عندما نجد الملايين من الايرانيين يسکنون في العشوائيات وفي المقابر والحدائق والاماکن العامة وينامون داخل بيوت من الورق المقوى، في حين إن هناك وفي نفس الوقت 3 ملايين بيت خالي من السكن وطبعا يجب إضافة 2 مليون مسكن نصف خال تحت عنوان فيلات البيت الثاني لا تسكن لمدة ستة أشهر لذاك العدد. فإن ذلك يعتبر بمثابة أمر يبعث على السخرية والالم معا، وإن الذي معرفته هو إن عدد کبير من هذه الفيلات والبيوت الفارغة تعود ملكيتها لعصابات ومافيات السكن والمتنفذين في النظام.
الفساد المستشري في مختلف مفاصل النظام الايراني ووصوله الى حد ومستوى بحيث لم يعد بالامکان إخفائه وتجاهله والتستر عليه بل وحتى صار هناك تلاسن وإتهامات متبادلة بي العديد من القادة والمسٶولين الايرانيين بسبب الفساد ويشمل هذا الامور وجوه قيادية بارزة في قمة الهرم نظير صادقي لاريجاني وعلي شمخاني ومحمد يزدي وآخرون غيرهم، والذي يلفت النظر إن الفساد يترکز في التلاعب بالمال العام وإستغلاله بصورة وطريقة تلحق الضرر بالاقتصاد الايراني المشلول وبالتالي بالشعب الايراني المغلوب على أمره.
إنخفاض صادرات إيران من النفط الى 160 ألف برميل وإغلاق أبواب مئات المصانع والمنشآت وتسريح الالاف وإتساع الهوة الطبقية في المجتمع الايراني بصورة غير مسبوقة في التأريخ المعاصر، وإزدياد عزلة النظام الايراني دوليا وتفاقم أزمته النووية وقبل ذلك أزماته الداخلية، يجعل من الاوضاع في إيران غير مسبوقة وتفتح الابواب على مصاريعها لمختلف الاحتمالات السلبية ضد النظام، بما يثبت بأن هذا النظام ليس لايتمکن بل إنه فعلا لايتمکن من إدارة الامور بالصورة التي تخرجه من أزمته الخانقة التي تکاد أن تقضي عليه.
مايهم الاوساط الحاکمة في طهران ليس معالجة الازمة وإيجاد حلول لها والسعي من أجل تحسين أوضاع الشعب الايراني، بل إن الذي يهمها وتمنحه الاولوية هو کيفية درأ الاخطار والتهديدات عن النظام وکيفية العمل من أجل ضمان المحافظة عليه والحيلولة دون سقوطه، وهذا يعني إن الاوساط الحاکمة في طهران تقوم کعادتها بالهروب للأمام وهو مايعني إنها لازالت تعتقد بأن بالامکان إبقاء النظام في خضم الازمة الحادة التي يعانيها من دون أن يعلم بأن هذه المرحلة والفترة تختلف إختلافا کبيرا عن المراحل والفترات السابقة، إذ لم يکن هناك في الفترات السابقة حديث عن إحتمالات سقوط وإنهيار النظام کما لم يکن هناك حديث عن بديل قائم للنظام، ولم يکن هناك شعب حانق وساخط وغاضب من النظام کما لم تکن هناك معاقل إنتفاضة ومجالس المقاومة المعارضة لأنصار مجاهدي خلق والمقاومة الايرانية الناشطة في سائر أرجاء إيران، حيث إن الفساد والفوضى والتراجع الذي يحاصر النظام الايراني يٶذن بقرب حدوث التغيير والذي لن يکون إلا بسقوط النظام!