بل ان نتانياهو يسير رغم انواع الإستنكارات لدول العالم على تصريحاته و على اعلامه الصاخب، يسير على طريق تشريع قانوني يُستكمل في حالة فوزه بالانتخابات (*) على حد وعده لناخبيه، باعلان مستوطنة (ميفوت يريحو) في غور الأردن، كبداية لضم المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية و شمال البحر الميّت و عموم غور الأردن الى دولة اسرائيل، بقوة السلاح و على اساس انها حقوق اسرائيل في (صفقة القرن) سيئة الصيت، على حد بيانه . . بعد قراره بضم الجولان بدعم الرئيس الاميركي ترامب !
الأمر الذي يشكّل استفزازات اكبر لجرّ دول المنطقة و شعوبها التي تزداد تفاعلاً و تأثراً فيما بينها، بسبب تناوب ذات المحن عليها و من ذات المصادر و على اراضيها و منها، من صراع القوى الكبرى بينها من جهة، و صراع القوى الإقليمية و في مقدمتها ادارة نتانياهو من جهة اخرى . . لتشكّل استفزازات خطيرة لجرّها و جرّ شبابها لطاحونة الحرب و الدم، التي يبدو و كأنها بدأت تشتعل بضرب منشئات ” آرامكو ” الأخيرة، فبالحرب تتم انواع الصفقات السريّة المريبة.
من جانب آخر، يرى كثيرون بأن صيانة بلادنا و حمايتها بوجه الإعتداءات و حرب تندلع، تتركّز اساساً على اجراء تغيير حقيقي يسير بالبلاد الى الإستقلال الحقيقي و استقلال قرارها، الذي لايمكن ان يتم الاّ بـ : حصر السلطة و السلاح بيد الدولة العراقية و مؤسساتها و وفق قوانينها، ضرب الرؤوس الكبرى للفساد، و للإرهاب و لخلاياه النائمة و استعادة الأموال الفلكية التي جرى تهريبها من خزائن مؤسسات الدولة.
تغيير يجري على اساس تلبية مطالب قوى و تجمعات سياسية ونقابية واجتماعية و منظمات مجتمع مدني ترتبط و تستند على الحركة الإحتجاجية، المطالبة بالانفتاح اكثر على الفئات الشعبية من مهمشي المدن وفقرائها، و على اساس رصّها بإتجاه و من اجل : السلام و رفض الحرب، تحقيق المطالب الحياتية و المهنية ، و السعي لتأطيرها ضمن برنامج واضح الأهداف، يربط القضية الاقتصادية ـ الاجتماعية بالموقف و السلوك السياسي.
و يرون اهمية بناء تحالفات متحركة وليس جبهات سياسية، ومواقف تعبّر بصراحة ووضوح عن الحالة التي وصلت إليها البلاد بعد ستة عشر عاماً على سقوط الدكتاتورية، و وصلت اليها حالة المنطقة بسبب الصراع الأميركي ـ الإسرائيلي ـ الإيراني ـ الخليجي ، الأمر الذي يشكّل دعوة إلى إطلاق البديل الجدّي لنظام المحاصصة الجامد المعمول به، والاستفادة من كل ذلك في سبيل بلورة مهام ملموسة لإنضاج قيام تجمّع وطني للإنقاذ من داخل و خارج القوى الحاكمة، يجمع كل المتضررين و الحريصين على سلامة و وحدة البلاد و رفاهها، تحت سقف برنامج موحّد، سياسي واقتصادي واجتماعي، يضم قوى وشخصيات مستقلة سياسية و تكنوقراطية ونقابية وتجمعات جماهيرية ومدنية في المدن و الأحياء.
من خلال مسارات بدأت تتوضّح اكثر، لبلورة تحرّك متصاعد، من اجل حماية البلاد من زجّها بالحرب و من جعلها ساحة حرب للآخرين، و من اجل مكافحة رؤوس الفساد العابر للطوائف و مكافحة الفهم الملتبس ـ المقصود بخلط مفهومَيْ السلطة والدولة عند غالبية أطراف الحكم الذين يصادرون مقدرات الدولة ويتعاطون معها كانها ملك موروث لهم وفق المحاصصة، و وفق التوافق الذي قد يؤدي، ارتباطاً بالتوتر الإقليمي المتصاعد وانعكاساته على الوضع الداخلي، إلى انهيار تلك التوافقات.
و يرى خبراء و مراقبون امميون، بأن سياسة و عنجهية ادارة نتانياهو هي الجزء الأكثر عنفاً و عنصرية من عموم الرأسمالية المتوحشة المنفلتة من كل الضوابط، والمترافقة مع تصاعد خطابها الفاشي في العديد من الدول الغربية، والذي يُترجم دوماً، بعدائها لكل الشعوب التي تعمل من اجل التحرر من التبعية الجامدة للغرب الاستعماري في تطوره الجديد و من تهديداته المتواصلة و حروبه، و اجراءاته الاقتصادية، و ابتزازه المالي . .
و يرون بأن ادارة نتانياهو الباحث عن الحرب في المنطقة و عن قواعد له فيها بكل الوسائل، من الإغراءات الى التهديدات و الإيقاع بمآزق و هندسة اشعال الحروب بالتعكّز على وعود لم تثمر لإنتماء عرقي او طائفي لإشعال الفتن . . بانه ان كان قلقه على امن اسرائيل، هو الذي يدفعه لفرض واقع جديد في المنطقة، بتكريس حقه في توجيه الضربات التي يراها مفيدة له، أكثر مما هو جزء من معركة انتخابية كما يروّج البعض، لماذا لا يتحرّك لتخفيف المخاطر الأمنية عليه، بطلب انتشار قوى دولية تقوم بحماية ومراقبة حدود اسرائيل كما يجري على الحدود العراقية ـ السورية ـ اللبنانية، كوسيلة أكثر ضماناً و امناً من القصف الجويّ بالقنابل و اشعال الحرب؟؟
(انتهى)
20 / 9 / 2019 ، مهند البراك
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) من المنتظر ان لاتقرر الإنتخابات و اية كتلة ستفوز، لوحدهما، من سيكون رئيس الوزراء القادم، اضافة الى جهد نتانياهو المستميت للبقاء كرئيس وزراء حتى لايفقد حصانته و يتعرّض بذلك الى ملاحقات قانونية قضائية و الى السجن بتهم الفساد . . وفق وكالات انباء دولية غير منحازة و وفق متخصصين بالشأن الإسرائيلي.