مستقبلا, ومن منحها هذه الجرأة في ضرب اي هدف تريده في الوطن العربي هو سباق خرفان التطبيع العرب وانبطاحهم بكل اريحية امام الصهاينة ,وبمراجعة سريعة لتغريدات وزير خارجية البحرين يتضح بان جميع قادة العرب ارتبطوا عضويا بدولة الصهاينة ومخططاتها , فمن يحلم بالسلام معهم كمن يفكر باقامة علاقة صداقة حميمة مع العقرب لتجنب سمومها!! فهم لم يحققوا اي سلام يذكر مع الفلسطينين اصحاب الارض وهم اولى بالسلام معهم ان كانوا صادقين.
اذن ماذا يريد المثقف المخصي في العراق والثائر الان من مجرد تصريحات ليست رسمية؟, ان نسلم لهم رقابنا ؟ وهل سيكتفون بذلك ؟ وهل سيضمن هو بترافته سلامة اهلنا واراضينا؟ من اي اعتداءات مستقبلية تحت اي مبرر مفتعل , هذا ان صدقنا قوله وثلمنا سيوفنا وحطمنا متارسنا ورمينا حشدنا في البحر
ولاتنسى عزيزي المسالم الودود ,ان صدام سلم امريكا حتى لباسه الداخلي لضمان البقاء ,فهل شفع له ذلك التعري !!؟
ايها العراقي الحالم بالسلام ستجرب كل الطرق وستحاول بكل السبل لتجنب الحرب ولكن سوف تفشل ليس لانك لا تجيد الخضوع المطلوب بل لان عدوك مصنوع أساسا لاخضاع الشرق الاوسط ومصادر الطاقة لارادة الدول العظمى التي زرعته كسرطان انتشاري في المنطقة ,يعني لاتعب روحك عزيزي المثقف وكل شويه مطلع شماعه تعلق عليه أسباب الموت والحروب لأنك طبيب فاشل او احمق لا تجيد التشخيص ولا تريد أن تقول الحقيقية التي تضر بمكانتك لأنك تنتظر جائزة ادبية من هنا وتقييم علمي من هناك.. وال (هنا) وال (هناك) تابعة كلها لإسرائيل.
انا مثلك اتمنى السلام لبلدي وللعالم ولكن بفطرتي البسيطة وخبرتي خلال هذه السبعين سنة التي مرت علينا توصلت إلى أن السلام مع إسرائيل ضرب من الخيال , فاطماعها لاتنتهي واهدافها لاتقف عند حد.