قد تکون مسألة عادية وورادة أن يتم تنظيم تظاهرات وإعتصامات ومعارض لجماعات وأحزاب معارضة أمام مقرات وبنايات السلطات التنفيذية والتشريعية في البلدان الغربية، فالحرية لهکذا أمور متاحة ولکن، وعندما يتم إلقاء کلمة في هکذا مناسبات من جانب مسٶول تنفيذي أو تشريعي، فإن المسألة تخرج من الإطار العادي وتکتسب بعدا وتتخذ سياقا آخرا، خصوصا إذا جرت هکذا مسألة في الولايات المتحدة الامريکية.
نظمت الجالية الايرانية من أنصار “المجلس الوطني المقاومة الإيرانية“، معرضا مفتوحا يوم الخميس المنصرم في باحة الكونغرس الأميركي لإحياء الذكرى 31 على مجزرة الإعدامات الجماعية ضد السجناء السياسيين عام 1988 في إيران على يد نظام الخميني، حيث تم تنفيذ أحکام الاعدام في أکثر من 30 ألف سجين سياسي من أعضاء وأنصار مجاهدي خلق بموجب فتوى ذات أثر رجعي للخميني، هذا المعرض الذي غطت فيه صور ضحايا هذه المجزرة المكان ولافتات تطالب الكونغرس والحكومة الأميركية بمحاسبة النظام الإيراني على انتهاكات حقوق الإنسان والجرائم ضد الإنسانية، إکتسب معنى وسياقا مميزا ولافتا للنظر بعد أن حضره رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، إليوت اينغل، من الحزب الديمقراطي وألقى كلمة أشار فيها إلى أن مرتكبي هذه الإعدامات عام 1988، يتبوأون حاليا أعلى المناصب الحكومية في النظام الإيراني، ولکلامه هذا أهمية وإعتبار خاص ولاسيما توقيته بل وحتى إنه يأتي من جانب مسٶول تشريعي من الحزب الديمقراطي وليس الجمهوري مما يعني إن هناك مايمکن وصفه بإجماع في الموقف تجاه هذه المجزرة البشعة، خصوصا عندما نوه عن ذلك في کلمته قائلا:” نحن في كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري نقف إلى جانب الشعب الإيراني ونطالب بمراعاة حقوق الإنسان في إيران“، وأكد اينغل بأنه قد “تحدث مع أعداد كبيرة من ضحايا انتهاك حقوق الإنسان في إيران“، ولاريب من إن مسٶولا تشريعيا له دور کبير في صياغة قوانين وتشريعات في أهم مرکز لصناعة القرار في الولايات المتحدة وعندما يتکلم بهکذا اسلوب ومنطق فإن الذي يجب أن يتبادر للذهن إن هناك ثمة أمر يجري خلف الکواليس وإن هذه المجزرة التي وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها جريمة ضد الانسانية قد باتت في طريقها لکي يتم تفعيلها قانونيا.
قبل فترة قصيرة، وخلال لقاء صحفي مع رجل الدين مصطفى بور محمدي، وزير العدل السابق في حکومة روحاني وأحد أعضاء لجنة الموت التي نفذت الاعدامات في أقل ثلاثة أشهر ولم يکن هناك أمام کل ضحية سوى دقيقتين أو ثلاثة دقائق ليدافع عن نفسه، أصر على الجريمة وأکد بأنه ونظامه غير نادمين على ذلك وإنهم مصرون على إبادة أعضاء مجاهدي خلق وإن حربهم ضدها مستمرة، من المٶکد جدا أن بور محمدي وقادة النظام الايراني الآخرين عندما يطلعون على تصريحات اينغل، فإنهم سيعلمون بأن ملف الجريمة التي يستهينون بها بکل وقاحة في طريقه لکي يتم فتحه دوليا، وعندئذ فإن لکل حدث حديث.