يشهد الإقتصاد العالمي، حرباً صامتة ومعلنة، ونقاط الخلاف يصعب إخفاؤها، ويلعب التاريخ دوراً دامياً في هدم العلاقات الدولية، وترميمها يكاد يكون أحياناً أصعب من البناء على طبيعته، التي كانت بدايتها بسيطة وللتو تتحول من الأفراد الى المجموعات وطبيعة إحتياجات متبادلة يقايض بعضها ببعض، الى أن تشابكت وعبرت الحدود وغيرت نمط العلاقات الدولية، وصارت حاكمة وتتحكم بكل شاردة وواردة، بما فيها الحروب العلنية والسرية وما يتبعه من ازهاق آلاف أرواح البشر وإنفاق مليارات الدولارات.
الإنسان هو موضوع التنمية وغايتها، ولا يقف عند التنمية المادية فحسب، بل يتعداها الى الإستعداد لتلبية الحاجات الثقافية والروحية والفنية، وهذا ما يدعو لتشجيع الحالة الإقتصادية للدولة لتنعكس على الفرد.
مرت بالعراق ومن ثمانينات القرن الماضي تقلبات سياسية وحروب دموية وإقتصادية، أدت الى نزعة يطول وقوف الإقتصاد على حافة الإنتظار دون إنطلاق، وربما كان في أوقات يقف على هاوية الإنهيار، في غبرة الصراعات السياسية والعسكرية والإقتصادية.
معظم الحوادث إساءة متعمدة للشعب العراقي، من حروب وحصار زج الشعب في تحمل ويلاتها، جراء تنفيذ مصالح خارجية وفي أحيان أخرى كان التدخل الخارجي بشكل مباشر، ووصل الى الإرهاب وتحطيم البنى التحتية والإجتماعية، وترسيخ مفهوم أن العراقيين غير قادرين على إعادة بناء أنفسهم، وبعد الهجمة الإرهابية الأخيرة، والصراعات السياسية المحلية وتلبد المحيط الإقليمي بتكهنات قادم سيء، مع محاولات إبقائه تحت الحماية الدولية سيما الأمريكية منها، دون ملاحظة حقهم في البحث عن موقع الدولة في المستوى الكوني، والخروج من ذهنية العزلة، دون ضغط أو إبتزاز أو إنقياد لسياسة دولة بعينها.
ليس من الصعب على العراق إقامة علاقات دولية، على أساس المصالح المشتركة والإحترام المتبادل، وأدركت الحكومة أن دور الدولة لا يُقاس بالإنتاج النفطي، بقدر لعبها دوراً في المسرح العالمي، كدولة ذات قرار مستقل في جميع المجالات، وسيادته على أراضيه، وعليه التخلص من التبعية الدولية، ودور الدول في رسم السياسات، وكما معهود في تدخل الدول العظمى في سياسات وإقتصاد الدول النامية.
كانت معظم السياسات الخارجية خجولة، تحاشياً من الغضب الأمريكي، نتيجة حاجة العراق للدعم في مختلف المجالات، ومنها السياسي والإقتصادي والأمني والمال والتكنالوجيا، وآن الآوان لإعطاء مصالح العراق الإقتصادية أولوية، ويشكل الشرق عامل تقارب، نتيجة سعي هذه الدول للإستثمار في العراق، وحاجة العراق للبنى التحتية، والإستفادة من التجربة الصينية الناهضة، وجعلها نموذج للتطور والتحرر الكامل من الهيمنة القطبية، وتجاوز نتائج الإتفاقيات السلبية، التي فرضتها مراحل تحولات وحروب وتراجع سياسي وإقتصادي.
إن “حاجة العراق اليوم أكثر من أي وقت مضى، الى زخم علاقاته الآسيوية المؤثرة، والصينية بوجه خاص، بالإتجاه الذي يُعيد للعراق دوره الحيوي الفاعل والمؤثر، والى شعبه ألقه وحياته الكريمه” هذا ما قاله رئيس الوزراء العراق عادل عبدالمهدي في مؤتمر التصنيع العالمي 2019م بمدينة خيفي الصينية، ودعا الشركات الصينية والعالمية الى الإسهام بنهضة العراق وإعادة بناه التحتية.
الزيادة ستشمل توقيع عدد كبير من الإتفاقات بين الجانبين، وطبيعة الوفد العراقي يتصف بالملامح الإقتصادية، ويتضمن مشاريع كبرى في النقل والخدمات والتعليم والصحة والاسكان، من خلال شركات صينية كبرى وإكمال نموذج التمويل عبر صندوق الإعمار العراقي الصيني المشترك، وتندرج ضمن فلسفة حكومية في الإنفتاح على العالم، وأن العراق صديق للجميع، وعامل مؤثر ويشكل جسراً بين جميع المختلفين، ومن ضمن الزيارة أن المستهدف يشهد تقديرات أعمال بين العراق والصين، تصل الى 500 مليار دولار، خلال السنوات العشر القادمة، وبالنهضة العراقية المرتقبة، سيخرج العراق من العلاقات غير المتكافئة؛ الخاضعة للإبتزاز المالي والتبعية السياسية.