توطئة
عندما نقول أن الديانة الأيزيدية هي أقدم ديانة في تاريخ البشرية يجب أن نثبت ذلك من خلال البحث والتقصي والغوص في محتوى علم اللاهوت لديها المقترن بعلم الفلك وأسرار السماء .
ما تم حفظه لنا لحد اليوم من “أسرار كونية” كانت على مدى الزمن طي الكتمان مدفونة تحت ركام مئات الحروب والغزوات بدءاً بالغزوات الآشورية والزردشتية وانتهاء بالفتوحات الإسلامية والفرمانات العثمانية, ووصولاً لجينوسايد شنكال على يد الدولة الإسلامية (داعش) .
الديانة الأيزيدية المعروفة بطقوسها, ومراسيمها الدينية المرتبطة بالديانة ( الميثرائية المزدئسنية ) التي امتدت عنها الحضارة السومرية وانتشرت في بلاد ( ميسوبوتامية ) منذ الألف الرابع قبل الميلاد, هؤلاء نسّاك المعابد في ( جبال لالش وداسن وزاغروس ) تمكنوا من الاحتفاظ بأول إلهام سماوي يَجمع ما بين “الوحي الغيبي وتجليات الفكر البشري” نقل لنا بصيغة فلسفيّة إذ يتوجب علينا الغوص في غمارها ودراستها وتحليلها بشكل منطقيّ وعلميّ لكي نتوصل إلى حقيقة تجعلنا نؤمن بأن أسرار الكون قد عرفت “بالعقل”, وليس ببدع عاطفية وإرهاصات بشرية تضفي طابع أساطيري تشريعي لا يتفق مع “الحقيقة العلمية” التي جعلت من الإنسان قاب قوسين أو أدنى من معرفة ما قبل الانفجار الأعظم .!
ما أن حل القرن العشرين ليشهد الزمن عصر العلم والمعرفة عصر يناقض تماماً عصور العبادات المبطنة بغايات دنيوية حتى أن أصبحنا نكتشف فيما تعتبره “الأقوام الأكثر منّا قوة” أساطير وخرافات تكمن في الموروث التاريخي والحضاري الأيزيدي, ولكنها حقائق علمية قدّر لها أن تظهر للعلن مهما طال الزمن.
عقول ذلك الزمن النقي الموغل في القدم ألهمتْ الـ ( كوجاك ـ المتنبئ ) ناسك المعبد الشمسي بأسرار الكون في “مرحلة حياتية بدائية أولى ولمرة واحدة ومن لدن آله غيبي واحد” قبل وجود الأديان والمذاهب الأخرى. ألهِموا منذ آلاف السنين بمعرفة إحدى ركائز الكون الظاهرة للوجود بفلسفة منقطعة النظير تتجلى في ثورة ( مير مح ـ ماه ـ سلطان أو أمير الخلود ) ضد حتمية الموت “المقدر زمكانياً”.
مير مح ـ أمير الخلود ؟
أمير الخلود هو بطل قصة ( لاهوتية ) تعرف بـ البايزوك ـ أي الأغاني الوجدانية أو الترنيمة الدينية المعروفة بـ ( سترانا غريبو ـ مير مح وفلكي ـ أغنية المتغرب أمير الخلود والفلك ) لو نظرنا بعمق لمجريات هذه القصة الغنائية المتداولة والمحتفظ بها منذ زمن غير محدد في ذاكرة رجال الدين سنجد أنها خُلّدت كقصيدة أدبية أوصلت لنا ( حقيقة علمية مكتشفة حديثا ), فلو أمعن في حيثيات الترنيمة ( النادرة والفريدة ) وقمنا بحل طلاسم فلسفتها سنجد أنها تحتوي ( حدث علمي أكده العالم ألبرت اينشتاين ), وهي النظرية النسبية أو البعد الرابع ( الزمن ) .
دراستنا هذه هي عن ( نسبية الزمن الكونية ) الزمن المسيّر لتحركاتنا وأعمارنا على الأرض, وقدريته التي تُخضع حياتنا لنهايتها, وتباطؤه أو تمدده عن سرعته بقياس سرعة الضوء الغير خاضعة لنسيبات قدرية على الأرض, كل ذلك سيتضح لنا في ثورة أمير الخلود ـ مير ماه ـ .
النظرية النسبية أو البعد الرابع ( الزمن ) لأينشتاين
النسبية الخاصة التي وضعها العالم ألبرت أينشتاين, وهي البعد الرابع ( الزمن ) وادخله في جميع حساباته هي النظرية التي أضافت الزمن ( كبعد رابع ) بالإضافة إلى الأبعاد المكانية الثلاثة. تقول: أن الزمان والمكان مرتبطان معاً ولا يمكن أن يوجد أحدهما بمعزل عن الآخر. نسبياً نعلم أننا نستطيع أن نتحرك في هذه الأبعاد “المكانية” بكل حرية, ويمكننا ركوب آلات مثل الطائرة أو الصاروخ التي تنقلنا في البعد المكاني الثالث ” الارتفاع ” ومن هذه الفكرة البسيطة عن الأبعاد يتضح أنه بإمكاننا أن نتنقل عبر الزمن بهذه الصورة, حيث يفترض أن الزمن مقياس مطلق لسرعة حركة هذه الأجسام. في النسبية يبدو الزمن نفسه على أنه دالة في السرعة النسبية بين الأجسام ويتباطأ أكثر فأكثر كلما كان الفرق في السرعة النسبية بين الأجسام أقرب إلى ( سرعة الضوء) ويمكن أن يتوقف تماماً إذا ما وصلت هذه السرعة النسبية إلى سرعة الضوء. {م,ويكيبيتيا الموسوعة الحرة النظرية النسبية لالبرت اينشتاين} لو افترضنا أن رائدا للفضاء غادر الأرض وعمره 25 سنة آنذاك، وترك أخاه الصغير البالغ من العمر 22 سنة وغاب في رحلته الفضائية مدة عشرة سنوات بحسب توقيته على المسافر بسرعة قريبة جداً من سرعة الضوء بحسب الصاروخ ما يرصد أخوه على الأرض ، فإنه يجد عند عودته من رحلته في سن 35 سنة أن أخاه الذي كان أصغر منه عمراً قد أصبح في سن الأربعين أو الخمسين على حسب سرعة الصاروخ التي تحرك بها .
(( تبين المعادلة أعلاه أن الزمن يتمدد بالنسبة للمشاهد على الأرض ( طبقا لساعته ) بينما يظل نفسه بالنسبة للمسافر في الصاروخ (طبقا لساعته). فلو زادت سرعة إنسان ما ( في سفينة فضاء مثلا ) إلى حوالي 87% من سرعة الضوء , فإن الزمن يبطؤ لديه إلى الضعف )).
الجزء الأول: قصة ـ مير ماه ـ أمير الخلود “والتحليل”
لسنا بصدد التطرق لجميع مجريات وأحداث القصة, ولكن ما يهم هو ما يخص ” الزمن النسبي “
كان أمير الخلود الابن البكر والوحيد لأحد الأمراء الأيزيديين كان ذو شأن ورفعة, لم يكن والده يسمح له بمخالطة الناس منذ ولادته خشية وحفاظاً عليه, لذلك لم يرى أحداً يواري الثرى, ففي ريعان شبابه قام بتزويجه, ولكن تتضح له الحقيقة بموت زوجته, فثارت في نفسه التساؤلات ( هل هي نائمة !؟ لما لم تستيقظ !؟ ما هو الموت ؟ هل أن الموت سيطال الجميع !؟ ) هذا وقد عرف أمير الخلود حقيقة أن الموت حتمي, وسينال منه ذات يوم, ولا بد له من الهجرة إلى حيث لا يوجد ” موت ” , فقرر أن يهجر موطنه سعيا لنيل الحياة الأبدية والهروب من قيود الزمن.
تعطي لنا القصة الفلسفية الفكرية ثلاثة دلائل ( لتمدد أو تباطؤ الزمن = سرعة الزمن ).
الأولى: أن الأمير بعد أن هجر موطنه يرى في طريقه مزارعاً أمام ( بحيرة كبيرة ) فيسأله: هلا أوجدت لي مكاناً لا يحكمنا فيه الزمن بالموت؟ فيجيب المزارع: انظر إلى هذه البحيرة الكبيرة ( عندما أملأها تراباً بمعولي ) سيكون الموت بعد ذلك, فيرفض الأمير ويرحل !
الثانية: يمر من أمام طائر فيسأله الطائر: ما دهاك أيها الأمير فيقول: أبحث عن مكان لا يحكمنا فيه الزمن بالموت؟ يجيبه الطائر: هاهنا لا يوجد موت أنظر لهذا ( الجبل الذي من نبات السمسم ) عندما آكله بعد زمن غير خاضع لسقف محدد سيكون الموت, فكن معي, ولكن يرفض الأمير مرة أخرى ويرحل.
الثالثة: كذلك يلتقي بـ أفعى فيطرح السؤال ذاته فتجيبه: أترى ( تل التراب الكبير) ذاك ؟ هو طعامي اليومي سوف لن تموت حتى ينفذ وأملئ الوادي ذاك الذي بين الجبلين بجلدي الذي سوف اخلعه “كل سنة لمرة واحدة”, ولكن بعد ذلك سنموت, كذلك يرفض الأمير فيرحل.
الدلائل الفلسفية الثلاثة تعطي لنا إثبات ( تباطؤ الزمن أو تمدده ) أي أن رحلة الجسد الأرضي هي في مساحة من التحرر من القدرية الزمكانية على الأرض إلى حد ما يقارب سرعة الضوء! ولكن ما يجعل الأمر غريباً ومعقدا هو “الصيغة الفلسفية اللاهوتية” التي نقلت لنا القصة, ولكن الجوهر هو في إفلات الأمير من حتمية الموت إلى حدٍ ما كما هو واضح بأن “المدة الزمنية” لملئ البحيرة بالتراب, وأكل تل من نبات السمسم, وملئ الوادي بجلد الأفعى هذه البراهين هي بحق ” تمدد أو تباطؤ ” الزمن بالنسبة للوقت الذي لازال الأمير يخضع إليه على الأرض, وهو طبعا لازال في طرق رحلته وبحثه عن الخلود بشاكلة تجعله خارج إحكام ( الزمكان ) بحيث يصل فيما بعد إلى توقف الزمن كلياً, ولكن لمدة زمنية محددة, وبعد ذلك تكون العودة لنقطة البداية أو للمكان الذي ابتدأت منه الانطلاقة, بمعنى أخر أن الأمير الذي رحل عن الأرض المحكومة زمنياً, وأنه تحرر من قيود “المكان الأرضي” بحيث نعلم أن ( الزمن ) تلاشى نسبياً إلى حد ما يقارب سرعة الضوء, ولكن سينال الموت “فيما بعد” بحسب القدرية الزمكانية على الأرض .
الجزء الثاني من القصة ” توقف الزمن كلياً “
بعد معرفة أمير الخلود بأن هناك حدود لعمر الزمن الذي سوف يخضعه للنهاية والموت ولا بد له من الاستمرار في رحلته نحو التحرر الكامل من قيود الزمن حيث يصل أخيراً لنقطة نهاية الرحلة, وفي مكان ما باعتقادي هو الفضاء الخارجي لأنه سيقابل ( سيدة الزمن أو إلهة الزمن ـ فلكي ـ فلك ) فيدخل عليها شاكيا مقطوع السبيل, ويطلب منها ما طلبه من الفلاح والطائر والأفعى الذين لم يستطيعوا أن يوقفوا الزمن تماماً إلا نسبياً ! فتقول له إلهة الزمن فلك: نعم ستخلّد ولن تخضع للموت, وستظل في “سنك هذا” مادمت في حمايتي.
هنا نعلم أن الأمير تحرر كلّيا من قيود الزمن والمكان الذين يخضعانه لقدرية الموت, ولكن تشترط عليه سيدة الزمن الـ فلك وتقول: أيها الأمير إياك ثم إياك أن تصعد إلى ذاك “التل أو الجبل” وشددت عليه بطلبها فوافق الأمير دون أن يستفسر منها عن سبب ذلك .
من الطبيعي أن يكون التل أو المرتفع برمزيته الفلسفية تحذيراً بعدم التفكير كإنسان تحكمه العواطف والمشاعر البشرية, ويتوجب عليه أن يكون ملاكاً أو إلهاً ليتمكن من البقاء خارج سلطة الزمن, ولكن ما خلق الإنسان ليكون كذلك .
توقف الزمن المفترض أرضياً وغدا الأمير باقٍ مثلما هو ( خارج أحكام الزمكان ) بصحبة أمه فلك لقرون غير محدودة من الزمن كما سيتضح لنا في أحداث بقية القصة.
أقترب الأمير ذات يوم من المرتفع وتذكر وصية سيدة الزمن, فثارت في نفسه التساؤلات: لما لا تقبل بصعودي إلى ذاك التل ؟ أخيرا احتكم لعواطفه ( الانسوبشرية ) في غفلة عن سيدة الزمن, ونسي أنه قد أصبح ملاكاً مخلداً, فصعد التل وعند وصوله المرتفع صرخ بحزن وألم ( هي هايي ) كانت صرخة آله تخرج من روحه الإنسانية الضعيفة لكونه تذكر أهله وأحبته, فقرر أن يرحل إلى حيثما ( أتى ) قبل أن ينال الخلود في حمى إلهة الزمن ـ فلك .
اعلمها بالحقيقة وقال: لا بد لي من الرحيل لقد ثار في قلبي الشوق ( لموطني ) تحاول سيدة الزمن الـ فلك ثنيه عن ذلك, لكن ما فلحت, فقالت له سوف أعطيك ( ثلاث تفاحات ) إياك أن تهدرهم سوف تموت لو فعلت .!
الجزء الثالث ” الخضوع لقدرية الزمن والمكان الأرضيين”
في طريق ذهابه إلى مسقط رأسه القرية التي خرج منها. مر من أمام وادي الأفعى فكانت قد ملأته “بجلودها” وماتت, ومر من أمام مكان التل الذي من “نبات السمسم”, فكان قد أكله العصفور ومات, وكذلك وصل إلى المكان الذي كان فيه الفلاح يرمي بمعوله تراباً في البحيرة, فوجدها قد استحالت إلى أرض منبسطة! وجد في طريقه رجلاً فطرح عليه قائلا: هل تعلم أن هذه الأرض قبل مئات السنين كانت بحيرة؟ فسأل الرجل: وكيف تعلم؟ قال له الأمير: ما أسم هذه الأرض فقال الرجل: ( أرض البحر ) فقال الأمير من أسماها؟ فقال لا اعلم هي تسمية قديمة جداً تناقلها الأجداد الأقدمون!
وصل إلى قصره القديم, ولكن كيف يثبت انه الأمير ـ مير مح ـ ماه؟ بعد مئات السنين وقد تغيرت الوجوه ومات كل من يعرفه. سال أحدهم وقال: هل تعرف بـ مير ماه ؟ أجابه نعم كنت أسمع عن جدي أنه قال بأن جده الثالث ذكر أن أحدهم كان أسمه الأمير ماه ذهب للبحث عن الخلود ولم يأتي. قال الأمير إذن تعال لأثبت لك أنني ” أمير الخلود ـ ماه ” لقد أخفيتُ “عملة ذهبية” في إسطبل الحصان في ذاك القصر, فذهبا ووجدا ذات العملة مدفونة تحت الإسطبل, فصدقه ذلك الرجل واعتبر أن أمير الخلود كان خارج قيود الزمن والموت! ولكن كان القدر يتتبعه حيثما ذهب..!
كما تروي لنا القصة أن الأمير يصادف في طريقه وهو في قرية آباءه وأجداده ( جنازة لميت فسمع صوت الدف والناي ـ الشبابه ) الذين تعزفا أثناء تشييع جنازة الميت لدى الأيزيديين, فتذكر ( الموت ووصية سيدة الزمن ) فقرر أن يعود إلى أمه فلك, ويأتمن على تفاحاته.!
في طرق عودته مر من أمام رجلين هرمين بحسب القصة “والتغيرات التي شابت الأسماء” هما الملاكين ( عزرائيل وجبرائيل ) طلبا منه أن يعطيهما تفاحة, وألحّا عليه بأن يطعمهما لكونهما يكادا يموتا جوعاً, فيشفق الأمير لأمرهما ويعطي تفاحة .
هنا يفقد الأمير ( الثلث الأول ) من زمن “عمر الشباب” المتوقف لديه بعدما أوهبته الخلود أمه فلك.
يذهب في طريق عودته, وفي منتصف الطريق يعترضانه الملاكين مرة ثانية وفي يديهما طفل يكاد يموت من المرض, فيدعيان أن لو أكل الطفل تفاحة سوف يشفى من المرض . ينساق الأمير وراء عاطفته فيعطيهما ( التفاحة الثانية ) ففي الحال يصبح الأمير في سن متقدم .
هنا أيضا يفقد ( الثلث الثاني من العمر ) .
بعد ذلك وبحسب القصة أن سيدة الزمن كانت على مقربة من الأمير تناديه: أيها الأمير ماه إياك أن تعطي التفاحة ستعود خالداً مثلما أنت يا بني, ولكن الأمير فقد السمع فسأل الملاكين: ماذا تقول أمي الـ فلك لا اسمعها جيدا ؟ قالا له: أنها تقول أسلم لهما التفاحة الثالثة .!
خدع الأمير وأسلمهم روحه وأعطاهما التفاحة أخيراً ينهار ويلقى حتفه ومثواه الأخير كإنسان يخضع لنهاية وضعت خاتمتها بمكيدة وخداع الملاكين لغاية في نفس الـ كوجاكون سدنة معابد الجبال ـ المتنبئون ـ بعلم خالق هذا الكون الذي أراد أن يوصل لنا حدثا “علمياً كونياً” بفلسفة أراد بها وصلاً ما بينه وبين الإنسان المقدر له الموت والفناء, وأن خارج أحكام كوكبنا يوجد ما هو غير خاضع للقدرية, ولكن كانت فلسفة العقل البشري صعبة ومعقدة لكي تندثر وبعد آلاف السنين تكون حدثا معروفا ومعترفاً به في عصر العلم والتطور الفكري ليكتشفه لنا العالم والفقيه العلمي ألبرت أينشتاين, وبدوري أسهبت في دراسة هذه النظرية العلمية وعسى أن أكون قد أثبتها بشكل واضح وسلس في علم اللاهوت الأيزيدي.
أمير الخلود وكلكاميش السومري ” وجهان لعملة واحدة “
إن الملفت في قصة ( أمير الخلود ) أنها تتداخل في بعض حيثياتها بقصة (كلكاميش السومري) التي تعتبر أول وأقدم وأجمل نص شعري تم اكتشافه في بلاد ميسوبوتاميتا ـ بلاد ما بين النهرين , وقد دونت في الألف الرابع ق,م بالخط المسماري, والجوانب المشتركة في كلا القصتين هي
أولا: الثورة ضد حتمية الموت الزمكانية.
ثانيا: نبتة الخلود لكلكاميش, والتفاحات الثلاثة لأمير الخلود.
ثالثا: كلا القصتين جاءتا على شكل قصيدة شعرية أو أنشودة.
رابعا: انفراد تاريخ ميسوبوتاميا الذي يضم “العرق الآري” بهاتين القصتين عن باقي الحضارات القديمة كالبابلية والاشورية.
خامسا: أن كلكاميش يعتبر من السومريين النازحين من جبال شمال العراق.
سادساً: أن المكانة والقيمة الوجودية المتشابهة لكلا الشخصيتين هي كالتالي: كلكاميش يعتبر الإله الأكثر قوة وبطشاً وذو مرتبة مقدسة ومتعالية, أما أمير الخلود فهو أبن الأمير البكر, وصاحب شأن ديني واجتماعي, ولكن الجوانب “المهجورة والغير مذكورة” في ملحمة ” كلكاميش السومري ” هي (سرعة وتباطؤ الزمن ) وهذا الجانب هو بحق ( البعد الرابع ـ الزمن ـ لألبرت اينشتاين ) وهو أساس دراستنا هذه.
من الجدير بالذكر هو ما أكده أغلب خبراء وعلماء الآثار منهم العالمين هندكوك وفرانكفورت الذين أكدا أن السومريين هم نازحي الجبال الزاكروسية من ( العيلاميين ) في شمال العراق قبل أكثر من 4000 سنة ق.م. وكذلك أكد الدكتور فاضل عبد الواحد أستاذ السومريات في جامعة بغداد حيث يقول : إننا نرى في السومريين امتدادا لأقوام عصور ما قبل التاريخ في بلاد وادي الرافدين وأنهم انحدروا من شمال العراق إلى الجنوب واستوطنوا في منطقة كانت على الأرجح تعرف باسم سومر.
بالإمكان لنا أن نقول عن السومريين أنهم (آريون وهم أجداد الأيزيديون الذين لم يدخلوا الإسلام), وفي بلاد سومر جنوب العراق تم تداول قصة ثورة كلكاميش التي سبقتها “النسخة الأصلية” المتداولة في جبال (داسن وزاغروس) وكانت تعرف بثورة ( مير ماه ) نقلها لنا الأيزيديون الأقدمون ( بصورتها الكاملة دون نقصان ) إلى حد يومنا هذا مع بعض الإضافات والأسماء الدخيلة بفعل التأثير الزمني إلا أن جوهر القصة باقٍ كما هو, وأن ملحمة كلكاميش هي بحق امتداداً واقتباساً لثورة ( مير ماه ) ضد الموت والفناء وقدرية الزمن والنهاية المأساوية التي تنتهي عليها حياة الإنسان في هذا الكوكب المحتكم زمنياً.
تمت سنة 2013/10/7
ستكون لي قريباً وقفة على الدراسة المشوه والبعيدة عن الواقع لقصة (مير مح) وتحميلها أفكار وشروحات لا تمت بصلة للقصة.