الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Homeمقالاتالقضية الكردية وأفاق القرن 21م : زيد الفضيل

القضية الكردية وأفاق القرن 21م : زيد الفضيل

مع توقيع اتفاقية سايكس بيكو عام 1916م بين وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا، تم تقسيم أراضي الدولة العثمانية وفق خارطة عبثية، نتج عنها نشوء ما نعيشه اليوم من دول عربية في منطقة وادي الرافدين وبلاد الشام، والتي جمعت شتات أجناس متنوعة من التركمان والأكراد والأرمن والشركس وغيرهم، مع الغالبية السكانية من العرب.

في ذلك الاتفاق وضح اختزال الخارطة السياسية بين ثلاث قوميات رئيسة، هي: القومية الفارسية التي تمثلت في الجغرافيا السياسية بدولة إيران، والقومية التركية التي تمثلت بالجمهورية التركية، والقومية العربية التي تمثلت في نشوء العراق، وسوريا، ولبنان، والأردن، إضافة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتم دمج بقية القوميات ضمن هذه الدول، الأمر الذي انعكس سلبا على القومية الكردية بوجه خاص، والتي تم تقسيمها عبثا ضمن أربع دول مختلفة من حيث الهوية القومية والإطار السياسي، وهي: تركيا وإيران والعراق وسوريا.

وكان أن عملت كل دولة على فرض حالة الاندماج القسري لمختلف القوميات ضمن هويتها القومية الرئيسة، وهو ما قاومه الأكراد انطلاقا من كونهم قومية مستقلة واسعة الانتشار، تعيش في محيط جغرافي واحد، جرت تجزئته بغير إرادة منهم واختيار إلى أربعة أشلاء، فكانوا أشبه بعائلة واحدة جرت تجزئتها قسرا، وذلك هو مكمن الظلم الذي شارك فيه القوميون في الدول الأربع من بعد التقسيم العبثي للخارطة السياسية من قبل البريطانيين والفرنسيين، حيث ورغبة في تعزيز هويتهم القومية، قاموا باضطهاد غيرهم من القوميات الأخرى، وعلى رأس أولئك الأكراد الذين تم ازدراؤهم عرقيا، وجرى منعهم من ممارسة لغتهم، ووصل الأمر إلى فصل كل طالب كردي يتحدث بلغته، ويعبر عن ثقافته وموروثه.

تجدر الإشارة إلى أن القومية الكردية لم تكن تشعر بهذا الاستلاب الحضاري لهويتهم قبل تكوين الدولة القومية الحديثة، أي قبل ذلك الاتفاق المشؤوم عام 1916، وكانوا جزءا أصيلا من الهوية الثقافية المسلمة، والعربية بوجه خاص، ولا سيما أن عديدا من الشخصيات الثقافية والعلمائية وحتى السياسية في محيطنا العربي بخاصة، تنتمي بأصولها إلى القومية الكردية، وهو ما يدعوني إلى القناعة بأن الكُرد والعرب عِرقان متحدان في الأصول، متجانسان في الخصائص والصفات، ولا غرابة في ذلك إذا ما عرفنا أن نجوما في ثقافتنا العربية هم من أصول كردية، كأمير الشعراء أحمد شوقي، والشاعر الأديب جميل صدقي الزهاوي، ومعروف الرصافي، وبلند الحيدري، والأديب والمؤرخ الموسوعي محمد كرد علي، وعديد من العلماء المعاصرين والمتقدمين ومنهم: الشيخ أحمد كفتارو، والشيخ محمد البوطي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والمؤرخ ابن خلكان صاحب كتاب «وفيات الأعيان»، والمؤرخ ابن الأثير صاحب كتاب «الكامل في التاريخ»، وابن النديم صاحب كتاب «الفهرست»، ناهيك عن القادة والسياسيين الذي أبرزهم صلاح الدين الأيوبي، ومن المعاصرين حسني الزعيم في سوريا، وصولا إلى عديد غيرهم من الأدباء والعلماء والفنانين، سواء في مصر أو سوريا، وكانوا جزءا أصيلا من المكون المجتمعي.

واليوم ونحن ندلف أعتاب قرن جديد بمشاريعه وأفكاره السياسية، أؤمن بأهمية إيجاد حل عادل للقضية الكردية، ولا يخرج ذلك عن أمرين: فإما أن تعيد تلك الدول تأسيس نظامها السياسي لتقوم على مفاهيم الدولة المدنية التي لا هوية قومية لها، وترتكز على فكرة سلطة القانون المتفق عليه بين الناس، أو لنؤمن بحق القومية الكردية في إقامة دولتهم الموحدة، ونعطيهم الفرصة إنسانيا وسياسيا لجمع شتاتهم الذي بعثره الأوروبيون، وتركوا لنا تبعاته الوخيمة.

@zash113

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular