|
اطلعت على الكثير من المقالات النقدية والتحليلية التي تحدثت عن رواية “كوابيس هلسنكي” للكاتب العراقي يوسف ابو الفوز والتي صدرت عن دار المدى عام 2011 ,وقد تناولت فكرة الرواية من جوانب محددة ومحصورة بين البناء الفني والتقنية المعتمدة في سرد الاحداث وطريقة الطرح المتميز الذي تفردت به والتي اتصفت بالفنطازية المغلفة بالواقعية في البناء الهرمي منذ البداية حتى قمة الثيمة الرئيسية للرواية .
ولاني لست بناقد مختص ولكني قارئ استطيع ان اصف نفسي بنصف الجيد ولن استطيع من جانبي ان اضيف على ماكتبه الاساتذة قبلي في تناول تفاصيل ورسائل هذه الرواية الجميلة في مضمونها والتي تعتبر جرس انذار مبكر وتحديد واعي جدا من الكاتب لمصادر الخطر الذي يهدد العالم باسره ـ حسب رؤيتي المتواضعة ـ .
ولكن ربما غفل الجميع عن اهم الاشارات والرموز التي نثرها الكاتب بين طيات صفحات روايته واحداثها المترابطة والتي تقود القارئ الفطن الى الصورة الكاملة في نهاية النفق بعد تجميع كل الخيوط والشظايا التي دسها المؤلف بحرفية عالية في هوامش الاحداث المتتابعة.
المجنون او “المخبل” الذي يشير اليه الكاتب في عدة مناسبات في وصف نفسه, تلك التهمة “الصفة” التي يتردد الجميع بقولها امامه وتعامل الجهات الرسمية معه رغم تقديمه للكثير من الادلة, استاذ الرياضيات ونزعته الارهابية المبطنة,رجل الامن وتعاطيه السادر مع اهم المعلومات التي تهم امن بلاده, ابنة الكاتب نفسه وقلقه المستمر على مصيرها ومصير ملايين الاطفال في العالم عندما تشتعل الطرقات بنيران الحقد والارهاب المنظم.
كل هذه الرموز والدلالات تبين لنا ان من يكتشف الحقيقة في هذا العالم المضطرب والمتوحش ويسلط عليها الضوء فانه سيُتهم بالجنون حتما , طالما تقاطع مع المألوف.
اعتقد بان هذه الرواية ربما لم تقدم للعراقيين والمسلمين شيئ لايعرفونه عن الحركات الاصولية المتطرفة واستثمارها لمساحة الحرية في دول الغرب, فهذه المعلومات ندركها بالفطرة كما ادركتها الشخصية الرئيسية في الرواية ولكنها رسالة واضحة وصريحة الى الانسان الاوربي تحديدا اكثر منها لغيره.
لذا اعتقد بان هناك ضرورة ملحة لترجمة هذه الرواية الى اللغات المهمة في اوروبا, لاسيما الفنلندية منها حيث يقيم الكاتب, لانها تهمهم بالدرجة الاولى, وتمس امنهم وحياتهم, فهذه الكوابيس التي اشار اليها الكاتب ستراودهم يوما ما , بل انها راودتهم وحصلت فعلا في فرنسا وبريطانيا والسويد وفنلندا كما تنبأ الكاتب يوسف ابو الفوز في روايته.
وهذه مهمة المؤسسات ودور النشر العربية والعراقية تحديدا التي تسعى لنشر السلام والوعي في ارجاء المعمورة, فهذه الرسائل الخطيرة علينا ايصالها الى الجميع عبر ترجمة مثل هكذا اعمال ادبية قيمة وهادفة , كي يدرك العالم باننا كعرب ومسلمين نستشعر الخطر اكثر منهم وندرك مكامنه ومنابعه وخطورته.