استراتيجية أردوغان الواضحة هو الحصول على الضوء الأخضر من امريكا لإبادة الكورد في روژئاڤا في خنادقهم كما صرّح ذلك علانية وبعدها القضاء على فيدرالية الباشور وهو يتناسى وجود ثلاثين مليونا من الكورد في الدولة التي تسمى بتركيا، ويقول في قرارة نفسه هؤلاء موجودين بين ظهرانينا ويمكنني ابادتهم في الزمان المناسب.
البارحة اي الجمعة اي بتاريخ ١٣ / ٩ / ٢٠١٩ صرّح أردوغان وحصرا لوكالة رويترز بأنه يرغب بشراء منظومة الپاتريوت الصاروخية من أمريكا، وبأنه ناقش ذلك هاتفيا مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمپ قبل أسبوعين ، وأضاف أردوغان بأنه سيناقش رغبته مع ترمپ على هامش الاجتماعات العامة للأمم المتحدة في الأسبوع المقبل.
فهل سينجح أردوغان في مسعاه هذا ويعيد العلاقات مع امريكا كسابق عهدها ويحصل على الضوء الأخضر الأمريكي لإبادة الكورد في خنادقهم؟
لا تزال النقاشات جارية بشأن خطورة منظومة س ..٤ الصاروخية التي اشتراها اردوغان من روسيا قبل عدة أشهر وبالتحديد في شهر حزيران الماضي، خطورة ذلك على حصول روسيا بواسطة تلك المنظومة على معلومات تتعلق بطائرات ف ٣٥ الأمريكية، ولهذا أوقفت امريكا برنامجها بهذا الخصوص مع تركيا.
لا أعتقد بأن دول الناتو وبشكل خاص أمريكا ستوافق على شراء منظومة الپاتريوت الصاروخية الأمريكية لتركيا ان استخمت تركيا المنظومة الروسية في نفس الوقت، يبدو أن أردوغان يريد حمل بطيختين بيد واحدة ولا يدرك صعوبة ذلك ، والسبب هو أنه بعد ذلك سيتمكن تركيا من فحص المنظومتين وسيعلم العسكريين مدى قوة المنظومتين ، وفِي حال اكتشاف تفوق المنظومة الروسية على الامريكية سوف لن يكون ذلك لصالح تجار الاسلحة في امريكا، فكما هو معلوم الصين وتركيا اشترتا المنظومة الروسية، وقطر والعراق والجزائر والسعودية لهم رغبات ايضا في شراء المنظومة الروسية، وان لم تردع امريكا تركيا بعقوبات صارمة ومرّ الأمر بسهولة فسيفتح ذلك المجال امام الدول التي ذكرتها وغيرها من الدول لشراء المنظومة الروسية وهذا يعني خسارة امريكا لعشرات المليارات في المنافسة التجارية بينها وبين روسيا وهذا ما سيزيد من حدة سباق التسلح في العالم، وخسارة امريكا سوف لن تكون مقبولة لديها وخاصة وهي تشعر بأنها سيدة العالم.
أعتقد بأن أمريكا لن تقبل بطلب السلطان العثماني أردوغان في الشهر المقبل وسيصب أردوغان الزيت على النار بطلبه هذا عند السياسيين الامريكيين علما بأن أردوغان صرح لمرات عديدة بأنه لم يشتري المنظومة الامريكية نتيجة لارتفاع اسعارها، والآن يعلنعن رغبته بالشراء واغتقد بالسعر الذي تريدها أمريكا وهذا يبين زيف ادعاءات اردوغان السابقة، وأعتقد بأن أمريكا ستنظر الى هذا الطلب بمثابة الرشوة وسوف لن تبيع امريكا نفسها لتركيا بهذا الأسلوب الأردوغاني الرخيص.
الظروف الداخلية والخارجية ليست لصالح اردوغان واعتقد بأنه سيخسر الكرسي عند الإنتخابات القادمة ان لم يغير سياسته الداخلية والخارجية بشكل جذري، وأردوغان يواجه الآن أقوى أربعة سياسيين في تركيا وهم زعيم ال ه د ب الذي لا يزال مسجونا حتى تاريخ كتابة هذه السطور، وأكرم امام اوغلو من حزب ال ج ه ب الذي فاز في الانتخابات البلدية السابقة بمساعدة ال ه د ب بكبريات المدن التركية ومن بينها استنبول وانقرة، وبابا جان وداوود اوغلو رفاق درب أردوغان السابقين والذي يطلق أردوغان لقب الخونة عليهما وهما على وشك انشاء حزب جديد ينافس حزب ال أ ك ب الاردوغاني.
لا مجال أمام أردوغان للإستمرار في الحكم الا بترك معاداة الكورد والإعتراف بإدارة روژئاڤا الكوردية والإعتذار من الكورد وتقديم الأضرار ومعاقبة المجرمين وانهاء احتلال ئافرين وباقي الاراضي في سوريا.
التهديدات الأردوغانية اليومية لا تزال مستمرة وجارية كجريان نهر الفرات وكلها للإستهلاك المحلي، وتتم في إطار ارضاء القوميين الأتراك الشوفينيين وعدم خسارة أصواتهم، وأمريكا لا يمكن نتيجة لتلاقي المصالح بينها وبين مكونات شرق الفرات ترك حليفتها روژئاڤا فريسة سهلة للذئب التركي، والدلائل واضحة ومنها التدفق المستمر للسلاح وتزويدها قسد بذلك السلاح، والطلب الامريكي اليومي من التحالف الدولي ضد داعش لمساعدة روژئاڤا، وتقول الأخبار الواردة قبل يومين بأن امريكا سترسل حوالي مائة وخمسين جنديا أمريكيا للمساهمة في تنفيذ التفاهمات التي اتفقت عليها دول التحالف بقيادة امريكا مع روزئاڤا وتركيا.
تركيا ستخسر مع امريكا وسوف لن تحصل لاعلى ضوء اخضر ولا اصفر لانهاء التجربة الكوردية في روژئاڤا، وقسد وروژئاڤا اصبحا حليفان لأمريكا ولا يمكن الإستغناء عن هذا الحليف القوي الذي اثبت جدارته في محاربة الارهاب.
روژئاڤا حسبما اعتقد نتيجة للدلائل الكثيرة اصبح واقعا وهي في طريقها الى الإعتراف الدولي بها لننتظر الأشهر والسنين القادمة التي ستكون حبلى بالمفاجآت السارة للكورد والمخيبة لآمال الدول التي تحتل كوردستان الكبرى وعلى رأسهم الدولة المسماة بتركيا.
سيف دين عرفات – ألمانيا في 13 / 9 / 2019 م.