ان الدستور العراقي اعتبر العراق جمهورية اتحادية واحدة، وأقر بأقليم كوردستان أقليماً فيدرالياً، وبالنتجة فأن هذا الاقليم جزء من الدولة العراقية، ويجب هنا الاشارة الى أن الشعب الكوردستاني عندما عبر عن أرادته، وقرر مصيره بالاتحاد ضمن الدولة العراقية (الفيدرالية)على اساس الاختيار الحر القائم على توزيع السلطة والسيادة، فأنه وان تنازل عن جوانب من سيادته الخارجية لصالح قيام الدولة العراقية(الفيدرالية)، فأن هذا لا يعني بأية حال من الاحوال بأنه تخلى عن كامل سيادته كشعب له مقوماته وتراثه وأصالته وأهدافه القومية التي يناضل من أجل تحقيقها، شأنه في ذلك شأن الولايات والاقاليم والمقاطعات المنظوية المشكلة للاتحاد الفيدرالي في العالم، بل بقي محتفظاً بجوانب مهمة من سيادته الداخلية من أجل أستمرار ديمومته وتطوير نفسه، وفي الوقت نفسه تقويم النظام السياسي(الفيدرالي)الذي اختار العيش ضمنها في مرحلة زمنية معينة، ومدى ملائمته مع مبادئه القومية وحقوقه السياسية والمدنية. حث ان النص على تحديد أختصاصات حكومة الاقليم في الدستور، والتي لا يجوز التجاوز عليها اطلاقاً من قبل الحكومة الاتحادية، والاقرار بدستورها وهيئاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، بدليل أن اقليم كوردستان ليس وحدة ادارية تمارس الوظيفة الادارية اللامركزية تحت اشراف ورقابة الحكومة الاتحادية، مثلما هو الحال بالنسبة للدول المركزية الموحدة، بل أن حكومة اقليم كوردستان تقف في بعض الحالات على قدم المساواة مع الحكومة الاتحادية، وأكثر من ذلك فقد تختص حكومة الاقليم بسلطات لا تتمتع بها الحكومة الاتحادية. علاوة على ذلك فأن اقليم كوردستان، الى جانب تمتعه بجوانب مهمة من أستقلاله وتنظيمه الذاتي، فأنه يشارك في تكوين وممارسة السياسة والادارة العامة على نطاق الدولة العراقية عن طريق تمثيله المتساوي في مجلس النواب ومجلس الاتحاد، وكذلك عن طريق مشاركته في تعديل الدستور الاتحادي.
وعلى أساس ذلك، فان الامن القومي للاقليم لا يعني بالضرورة تطابقه مع الامن الوطني العراقي، بل هناك أختلاف بينهما من حيث نطاق كل منهما، ومدى الحماية التي يتطلبها كلا الامنيين والموقف من التهديدات الموجهة اليهما.
فمن حيث النطاق، فان أمن الاقليم يسري على اقليم كوردستان وحده، شعباً وأرضاً وحكومة، ضمن الحدود المتعارف عليها، ولا يمتد الى خارج هذا الحدود. أما نطاق الامن الوطني العراقي فيمتد ليشمل جميع الاراضي الواقعة الان ضمن الدولة العراقية الاتحادية بما فيه أقليم كوردستان، وبالصيغة التي حددها الدستور، وهذا يعني ان الامن الوطني العراقي أوسع من حيث النطاق من الامن القومي للاقليم.
ومن حيث الحماية، فان حكومة اقليم كوردستان، الى جانب اختصاصها بكل ما تتطلبه ادارة الاقليم، تختص كذلك، وكمبدأ عام، بكل ما يتطلبه من حماية اقليم كوردستان والدفاع عنه ضد أي تهديد يوجه اليه، سواء كان هذا التهديد أنياً او مستقبلي، داخلياً كان أم خارجياً، وأياً كانت طبيعته عسكرية ام أقتصادية أواجتماعية او ايديولوجية، ولها في سبيل تحقيق ذلك، انشاء وتنظيم قوى الامن الداخلي كالشرطة والامن(الاسايش)وحرس الحدود بموجب المادة(121/خامساً) من الدستور العراقي الفيدرالي لعام 2005….. وبموجب المادة(110 / ثانياً) ان تأمين حماية الامن الوطتي العراقي ، فهي من أختصاص السلطات الاتحادية ، وتستند في ذلك الى أنشاء القوات المسلحة وادارتها لضمان امن الحدود العراقية والدفاع عنها.
وهذا يعني ان درجة حماية الامن القومي للاقليم ذات طبيعة مزدوجة لها مستويان: على مستوى اقليم كوردستان وعلى مستوى الدولة الاتحادية باعتبار الاقليم جزءاً من هذه الدولة..
وبموجب المادة (الثامنة/ الفقرة السابعة ) من قانون مجلس وزراء اقليم كوردستان (3) لسنة 1993،يتولى مجلس وزراء اقليم كوردستان : (تنفيذ القوانين والمحافظة على أمن الاقليم وحماية حقوق المواطنين والممتلكات العامة ومصالح شعب كوردستان)…. واستناداً الى المادة (2) من قانون وزارة الداخلية لحكومة اقليم كوردستان رقم (9 ) لسنة 1993 فأنها(تتولى الوزارة المهام التالية :
1 – تنفيذ السياسة العامة لحكومة اقليم كوردستان العراق والعمل على صيانة وحماية الامن الداخلي من خلال وضع خطط لاجهزة الوزارة .
2 – العمل على سيادة القانون وتوطيد النظام العام وتامين الراحة والطمانينة للمواطنين والحفاظ على ممتلكاتهم .
3 – التعاون والتنسيق مع الوزارات والدوائر الاخرى المختصة بشان المهام والواجبات المتعلقة بالامن وحفظ النظام تحقيقا للصالح العام .
4 – العمل على منع وقوع الجرائم والتنبؤ المستقبلي لوقوع الجريمة ووضع الخطط والبرامج التي تمنع وقوعها بهدف تحقيق الامن الدائم والطمانينة والعمل على استباب الامن والاستقرار الدائم والاهتمام بالجانب الوقائي للجرائم .
5 – العمل من اجل حماية الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان في كوردستان العراق واتباع الاساليب القانونية والعملية في حل المنازعات والمشاكل العامة والخاصة .
6 – الحفاظ على الاداب العامة في الاقليم .
7 – مكافحة التجسس والتهريب والتسلل وحماية اقتصاد الاقليم وامنه ومنع الدخول غير المشروع الى الاقليم .
واستنادأ الى المادة (121 /خامساً) من الدستور العراقي الفدرالي لعام 2005 فأن برلمان كوردستان شرع العديد من القوانين في سبيل انشاء منظومة أمنية متكاملة، منها قانون رقم (4)لسنة 2011 (قانون مجلس أمن أقليم كوردستان) حيث نص في المادة الثانية/
أولاً: يشكل بموجب هذا القانون مجلس يسمى(مجلس أمن أقليم كوردستان) ويرتبط برئيس الاقليم ويتكون من( جهاز اسايش الاقليم ـ المديرية العامة للاستخبارات العسكرية ـ وكالة الحماية والمعلومات).
ثانياً: يقوم المجلس بتنظيم وتخطيط سياسة أمنية موحدة وأحلال التنسيق بين كافة المؤسسات ذات العلاقة. أما المادة الثالثة: يهدف هذا القانون الى اقامة و صياغة أسس أمن الاقليم عن طريق:
-
ضمان الامن والاستقرار في الاقليم.
-
حماية الاسس والمبادئ الدستورية والقانونية للاقليم.
-
جمع وتحليل المعلومات وتقييم أي تهديد لأمن الاقليم.
-
تبادل المعلومات بين المؤسات المختصة في الاقليم والحكومة الاتحادية.
-
حماية أمن الاقليم في مجالات الجرائم الخطرة والجرائم المنظمة وجرائم المواد المخدرة وتزوير العملة والفساد الاداري والمالي وغسيل الاموال وذلك وفق القوانين السارية في الاقليم.
-
مكافحة أعمال التجسس وفق القوانين المعمول بها في الاقليم.
-
مكافحة الارهاب وفق القوانين السارية في الاقليم.
-
حماية نظام المعلومات في الاقليم.
-
حماية أمن الاتصالات.
-
حماية أمن المطارات والمنافذ الحدودية في الاقليم.
-
حماية الامن الاقتصادي للاقليم بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
-
تبادل المتهمين والمجرمين وتسليم قضاياهم بين المؤسسات الامنية الاتحادية ونظيراتها في الاقليم وفق الية تحدد بنظام.
-
التنسيق مع الجهات ذات العلاقة لحماية امن الشخصيات الرسمية لدى الحاجة.
-
حماية الامن الغذائي والصحي في الاقليم بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
-
حماية أمن الطاقة والمؤسسات الحياتية.
-
التنسيق مع الجهات ذات العلاقة لمتاعة أمور اللاجئين والنازحين والاجانب المقيمين في الاقليم.
-
التنسيق مع الجهات المعينة لحماية أمن المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية والقنصلية في الاقليم.
-
ضمان أمن مقرات وتشكيلات البيشمه ركه وجمع المعلومات المخابراتية والميدانية والاستراتيجية وتقييمها.
أما القانون رقم(5) لسنة 2011 المسمى (قانون جهاز اسايش اقليم كوردستان– العراق) قد صدر لتنظيم احد مكونات(مجلس أمن الاقليم–المشار اليه اعلاه) فقد جاء في الاسباب الموجبة(انطلاقاً مع التوجيهات الديمقراطية والمؤسساتية التي يؤمن بها شعب كوردستان وأستجابة لكل تطلعات مواطني الاقليم في التمتع بالامن والاستقرار والحريات والرخاء، تنظيماً لواجبات وصلاحيات واختصاصات وتشكيلات الاجهزة الامنية في اقليم كوردستان ولأرساء دعائم نظام أمن وطني فعال ومنظم ومنسق مواكب للتحديات الامنية الداخلية والخارجية وفقاً للمبادئ الدستورية والديمقراطية ومواثيق حقوق الانسان العالمية التي تؤمن بها حكومة اقليم كوردستان، تم تشريع هذا القانون) ونص المادة الثالثة منه:
يمارس الجهاز المهام الاتية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة:
أولاً: حماية الحريات العامة والخاصة وفق مباديء الديمقراطية وحقوق الانسان.
ثانياً:أمن المؤسسات الدستورية والقانونية (البرلمان، الحكومة، القضاء) في الاقليم، والشخصيات والمؤسسات وغيرها.
ثالثاً: حماية أمن العمل السياسي والمدني والمهني في الاقليم.
رابعاً:حماية الاقتصاد الوطني.
خامساً:تأمين أمن المطارات والسدود والمنشآت النفطية والمنافذ الحدودية.
سادساً:الحفاظ على تراث وثقافة شعب كوردستان العراق بكافة مكوناته القومية والدينية والمذهبية.
سابعا:جمع المعلومات ورصد التحركات عن التهديدات الداخلية الموجهة للأمن الوطني في الاقليم وتقييمها ومواجهتها.
ثامناً:تحقيق الأمن والاستقرار الاجتماعي ومكافحة الجريمة المنظمة بكافة أنواعها وكذلك مكافحة الجرائم الارهابية والمخدرات.
تاسعاً:ضمان أمن وسلامة وسرية الاتصالات وسلامة التنقل في الاقليم.
عاشراً: المحافظة على أماكن العبادة والمواقع الدينية وتوفير الأمن لها.
حادية عشر: تأمين أمن وسلامة المراكز السياحية والمواقع الأثرية والتاريخية والآثار.
ثانية عشر: حماية الأمن الغذائي والصحي في الاقليم.
ثالثة عشر: حماية أماكن عمل وتواجد المنظمات الدولية وعامليها الدوليين وحماية الوفود الدبلوماسية والوفود الأخرى وكذلك البعثات القنصلية وموظفيها وأفراد عوائلهم في الاقليم.
رابعة عشر: متابعة قضايا اللاجئين والمهاجرين والمقيمين والزوار الأجانب في الاقليم.
خامسة عشر: تبادل المجرمين والمتهمين واحالة قضاياهم بين اجهزة الاقليم والاجهزة الفيدرالية وفق الآلية التي يحددها القانون.
أما تأمين حماية الامن الوطني العراقي، فهي من أختصاص السلطات الاتحادية، وتستند في ذلك الى أنشا القوات المسلحة وأدارتها لضمان امن حدود العراق والدفاع عنه. وهذا يعني أن مستوى درجة حماية أمن الاقليم ذات طبيعة مزدوجة لها مستويان: على مستوى أقليم كوردستان وعلى مستوى الدولة الاتحادية بأعتبار الاقليم جزءاً من هذه الدولة.
أما المادة: (113)نص على:
يمارس مجلس الوزراء الصلاحيات والاختصاصات الآتية:
أولاً: تنفيذ القوانين والقرارات والأنظمة والمحافظة على أمن الاقليم والأموال العامة.
سابعاً: ممارسة كل ما لم ينص عليه في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية من صلاحيات تنفيذية خاصة بالاقليم وفق المادة 110 من الدستور الاتحادي.
ثامناً: ممارسة ماتخوله له الصلاحيات المشتركة بين السلطات الاتحادية وسلطات الاقليم وفق احكام الدستورالاتحادي.
خامس عشر: إنشاء وتنظيم قوى الامن الداخلي للاقليم كالشرطة والامن و حرس الاقليم.
أما من حيث التهديد، وكقاعدة عامة، فأن أي تهديد، يوجه الى أقليم كوردستان فهو يشكل بالضرورة تهديداً للامن الوطني العراقي،بوصفه، حالياً، جزء من الدولة العراقية، بيد أنه ليس بالضرورة أن يشكل التهديدات الي توجه الى الامن الوطني العراقي أعتبارها كذلك بالنسبة للامن القومي الكوردستاني، وأنما الامر يتوقف على نوعية التهديد والمصلحة المستهدفة، ولتوضيح ذلك نورد المثال الاتي:
اذا كان التهديد يهدف الى تغيير النظام الاتحادي الفيدرالي أو يستهدف امكاناته الاقتصادية بالتخريب أو الاتلاف، فأن ذلك يشكل تهديداً حقيقياً لكلا الامنيين (الكوردستاني والعراقي)معاً. أما اذا ما واجهت الدولة العراقية متغيراً أو مشروعاً دولياً يهدف الى تجزئته أو تقسيمه على ثلاثة دويلات مستقلة(كوردية، عربية سنية، عربية شيعية)، فلاشك ان ذلك يشكل أكبر تهديد يوجه الى الامن الوطني العراقي بل وتلاشيه، ولكن هل يشكل دولة كوردستانية مستقلة تهديداً للأمن القومي الكوردستاني بالطبع يأتي الجواب بالنفي القاطع، بل ان تكوين مثل هذه الدولة يعد أسمى هدف يسعى الامن القومي الكوردستاني الى تحقيقه في المستقبل. ثم أن الحكومات العراقية نفسها، اذا ما خالفت الدستور أو أهملت تطبيق بنوده بسوء النية، قد يشكل تهديداً لأمن الاقليم ، كأن تقلل من سلطات الاقليم، أو تقلص حدوده الادارية والسياسية ، أو تحجب وارداته المالية وما الى ذلك.
لذا يمكن القول بان صلة امن الاقليم بالامن الوطني العراقي هي علاقة تعاقدية – تعاونية متبادلة أساسها الدستور، ومن هنا يجب ان تبنى العلاقات مع الشعب العربي على اساس (المصلحة) ، بمعنى التركيز على المصلحة الكوردية – العربية.
ومن التهديدات الاخرى لأمن اقليم كوردستان العراق يمكن تلخيصها بالنقاط الاتية:
-
تدخلات الدول المجاورة لدولة العراق في شؤنها الداخلية والتأثير على استراتيجية ادارة الحكم وأخذ مواقف غير صائبة تجاه الاقليم .
-
الاتفاقيات الاستراتيجية(السياسية والعسكرية) المبرمة بين الدول المجاورة للاقليم باشراف وموافقة الدول العظمى بناءاً على حماية مصالحهم.
-
وجود منابع مياه الاقليم في خارج حدودها.
-
عدم تماسك الجبهة الداخلية للقوى السياسية في الاقليم مع وجود رؤى مختلفة تجاه القضايا الاسترتيجية والمصيرية للشعب الكوردستاني.
-
الجماعات الارهابية التي تمارس نشاطاتها في العراق وسوريا والمحاولات الكثيفة والمتكررة لزعزعة أمن الاقليم.
-
القصف التركى والايراني للمناطق الحدودية للاقليم لوجود مقرات وعناصر من حزب العمال الكوردستانى وحزب حياة كوردستان لمطالبة هذه الاحزاب بالحقوق القومية وان القصف يخلف وراءه في كثير من الاحيان الدمار والشهداء وان الحكومات التركية والايرانية تمنح هذه العمليات الحجم الكبير من الناحية الاعلامية وذلك بهدف اطمئنان شعوبهما بانها تعمل وتتصدى لكل من يهدد امنها ومواطنيها ومن جانب اخر لكسب التعاطف والتعاون الدولى باعتبارها تحارب منظمات ارهابية(بوجهة نظرهم).
لذا يمكن القول، أن صلة الامن القومي الكوردستاني بالأمن الوطني العراقي هي علاقة تعاقدية– تعاونية متبادلة، أساسها الدستور، ومن هنا يجب أن تبني العلاقات مع الشعب العربي على أساس (المصلحة)، أي بمعنى التركيز على المصلحة الكوردستانية.
عبدالله جعفر كوفلي /ماجستير قانون دولي
((لذا يمكن القول، أن صلة الامن القومي الكوردستاني بالأمن الوطني العراقي هي علاقة تعاقدية– تعاونية متبادلة، )) يا ما شاء الله شو وين جانت هذه العلاقة أيام تعريب صدام وتجميع جميع الكورد في تجمعات خانقة ؟ وأخيراً على ماذا كان الإستفتاء, و وين صارت كركوك هلاّ ؟