طالما أطلَّ علينا زميلٌ بين الفينة والفينة ببحثٍ جريء يتناول فيه جوانب من تراثنا القصصي التاريخي الديني, نحن لا نشك أبداً في إخلاص وصدق أحدٍ بذل في سبيل البحث في تاريخنا جهداً جهيداً لتوضيح نقطةٍ أو حدث في مجالٍ من مجالات البحث التاريخي, وبنفس الوقت نرى أنّ لنا الحق في طرح وجوهات نظرنا في المواضيع المنشورة في هذا الموقع الموقر فهو منبر الئيزديين وجريدتهم الرسمية ومن حق وواجب الجميع المشاركة فيه والنهوض به إلى المستوى المطلوب, ويُؤسفني أن أَقول أن عدد المشاركين فيه لا ييبلغ 2% من عدد الأقلام الكفوءة القادرة على نشر الثقافة الئيزدية وتطويرها لأَنّ الفيس بوك قد صرف إنتباههم عن المهم من قضايانا.
في بحثٍ قدمه أحد الإخوة شيئاً عن قصة قُبا فلكي ـ أرض الخلود, وهي قصة دينية ئيزدية حقيقية تناول فيها الحدث بما توفرت له من أدلة تاريخية ميثولوجية مقنعة يشرح بها نظرته إلى هذا الموضوع العريق القديم جداً في التراث الئيزدي الديني.
البشر في مختلف العصور والازمنة قد تجاوزالزمن بخياله, قافزاً على القوانين الفيزيائية كلها، يسبح بخياله في داخل جمجمته الصغيرة يعبر الأكوان والأزمان باحثاً عن دواء يُعالج به الموت, جميع الأمم والشعوب العريقة المتحضرة قد بحثت في هذا المجال مثل البحث عن الخلود السومرية وأبطالها أتونابشتم وكلكامش وغيرهما عند شعوبٍ أخرى, القصة قديمة قدم الدهر وهي برهان على قدم الشعب صاحب هذه القصة, لكن السؤال هو عن اسم البطل الذي لا يتجاوز ظهور الإسلام, هنا الأستاذ بدلاً من أن يتقصّى الأسباب التاريخية لجأ إلى التلاعب بالألفاظ تماماً كما فعل غيره من الئيزديين مع تسمية اليزيدية إلى الأيزيدية وإيزيدي إلى أزداهي وأزداني , هذه التلاعبات اللاعلمية وغير المنطقية قد أضرّت باليزيديين أكثر مما نفعت بل أكّدت ضعفهم في قراءة التاريخ وأن ليس لديهم دليل تاريخي ولا غير تاريخي آخر على أنهم أكراد أو التبرُّؤ من يزيد بن معاوية, لأن تغيير اللفظ لا يُمكن أن يكون دليلاً تاريخياً علميّاً أبداً, فعندما يسألك القاضي هل لديك أدلة أخرى على الموضوع ؟ فتقول كلا. سيرد بأنك مدان فلا يُمكن أن يكون لَوي اللسان دليلاً تاريخياً لأي شيء ,لكن إخواننا الشيعة أكثر إطلاعاً منا فهم قد سبروا أغوار التاريخ فوجدوا أن قاتل الحسين ليس داسنياً ئيزدياً , إنّما مسلم عربي أصيل من ثقيف قادته هم أنفسهم رجال علي بن أبي طالب, هذا المدعو عبيدالله بن زياد قد قتله الئيزديون الداسنيون على نهر الخازر في قضاء الشيخان تحت قيادة إبراهيم الأشتر, وجميع ثورات العراقيين كان رجالها داسنيون زردشتيون ( ئيزديون) , ولم يخضع العراق للحكم الإسلامي الأموي حتى العصر العباسي رغم فظائع الحجاج, أما أزداهي فلم نسمعها من قوال فهي إذن بدعة جديدة لا تنفع في شيء, كلمة ئيزدان نفسها لم ترد في نصوص الدين الئيزدي إلاّ مرة واحدة, لماذا ؟ لأنه ببساطة كلمة جمع ولا يوجد جمع في لغتنا, أدخله ملكفخردين من مخالطته للسوران الذين كانوا في زمانه يزيديين .
على هذا الأساس لا يُمكنك تغيير محي المشتق من محمد إلى (ماه) بشكلٍ من الأشكال, مير محي مختصر من ميرزا محمد المعروف عندنا بطلاً في قصص أخرى كثيرة جداً ….. هذه القصة بالتأكيد قديمة جداً وقد سبقت الإسلام والتعريب بكثير, لكن هذا الإسم لم يسبق الإسلام أبداً, وبدلاً من معالجة الموضوع بصورة تاريخية تخلطونه بالألفاظ فتضييع الحقيقة ، ……. سيف الإسلام هو الذي عرّب كل شيء جميع الأسماء أصبحت عربية تحت فرمانٍ واحد لستة قرون متوالية, لدينا عشرات الأسماء البطولية مثل فرتونة (بالسورانية ئةفرةتةونة/ فريدون ) بهمن رستم بهزاد خدر زندة …. وغيرها كثيرة أنا لا أعرفها , كلها أصبحت مستعربة تحت السيف البتار , وإختفت نحت غطاء الأسماء الإسلامية العربية ومنها هذا الإسم ميرزا محمد مختصره (مير محي) بالتأكيد هي محاولة للتخلص من إسم ( محمد) الصريح .
ملاحظةٌ أخرى إجتذبت إهتمامي في المقال وهذه ليست المرة الأولى في كتابات الئيزديين , جميعهم دؤوبون على العداء لزرادشت والزرادشتيين ولا مقالٌ في هذا الشأن قد خلا من ذكر مذابح الئيزديين على يد الزرادشتيين وهذه فاجعة ثقافية للئيزديين وضحالتهم في قراءة التاريخ , وكأن الزرادشتية قد خرجت من جزيرة العرب بالسيف , فلا احد يذكر مذابح سعد بن أبي وقاص ولا خالد ولا مصعب ولا معاوية الذي محي العاصمة المدائن بالأرض ولا الحجاج ولا المنصور ولا هارون الرشيد هذا غيضٌ من فيض …… بل الآلاف منهم على مدى ستة قرون في فرمانٍ واحد, حتى أتتهم النجدة من صلاح الدين الأيوبي الكوردي وتحت لوائه جددوا دينهم ونظموا كيانهم الذي دام حتى اليوم, كل هذا لا يعرفونه , وحتى كلامهم عن مذابح الزرادشتيين لا يعلمون شيئاً عن تفاصيلها, فهم صفر اليدين من كل شيء فلو أنهم قد أشاروا إلى عنصر واحد في الحدث لكنا نُعالج الموضوع بصورة تاريخية مثل سنة الحدوث أو مكانه أو إسم القائد الئيزدي وخصمه القائد الزرادشتي , لكن لا شيء لديهم يُؤكدون به إدعاآتهم , مجرد إدعاآت فارغة في الهواء الطلق لتأخذه الريح , في هذا الصدد ننقل من مقاله ما يلي : ((مئات الحروب والغزوات بدءاً بالغزوات الآشورية والزردشتية وانتهاء بالفتوحات الإسلامية , أنا ذكرت القادة المسلمين القتلة والآشوريون القتلة منهم قلائل لكنهم معروفون منهم آشور ناسربال وإبنه القاسي جداً شليمونصر الأول ثم تجلات بلصر ثم سنحريب وسرجون المذكور في بيعة دياكو الميدي وأجرمهم بحق الداسنيين آشور بانيبال كنا نريد من الاخ أن يذكر قائداً زرادشتياً واحداً .
الأعجب في مقال الأخ سفيان هذا المقطع ((الديانة الأيزيدية المعروفة بطقوسها, ومراسيمها الدينية المرتبطة بالديانة ( الميثرائية المزدئسنية ) )) ولم يعلم أن الزرادشتية هي نفسها المزديسنية, ولم يتغير حتى إسمها بظهوره , وكان هذا دين الدولة الساسانية الرسمي حتى الهجوم الإسلامي , بعدها المسلمون أشاعوا عنها عدة أسماء إحتقارية منها الزرادشتية نسبة إلى أول مُصلح ديني في المزداسنية الشمسانية , وكلها إعتبروها كفراً وإشراكاً وعملوا فيهم الذبح والتعريب والموالاة لمن قبل الإسلام,
حاجي علو 23 ، 9 ، 2019