الأحد, نوفمبر 24, 2024
Homeمقالاتكاظم حبيب : نقاش معرفي مع الكاتب حسن العاصي حول التنوير العربي

كاظم حبيب : نقاش معرفي مع الكاتب حسن العاصي حول التنوير العربي

نشر الكاتب والشاعر والصحفي الأستاذ حسن العاصي مقالاً في موضوع مهم على موقع القنطرة بتاريخ 31/08/2018 يتساءل فيه “هل فشل التنوير العربي أم تعثر؟”. والمقال محاولة جادة للإجابة عن هذا السؤال، بما احتواه من معلومات وأفكار تستحق القراءة والمناقشة. إن قراءتي للمقال ولدَّت لدي مجموعة من الملاحظات التي أحاول التركيز على بعضها لتنشيط النقاش حولها وحول الموضوع الحيوي ذاته، الذي يحتمل طرح السؤال التالي أيضاً: هل بدأ التنوير أصلاً في العالمين العربي والإسلامي، أم لا يزال بعيد المنال، رغم الإرهاصات الأولية التي حصلت في القرن التاسع أو بداية القرن العشرين، ثم أجهضت؟

سأحاول تناول تلك الملاحظات فيما يلي:

الملاحظة الأولى: يقول الكاتب ف مطلع مقاله: “وأنت تطالع كتب التاريخ تنبهر بصفحات مشرقة من تاريخ العرب والمسلمين، تجد مراحل عاشها أجدادنا وكانت منارات في مختلف العلوم التطبيقية والإنسانية والرياضيات والموسيقى والفلك والترجمة.”

هذا الرأي يمثل نصف الحقيقة أو جانب واحد منها، في حين يتجنب الكاتب هنا الإشارة إلى النصف الثاني من الحقيقة المرةّ جانبها المعتم، لاسيما وهو يبحث في موضوع علمي يشمل جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، تمس تاريخ العالمين العربي والإسلامي، على حد تعبيره. الجانب المشرق اقترن بما أشار إليه من منجزات كثيرة عبر التاريخ، ولكنه أهمل الجانب المظلم في تاريخ العرب والمسلمين على امتداد القرون المنصرمة، وسواء أكان ذلك في الإمبراطوريات العربية، كالدولة الأموية والدولة العباسية، أو الدولة العثمانية، وفي الدول الأخرى ذات الأكثرية المسلمة، كالدولة الفارسية، حيث تميز هذا التاريخ بالكثير من المظالم والتخلف والتمييز والاستغلال والبؤس والفاقة، التمييز الفاحش إزاء أتباع الديانات والمذاهب، وإزاء القوميات الأخرى، تاريخ تميز بالفتوحات الاستعمارية والحروب والهيمنة على مصائر الشعوب واستغلالها. ويمكن أن نورد ما تعرض له العرب أنفسهم على أيدي السلاطين العثمانيين على امتداد تاريخ هذه الدولة التي تبنت الإسلام وحكمت باسمه ما يقرب من 400 سنة أغلب شعوب منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما الشعوب العربية والشعب الكردي وشعوب أخرى في وسط أوروبا. ومن يقرأ بعلمية وحيادية تاريخ العرب والمسلمين، عليه أن يقرأ الجانبان المشرق والمعتم، والذي لم يقترن بالعرب بالأساس، بل بالعرب وغير العرب من المسلمين. ويمكن للسيد حسن العاصي أن يقرأ كتاب “موسوعة العذاب” بسبعة أجزاء للكاتب العراقي الأستاذ عبود الشالجي ليدرك ما كان يجري في هذا العالم الذي لم يجد فيه سوى “منارات في مختلف العلوم..” الخ. كما يمكن أن يعود لكتابي الموسوم “الاستبداد والقسوة في العراق” ليطلع على ممارسات الإمبراطوريات العربية وكذلك الإسلامية (الترك والفرس) من مظالم وجرائم بشعة تقشعر لها الأبدان، وكلها باسم الإسلام!

الملاحظة الثانية: في فقرة أخرى يكتب السيد حسن العاصي ما يلي: “إنتاج معرفي علمي استعان به الغرب ونقل عنه المعارف وقطف ثمار العصر الذهبي للعرب والمسلمين، مما مكنه من شق طريقه نحو التطور والحداثة، بينما نحن أهدرنا هذه الإنجازات في غمرة الصراعات السياسية والاحتقان المذهبي والتعصب الديني والاقتتال الطائفي.”

لا شك في أن الغرب قد استعان، للخلاص من ظلمات القرون الوسطى، بما تحقق للعرب والمسلمين من منجزات في مجالات كثيرة. ولكن هذه الرؤية هي الأخرى ذات جانب واحد، إذ إن العرب والمسلمين أنفسهم قد استعانوا، لبناء الدولة الأموية والدولة العباسية، بمنجزات اليونان وفارس في العلوم والفلسفة والمنطق والتنظيم والإدارة، من خلال تكثيف ترجمة المنجزات اليونانية في العلم والفلسفة والرياضيات وغيرها، والتي لعب المسيحيون العرب والكلدان والآشوريين والسريان، على نحو خاص، دورهم المميز والأساسي في ترجمتها إلى اللغة العربية، إضافة إلى اللغة السريانية. أشير إلى هذا لأوكد بأن الشعوب تتعلم من بعضها في مختلف مجالات العلم والفلسفة والأدب والثقافة. حصل هذا في السابق ويحصل اليوم وسيحصل في المستقبل أيضاً، وهو أمر ضروري ولا يمكن بناء الحضارة الحديثة دون الدمج العملي بين التراث الإيجابي لشعوبنا من جهة، وما تحقق للغرب الأوروبي والعام من منجزات في جميع مجالات العلوم المختلفة والفلسفة، ولاسيما في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء والطب، والتقنيات الأكثر حداثة، في ثورتهم العلمية التقنية ومنجزاتها الكبيرة. أما وأن العرب قد دخلوا في صراعات سياسية واحتقان مذهبي.. الخ، فهي مسألة سأعود إليها في ملاحظة أخرى.  

الملاحظة الثالثة: في فقرة أخرى يعيد الأستاذ حسن العاصي ما يؤكده تاريخنا العربي الرسمي ويردده الكثير من الكتاب العرب والمسلمين واحداً بعد الآخر، حيث يكتب: “الأمة العربية والإسلامية دخلت العصر الظلامي حين دمّر المغول بيت الحكمة في بغداد عام 1258 ورموا أمهات المخطوطات العربية ونفائس كتب الطب والفلك والرياضيات في نهر دجلة.”

ولكن إلى ماذا تشير الحقائق التاريخية، كما أرى، بهذا الصدد. الحقيقة التاريخية العلمية تقول غير ذلك. لقد كان القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، قمة ما وصل إليه العصر العباسي، رغم وجود جوانب سلبية كثيرة وكبيرة فيه. (يمكن الاطلاع في هذا الصدد على الكتاب المهم للدكتور عبد العزيز الدوري الموسوم ” تاريخ العراق الاقتصاد في القرن الرابع الهجري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، طبعة ثالثة 1995). ولكن، ومنذ منتصف القرن الحادي عشر والثاني عشر حتى منتصف القرن الثالث عشر كانت الدولة العباسية في تدهور شديد من حيث الفكر والسياسة، وفي الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وفي ارتكاب المظالم بحق الناس من جانب الخلفاء والولاة والحكام وشيوخ الدين والفقهاء المسلمين. لقد انتعشت الدولة العباسية في فترات مختلفة، ولكنها لم تخل من مالم وتمييز. وعهد الخليفة عبد الله المأمون (786-833م) تميز بالانفتاح على الثقافات والأفكار واهتم بالترجمة والتأليف. وقد برز الكثير من العلماء الممتازين في عهده. كما كان للمعتزلة دورهم الكبير في الحكم وشؤون الدين والمجتمع، لتبني المأمون رؤيتهم في هذه الأمور، ولاسيما في الموقف المعروف من خلق القرآن والصراع العنيف مع الحنابلة في هذا الصدد وممارسة الاستبداد الفكري ضد أتباع الرأي الآخر، ولاسيما ضد الحنابلة، تماماً كما مارس الحنابلة ذات الأساليب القهرية إزاء من كان يحمل راياً في تفسير القرآن أو السنة المحمدية أو عموم الفقه الحنبلي.

وفي القرن الحادي عشر، حيث أقيمت دولة السلاجقة في إطار الإمبراطورية العباسية، لعب الفقيه الكبير أبو حامد محمد الغزّالي الطوسي النيسابوري الصوفي الشافعي الأشعري (1058-1111م) دوراً تخريبياً ضد ما تحقق قبل ذاك من تطور في علوم الفلسفة والرياضيات والفيزياء وغيرها. إذ ناهض أي إعمال فعلي للعقل، ووقف ضد الفلسفة والمنطق والرياضيات والفيزياء وترجمة الفكر اليوناني، وضد كل ما هو عقلي وعقلاني واستقر جامداً على النقل وليس العقل، كما ناهض فكر أخوان الصفا والمعتزلة. وشاركه في هذه العمل التخريبي في الفكر العربي وفي عقول المسلمين الوزير نظام الملك، قوام الدين أبو علي الحسين بن علي بن إسحاق بن العباس الطوسي (1018-1092م)، الذي أأقام مدارس المدارس النظامية التي اختصت بتدريس فقد الغزالي على نحو خاص. وكان أبو حامد الغزالي أبرز المدرسين في هذه المدارس.

لقد بدأ عصر العتمة وخراب الدولة العباسية ودخول العصر الظلامي قبل الغزو المغولي بعقود كثيرة، إذ لولا الخراب والانهيار الداخلي في الدولة العباسية والصراعات على السلطة والمال والنفوذ الذي تفاقم في تلك الفترة وفي عهد عبد الله المستعصم بالله (أبو عبد المجيد “المستعصم بالله” عبد الله بن منصور المستنصر بالله( 1213-1258م) لما استطاع هولاكو غزو بغداد والإجهاز عليها، لقد كان غزو هولاكو بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير! إن ما حصل أثناء غزو هولاكو كان نتيجة وليس السبب في تدهور الأمة العربية والمسلمين.

الملاحظة الرابعة: لقد شهدت بلاد الشام (راجع: د. ماهر الشريف، رواد الحداثة المجتمعية والدعوة الوطنية في بلاد الشام، الحوار المتمدن-العدد: 2678 – 2009 / 6 / 15)، ومصر حركة تنويرية بطيئة ووجلة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ولكنها توقفت منذ الربع الأول القرن العشرين تقريباً ودفنت على عجل ولم تنتعش حتى الوقت الحاضر، رغم وجود بعض المظاهر المدنية التي تشكل جزءاً من مفهوم وعناصر عملية التنوير المجتمعية. في المجتمعات العربية توجد نسبة مناسبة من المثقفين المتنورين الذين يسعون إلى نشر التنوير، ولكنهم حتى الآن عاجزون عن إنجاز ذلك. وهذا العجز لم ينشأ عن عجز الأشخاص أنفسهم، أي ليس لعجز شخصي في المواطن المثقف في الدول العربية، بل في طبيعة علاقات الإنتاج السائدة في الدول العربية والدول ذات الأكثرية المسلمة، في تخلف بنية الاقتصاد الوطني في كل منها، وفي البنية الطبقية المشوهة للمجتمع الناجمة عن الواقع الاقتصادي، والتي تتجلى بشكل واضح في وعي الإنسان وقدرته على إعمال العقل لفهم واقعه وما يحيط به وما يفترض تغييره. فالفكر الديني الجامد والمُجمِد لعقل الإنسان ورفض الرؤية الفلسفية للحياة والمجتمع والعلم، الرؤية غير النقدية للواقع والفكر الديني … كلها وغيرها تساهم في إنتاج الأرضية الرافضة للتنوير، إنتاج وإعادة إنتاج الإنسان غير الحر، العاجز عن التفكير المستقل، وغير العقلاني والرافض للتغيير. إنها الحالة الراهنة التي تعيش تحت وطأتها الغالبية العظمة من شعوب الأمة العربية والمسلمين في أنحاء العالم.

أي توجه صوب التنوير في الدول العربية يستوجب خوض النضال بلا هوادة من أجل تغيير علاقات الإنتاج السائدة فيها وتغيير بنية الاقتصاد الوطني، والتي ستساهم بدورها في تغيير البنية الطبقية للمجتمع ووعي الإنسان. إنها عملية صيرورة وسيرورة معقدة ومتلازمة أو متشابكة، ولكن لا بديل عنها. وإذا كان الغرب المتنور قد وقف طيلة العقود المنصرمة لا ضد التنوير فحسب، بل بالأساس ضد التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربي والدول الأخرى ذات الأكثرية المسلمة، ضد تغيير بنية الاقتصاد، ضد التصنيع وتحديث الزراعة، لأنه يدرك بأن هذا التغيير هو الذي يقترن تماماً ويسهل عملية التنوير، التي يمكنها أن تخلق إنساناً حر التفكير وقادراً على إعمال عقله باستقلالية عالية. ورغم هذا الموقف من قبل العالم الغربي الرأسمالي الاستغلالي، لا يمكن لشعوب الدول العربية أن تنعزل عن الغرب، عن الحضارة الحديثة بكل منجزاتها العلمية والتقنية، عن عملية التنوير التي أصبح عمرها في الغرب الرأسمالي عدة مئات من السنين. لا يمكن للشعوب العربية أن تنعزل عن حضارة القرن الحادي والعشرين ولا عن المستوى الذي بلغته عملية التنوير فيها، ولا عن التأثر بهما. إن هذا التماس والتفاعل الضروريين لا يعني بأي حال عدم الاستفادة من التراث الحضاري الإيجابي للشرق العربي، مع بلورة تلك النقاط التي يراد الاستفادة منها والتخلص من سلبيات فترة الجهل والأمية وهيمنة الفكر الغيبي الخرافي على عقل وممارسات الإنسان في الدول العربية من جهة، والسعي لتجاوز ما يريد الغرب فرضه في الاقتصاد على استهلاك المنتج عندهم، دون تطوير القدرة على المبادرة والإبداع والتقدم، والي لا يمكن أن تحصل دون تغيير في طبيعة علاقات الإنتاج والتدني الراهن ف مستوى تطور القوى المنتجة، في غياب واسع للتصنيع والتحديث المناسب للزراعة وتغيير بنية المجتمع الطبقية، بما يخلق تلك القوى الحاملة للمجتمع المدني، الطبقة البرجوازية الوطنية والطبقة العاملة والفئات المثقفة المتنورة.           

إن المثقفين المتنورين من العرب وغير العرب في الدول العربية يمكنهم أن يساهموا بدور فعال في عملية التنوير في مجتمعاتهم، إذا ما ربطوا العملية الثقافية التنويرية بالنضال المشترك مع بقية فئات المجتمع من أجل إزالة المعوقات الكبيرة التي تقف بوجه التنوير، وهي كثيرة، بما فيها النظم الاستبدادية والرجعية القاهرة لإرادة ومصالح وطموحات الشعوب في المنطقة والمصادرة لحقوقهم العادلة والمشروعة، وكذلك سياسات هذه النظم التي تعتمد الريع النفطي والدولة الاستهلاكية بدلاً من الدولة ذات التنوع في إنتاج الدخل القومي، حيث يشارك القطاع الصناعي والزراعة الحديثة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية (البشرية) والتخلص من البطالة والفاقة والبؤس وغياب العدالة الاجتماعية.

الملاحظة الخامسة: منذ ما يزيد عن أربعة عقود والعالمين العربي والإسلامي يعيشان في وضع ردَّة فكرية وسياسية واجتماعية عميقة تشتد من حيث العمق والشمولية سنة بعد أخرى، حتى وصل الوضع إلى ما هو عليه واقع هذين العالمين في الوقت الحاضر، رغم المحاولات الجادة للمثقفين المتنورين وحركة شعبية متباينة في عمق مضامينها تفرض نفسها على هذا الواقع بين الحين والآخر، كما حصل فيما أطلق عليه بالربيع العربي والذي اختطف، في الغالب الأعم، بسرعة من قوى الردّة ذاتها، وبضمنها قوى الإسلام السياسي الرجعية والمتطرفة والعسكر.

لا شك في أن هذا الواقع المرير لا يشكل كل المشهد السياسي والاجتماعي في هذين العالمين، ولكنه ما يزال المهيمن على الساحة السياسية وبيده السلطات الثلاث في كل الدول العربية الشرق أوسطية والدول الأفريقية ذات الأكثرية المسلمة، إضافة إلى كل من إيران وتركيا وباكستان على نحو خاص. إلا إن المقاومة لهذه القوى المتطرفة وهذه النظم السياسية الدكتاتورية والثيوقراطية من جانب القوى الديمقراطية، وبضمنها الفئات المثقفة المتنورة وفئات البرجوازية الوطنية الصناعية وجمهرة من كادحي المدن والريف، ما تزال ضعيفة ولم ترتق إلى المستوى الذي تشكل فيه تهديداً لتك النظم، وبالتالي فالحديث عن عملية تنوير واسعة تشمل شعوب هذه الدول ما تزال بعيدة المنال وتستوجب توفير مستلزمات كثيرة ووقت غير قصير لبلورة جديدة لأساليب النضال التي يفترض أن تخوضها قوى التقدم والديمقراطية والعلمانية والتنوير في المجتمع ومع البشر مباشرة. ولا شك في أن هذه العملية قابلة للتحقيق، سواء اطال الزمن أم قصر. ولا يمكن أن يمنع دين المسلمين تحقيق عملية تنوير هذه المجتمعات، كما عجزت الديانات الأخرى منع ذلك. فالديانات كلها متماثلة من حيث الجوهر وتلتقي عند نقطة مركزية واحدة، موقفها المناهض للعلم وإعمال العقل والتفكير الفلسفي الحر.. سواء أكان هذا الدين يهودي أم مسيحي أم إسلامي، أم غيرها. وهي، رغم جوهرها المشترك، يحاول بعضها نفي البعض الآخر على مدى القرون المنصرمة. ورغم ذلك استطاعت البشرية أن تفرض عملية تنوير عميقة وواسعة في المجتمعات الأوروبية والغرب عموماً، وأن تباين مستوى التنوير، بمفرداته الكثيرة، في المجتمعات ذات الأكثرية المسيحية أو اليهودية، وعجزت البشرية حتى الآن عن تحقيق ذلك في المجتمعات ذات الأكثرية المسلمة، ولكن هذا لا يعني إنها غير قادرة على تحقيق ذلك في المستقبل شريطة أن يرتبط، كما ارتبط في الغرب المسيحي، بالتحولات الاقتصادية والاجتماعية وفي الوعي الفردي والجمعي، التي سهلت عملية الانتقال من العتمة إلى النور، ومن الظلمات إلى مجتمع الأنوار أو التنوير. الغالبية المسلمة لا تزال تعاني من هيمنة الرؤية الدينية الجامدة المتكلسة التي عمرها أكثر من 1400 سنة حتى الوقت الحاضر، رغم حركة الزمن، أو ما أطلق عليه الدكتور فالح مهدي بصواب “العقل الدائري” في كتابه الموسوم “نقد العقل الدائري”، (الدكتور فالح مهدي، الخضوع السني والإحباط الشيعي، نقد العقل الدائري، بيت الياسمين للنشر والتوزيع، القاهرة – جمهورية مصر العربية، الطبعة الأولى 2015)، حيث وضع اصبعه على الخلل في الفكر والتفكير، والذي حاولت الإشارة إليه في متن هذا المقال.                      

وأخيراً، فقد وفَّر لنا الأستاذ حسن العاصي مشكوراً فرصة المشاركة في النقاش حول موضوع حيوي وأساسي في منطقة الشرق الأوسط، والذي أمل أن يتسع النقاش ليساهم في نشر الفكر التنويري في مجتمعاتنا الراهنة.

05/09/2018         

 

 

 

 

RELATED ARTICLES

1 COMMENT

  1. هل صحيح أن الأستاذ إنبهر بمطالعة كتب التاريخ العربي من العهد الراشدي ؟ أو حتى العصر الأموي أيضاً وحتى العباسي العربي قبل المأمون الفارسي ، الحضارة كانت فارسية قبل الإسلام وقرنين من الظلام الإسلامي لم يُكتب فيها حرف إلا على يد الفرس المستعربين إبتداء من عصر المأمون وبدأ الإزدهار ، السقوط كان نتيجة التنافس التركي الفارسي والخليفة العربي فهاجمهم المغول ولم يحرق كتاباً لعل العنعنات جعلت هولاكو مكان سعد بكتب الفرس , هل يستطيع هذا المثقف أن يتنوّر ؟ يستدل بالخرافات ليستنير ؟ عيشوا في هذه الدوامة إلى الأبد ، أرجو من الأستاذ الحبيب أن لا يتوهم بهؤلاء, إما يقرأ الكتاب المدون في زمن الحدث أو لا يقرأ المعنعنات وشكراً

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular